أسواق جو
أتوقع أن عملية تحويل مركبتي من الوقود إلى الغاز تحتاج إلى مبلغ كبير أدفعه مرة واحدة مقابل تركيب النظام الخاص بالغاز، هذا أول من تبادر لذهن يزن عبدالله لدى قراءته خبرا حول استخدامات الغاز الطبيعي في قطاع النقل.
ويرى عبدالله، الموظف في القطاع الخاص، أن تحويل المركبات للعمل بالغاز هو وصلها بما يشبه أسطوانة الغاز توضع في مكان ما بالسيارة، وربما إجراء تغييرات على المحرك أو نظام التزويد بالوقود.
بيد أن محمود ماهر أبدى قلقه من فكرة التحويل سواء للسيارات أو حتى لوسائط النقل التي تجوب الشوارع، موضحا أن الأخبار التي انتشرت مؤخرا أشارت إلى أن العمل بالغاز يشمل أيضا الحافلات والشاحنات وهذا أمر مقلق من نواحي السلامة والأمان.
كما يتساءل ماهر إذا ما ستكون هناك محطات كافية لتعبئة الغاز في المناطق المختلفة على غرار نقاط شحن المركبات الكهربائية فإذا لم تكن شبكة المحطات واسعة، فإن الأمر سيصبح معقدا وصعب التطبيق، حتى لو كان الغاز أوفر من البنزين.
ومع تزايد الحديث عن توجه رسمي لتوسيع استخدامات الغاز الطبيعي في قطاع النقل، تتباين تصورات المواطنين ما بين الأمل في خفض كلف الوقود والتخوف من أعباء التحويل ومخاطره.
فبينما يرى البعض أن تركيب أنظمة الغاز في السيارات قد يشكل عبئا ماليا يفوق قدرتهم، يشير آخرون إلى ضرورة ضمان شبكة محطات تعبئة وأنظمة فنية موثوقة قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة.
وفي جانب الأمان، تبين هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن أنها أجرت مع الجهات ذات العلاقة الدراسات اللازمة، واطلعت على تجارب الدول المجاورة والممارسات العالمية والآمنة، لتحديد الشروط والمتطلبات الفنية اللازمة لتوفير خدمة تحويل المركبات المتاحة للعمل بنظام (Dual Fuel) بنزين/غاز طبيعي، وديزل/غاز طبيعي، وبحيث تتم عملية التحويل بصورة آمنة وفعالة.
وفي شأن الكلف، يؤكد خبير شؤون الطاقة هاشم عقل أن أبرز ما يواجه المواطنين عند التفكير بتحويل سياراتهم للعمل بالغاز الطبيعي هو الكلفة المبدئية المرتفعة، إذ تتراوح عالميا بين 500 و1000 دينار للسيارة الواحدة.
ويشير إلى أن هذا المبلغ يشكل عبئا ماليا على كثير من أصحاب المركبات، خصوصا أن أي مشروع للتحويل يحتاج إلى بنية تحتية مناسبة من محطات تعبئة غاز، وهو ما يتطلب بدوره استثمارات كبيرة.
ويوضح عقل أن الأثر المباشر للكلف يظهر بوضوح في قطاع سيارات الأجرة، حيث يستهلك التاكسي الواحد في عمان نحو 600 لتر بنزين شهريا بكلفة تصل إلى ما يقرب 510 دنانير، في حين تنخفض الفاتورة إلى 255 دينارا في حال استخدام الغاز. وهذا يعني أن كل سيارة توفر 255 دينارا شهريا أي ما يقارب 3060 دينارا سنويا، ومع وجود 30 ألف سيارة أجرة فإن إجمالي الوفر يصل إلى نحو 92 مليون دينار في السنة.
وشهد استهلاك الأردن من المشتقات النفطية تراجعا بنسبة 5 % خلال النصف الأول من العام الحالي، ليبلغ نحو 1.747 مليار لتر مقابل 1.836 مليار لتر في الفترة نفسها من العام الماضي.
ووفقا لبيانات وزارة الطاقة والثروة المعدنية، انخفض الطلب على بنزين (أوكتان 90) بنسبة 7 % ليسجل نحو 770 مليون لتر مقارنة مع 826.7 مليون لتر في النصف الأول من 2024. في المقابل، ارتفع الطلب على بنزين (أوكتان 95) بنسبة طفيفة بلغت 2 % ليصل إلى 70.8 مليون لتر، مقابل 69.8 مليون لتر للفترة ذاتها.
أما مبيعات مادة السولار فقد تراجعت بنسبة 3 % لتسجل ما يقارب 846 مليون لتر، مقارنة مع 869.4 مليون لتر خلال الأشهر الستة الأولى من العام الماضي.
ويبين عقل أن الحافلات الصغيرة والمتوسطة تمثل شريحة أخرى تثقلها كلف الوقود، إذ يستهلك الواحدة منها ما لا يقل عن 40 لترا يوميا. وإذا جرى تحويل 10 آلاف حافلة للعمل بالغاز فإن حجم الوفر يتجاوز 80 مليون دينار سنويا، ما يضيف وفرا كبيرا إلى جانب ما يحققه قطاع سيارات الأجرة.
ويرى عقل أن هذه الأرقام توضح أن التحويل إلى الغاز الطبيعي ليس مجرد خيار إضافي بل ضرورة اقتصادية، رغم الكلف الأولية التي يتحملها المواطن.
ويشدد على أن وجود حوافز ضريبية أو قروض ميسرة يمكن أن يخفف العبء المالي ويسهل عملية التحويل، مع التأكيد على أن العائد على المدى الطويل يفوق بكثير ما يدفعه المواطن في البداية، سواء على مستوى فاتورته الشهرية أو على مستوى الاقتصاد الوطني ككل.
يذكر أن خطة شركة البترول الوطنية تنص على زيادة الكميات المنتجة من حقل الريشة لتصل إلى 418 مليون قدم مكعب بحلول عام 2030، ضمن خطة تطوير شاملة تشمل إنشاء خط غاز بطول 320 كم يمتد من حقل الريشة إلى منطقة الخناصري لربط الحقل بخط الغاز العربي، ليتم إيصال غاز الريشة إلى مختلف المناطق الصناعية ومحطات توليد الكهرباء في المملكة.
نقلا عن صحيفة الغد الأردنية