الاستثمار والابتكار والكلف.. ثلاثية لرفع مساهمة الصناعة في الاقتصاد

أسواق جو

عمان – أكد صناعيون أن تعزيز مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي يتطلب تبني سياسات إستراتيجية متكاملة ترتكز على الابتكار وتنويع الصادرات الوطنية وخفض كلف الإنتاج، إلى جانب تحفيز الاستثمار.

وأشار هؤلاء، في أحاديث لـ”الغد”، إلى أن الصناعة تشكل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني في ظل مساهمتها المباشرة التي تصل إلى 25 % بعد قطاع الخدمات الذي يسهم بنسبة 40 %، وبذلك هي قادرة على دفع عجلة النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل مستدامة وتعزيز قدرة الأردن على المنافسة إقليميا ودوليا، شريطة تسريع الإصلاحات وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص بما يحقق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي.

وبينوا أن رفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي سينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني من خلال توفير فرص عمل نوعية للشباب وخفض معدلات البطالة وزيادة إيرادات خزينة الدولة، فضلا عن تعزيز الميزان التجاري وتقليل الاعتماد على المستوردات، بما يرسخ مفهوم الاعتماد على الذات ويعزز مكانة الأردن التنافسية إقليميا ودوليا.
ويضم القطاع قرابة 17 ألف منشأة صناعية وحرفية توظف قرابة 268 ألف عامل، فيما ينتج 1500 سلعة ويصدر 1400 سلعة متنوعة من إجمالي 5300 سلعة منتجة ومتداولة في العالم.
يشار إلى أن منتجات القطاع تصل إلى أسواق 150 دولة حول العالم، بقيمة وصلت إلى 8.579 مليار دينار.
الجغبير: رفع مساهمة القطاع يتطلب تبني خطوات استراتيجية متكاملة
وقال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان م.فتحي الجغبير “إن القطاع الصناعي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، إذ يسهم بشكل مباشر بحوالي 25 % من الناتج المحلي، وتصل مساهمته إلى نحو 45 % بشكل مباشر وغير مباشر نتيجة ترابطاته مع مختلف القطاعات الاقتصادية، حيث يولد كل دينار ينتج في هذا القطاع قيمة اقتصادية تصل إلى نحو 2.17 دينار”.
وأضاف الجغبير “أن رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي يتطلب تبني خطوات استراتيجية متكاملة، ترتكز على تعزيز القيمة المضافة من خلال رفع التنافسية وخفض الكلف، وخاصة كلف الطاقة التي تشكل عبئا رئيسيا بما يجعل المنتجات الوطنية أكثر قدرة على المنافسة داخليا وخارجيا”.
وشدد على أهمية تعزيز سلاسل القيمة وتشجيع الاستثمارات النوعية، إلى جانب تطوير الصناعات الأساسية والمواد الخام الأولية بما يقلل الاعتماد على الواردات ويرسخ قاعدة إنتاج محلية قوية.
تنويع الصادرات الصناعية واستثمار الاتفاقيات التجارية
وأشار الجغبير إلى أن تطوير الصناعة الوطنية يقوم على الابتكار وتبني تقنيات التصنيع المتقدم، وتنويع الصادرات الصناعية عبر الانفتاح على أسواق غير تقليدية واستثمار الاتفاقيات التجارية، إضافة إلى الاستثمار في تدريب وتأهيل العمالة الماهرة وربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل الصناعي.
ولفت الجغبير إلى أن الدور الحكومي يشكل ركيزة رئيسية لإنجاح هذه الجهود عبر وضع سياسة صناعية وطنية طويلة الأمد مرتبطة بأهداف رؤية التحديث الاقتصادي، تقوم على تبسيط الإجراءات والحد من البيروقراطية، وتوفير الحوافز المناسبة، إضافة إلى دعم فتح الأسواق الخارجية وحماية الصناعة المحلية من المنافسة غير المشروعة.
انعكاسات رفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي
وبين أن انعكاسات رفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي ستظهر بوضوح في توفير فرص عمل مستدامة وخفض معدلات البطالة وزيادة إيرادات الدولة، وتحسين ميزان المدفوعات عبر تقليل الاعتماد على المستوردات وتعزيز الاكتفاء الذاتي في قطاعات استراتيجية، كالغذاء والدواء، كما سيعزز ذلك من مكانة الأردن التنافسية إقليميا ودوليا من خلال منتجات ذات جودة عالية وقيمة مضافة مرتفعة.
وأكد الجغبير أن التكامل بين القطاع الصناعي والقطاعات الأخرى، مثل الزراعة والطاقة والخدمات اللوجستية، يشكل مدخلا أساسيا لتحقيق نمو صناعي مستدام؛ حيث يسهم التكامل مع الزراعة في توفير المواد الخام للصناعات الغذائية والدوائية، فيما يقلل التكامل مع الطاقة المتجددة من كلف الإنتاج ويعزز الاستدامة، ويساعد التعاون مع الخدمات اللوجستية في تسهيل الوصول إلى الأسواق بكفاءة أعلى.
وأوضح الجغبير أن تحسين بيئة الاستثمار الصناعي وتخفيض كلف الإنتاج، خاصة في مجالي الطاقة والضرائب، يشكلان ركيزة جوهرية لتعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية وزيادة إنتاجيتها وصادراتها، بما ينعكس إيجابا على النمو الاقتصادي.
تحديات القطاع الصناعي
وأكد الجغبير أن الصناعة الوطنية، رغم إمكاناتها الكبيرة، ما تزال تواجه تحديات هيكلية، أبرزها ارتفاع كلف التشغيل، وضعف القدرات التسويقية، والبيروقراطية، والمنافسة غير العادلة، مشيرا إلى أن المطلوب اليوم هو تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير حلول عملية تعزز مكانة الصناعة وتدفع بمساهمتها في الاقتصاد الوطني إلى مستويات أعلى.
أبو حلتم: التوسع في الصناعات التحويلية أساس رفع الإنتاجية وتعزيز الصادرات
وأكد رئيس جمعية شرق عمان الصناعية الدكتور إياد أبو حلتم، أن القطاع الصناعي يعد من الركائز الأساسية في الاقتصاد الوطني؛ حيث تسهم الصناعات التحويلية وحدها بما نسبته نحو 17.3 % من الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب مساهمات قطاعات صناعية أخرى، ما يعكس أهمية هذا القطاع في دعم النمو الاقتصادي وتعزيز الاعتماد على الذات.
وقال أبو حلتم “إن زيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي تمر عبر دعم وتسهيل الاستثمار، سواء المحلي أو الأجنبي، والتوسع في الصناعات التحويلية، لما لذلك من أثر مباشر في رفع الإنتاجية وتعزيز الصادرات”.
وأكد أن الابتكار وتوطين التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الأخضر باتت اليوم أسسا جوهرية للسياسة الصناعية، ما يتطلب رصد موازنات كافية للتشبيك مع الجامعات ومراكز البحث العلمي وتوطين التقنيات الحديثة.
وأشار أبو حلتم إلى أن تطوير المدن والمناطق الصناعية على مبدأ “العناقيد الصناعية” لتحقيق التكامل والترابط ضمن منطقة جغرافية محددة يمثل مدخلا رئيسا لتحقيق قفزة نوعية في مساهمة الصناعة التحويلية، لافتا إلى أن التجارب العالمية، مثل تركيا، أثبتت نجاح هذا النهج من خلال تخصيص مناطق صناعية متكاملة تتمتع ببنية تحتية متطورة وحوافز ضريبية وغير ضريبية، إلى جانب تدريب وتأهيل الكوادر البشرية.
القطاعات الصناعية الواعدة بقيمتها المضافة
وبين أبو حلتم أن القطاعات الواعدة التي يمكن أن تشكل قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد الأردني تشمل الصناعات الهندسية عالية التقنية لتصنيع الماكينات والأتمتة وتوظيف التكنولوجيا، الصناعات الغذائية ذات التكنولوجيا المتقدمة، الصناعات الكيماوية وخاصة الأسمدة والمنظفات، إضافة إلى صناعة الألبسة ذات القيمة المضافة العالية التي تحقق تكاملا وترابطا مع قطاعات أخرى.
وشدد أبو حلتم على أن التشريعات المحفزة وتبسيط الإجراءات شرط أساسي لجذب الاستثمارات النوعية، موضحا أن قانون البيئة الاستثمارية يمثل خطوة إيجابية، إلا أن المطلوب هو توحيد الجهات الرقابية، وتسهيل إجراءات الترخيص والتفتيش بما يضمن دعم القطاع الصناعي لا إعاقته.
وأكد أبو حلتم أن تطوير بيئة صناعية قائمة على الابتكار والتكامل الصناعي من شأنه أن يسهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي بما لا يقل عن 5.5 % سنويا، ويوفر فرص عمل نوعية للأردنيين، ويعزز الصادرات الأردنية إلى الأسواق العالمية.
الصمادي: ضرورة تقديم حوافز مشجعة للمستثمرين وتخفيض كلف الإنتاج
من جهته، أكد نائب رئيس مجموعة صناعية كبرى وعضو مجلس إدارة جمعية الأعمال الأردنية الأوروبية المهندس محمد الصمادي، أن القطاع الصناعي يمثل ركيزة أساسية لتحقيق النمو المستدام في الاقتصاد الأردني، وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي تعني توسيع القاعدة الإنتاجية الوطنية، وتوفير فرص عمل نوعية، وتعزيز تنافسية الأردن في الأسواق الإقليمية والعالمية.
وأوضح الصمادي أن القطاع الصناعي يسهم اليوم بأكثر من 25 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعكس دوره الحيوي كأحد أهم المحركات الاقتصادية، إذ يمتلك القدرة على دفع عجلة النمو وزيادة الصادرات وتعزيز الميزان التجاري.
وبين الصمادي أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب خطوات عملية واضحة تقوم على تطوير بيئة الأعمال من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية، وتخفيض كلف الإنتاج، ولا سيما أسعار الطاقة ورسوم النقل والضرائب، إضافة إلى توفير حوافز مشجعة للمستثمرين الصناعيين.
وأشار إلى أن الأثر الاقتصادي لزيادة مساهمة الصناعة سيكون مباشرا وواسعا؛ فمن ناحية الإنتاج يسهم التوسع الصناعي في تقليص فجوة الاستيراد وزيادة الاعتماد على المنتج المحلي، ومن ناحية الصادرات يعزز الاتجاه نحو منتجات ذات قيمة مضافة قادرة على المنافسة عالميا، ما يحسن ميزان المدفوعات ويرفع من احتياطي العملات الأجنبية.
ولفت الصمادي إلى أن من أبرز الخطوات المطلوبة لرفع مساهمة القطاع بالناتج المحلي الإجمالي تلك المتمثلة في توسيع قاعدة التمويل الصناعي عبر برامج تسهيلات مرنة وتشجيع الابتكار وربط المصانع بمراكز البحث والتطوير، مما يسهم في رفع جودة المنتج الأردني وزيادة تنافسيته في الأسواق العالمية.
وشدد على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري، عبر برامج تدريب وتشغيل متخصصة، وتعزيز التحول الرقمي وتبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لرفع الإنتاجية، مؤكدا أهمية الالتزام في تنفيذ مضامين رؤية التحديث الاقتصادي التي وضعت الصناعة كأحد المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي.
القطاع الصناعي في أهداف رؤية التحديث الاقتصادي
يشار إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الطموحة في قطاع الصناعة، منها تعزيز مشاركة المرأة والشباب، وتوسيع الإنتاج المحلي، وتقليل الاعتماد على الواردات، وزيادة الصادرات الوطنية، وتوفير فرص عمل نوعية، وخفض تكاليف الإنتاج، وتوفير الغاز للمناطق الصناعية، إضافة إلى تحسين الإنتاجية ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع الاستثمارات المحلية والدولية وتعزيز الشراكات، وتحسين البيئة التشريعية، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين.
ووضعت رؤية التحديث الاقتصادي القطاع الصناعي على رأس أولوياتها من خلال مضاعفة حجم الإنتاج المحلي الإجمالي، بهدف توفير 260 ألف فرصة عمل بحلول العام 2033، والتركيز على القطاعات الصناعية الإستراتيجية والواعدة لتحقيق ميزة تنافسية، وزيادة مساهمة الصادرات في النمو الإجمالي داخل القطاع.

طارق الدعجة – نقلا عن صحيفة الغد

Related posts

جلسة نقاشية لاتحاد العمال حول “اقتصاد الرعاية”

وزير الصناعة يدعو لتعزيز الشراكة الاقتصادية مع أميركا وزيادة الصادرات

الأردن يشارك في اجتماعات العمل الإحصائي بعُمان