في ظل الأحداث العالمية المتسارعة، أصبح من الضروري فهم التطورات الاقتصادية في المنطقة العربية، وتحديدًا في الأردن، خلال شهر يونيو 2025.
من تقلبات أسعار الطاقة، إلى ارتفاع نسب البطالة، إلى تحديات التمويل والدين العام، يعيش الاقتصاد الأردني مرحلة دقيقة تحتاج إلى تحليل شامل وربط بالأوضاع الإقليمية.
في هذا التقرير، نسلّط الضوء على مؤشرات الاقتصاد الأردني في يونيو 2025، ثم ننتقل لتحليل الأداء العربي بمختلف مناطقه، مع نظرة مستقبلية وتوصيات.
🇯🇴 أولًا: الاقتصاد الأردني في يونيو 2025 – بين الأمل والضغط
1. النمو الاقتصادي:
رغم التحديات، أشارت تقارير حكومية إلى تسجيل نمو سنوي بنسبة 2.8% في الربع الثاني من العام، وهو أقل من المتوقع لكنه يشير إلى وجود حراك اقتصادي مستمر.
هذا النمو جاء مدفوعًا بثلاثة قطاعات رئيسية:
-
الزراعة: بسبب زيادة الصادرات إلى الخليج بنسبة 12%.
-
السياحة: التي انتعشت جزئيًا في يونيو بفضل موسم العمرة والعطلات.
-
الخدمات المالية: خصوصًا التكنولوجيا المالية (FinTech).
2. التضخم وارتفاع الأسعار:
بلغ معدل التضخم 4.7% في يونيو، مدفوعًا بأسعار المواد الغذائية والنقل.
اللافت أن أسعار المحروقات ارتفعت بنسبة 9.2% مقارنة بشهر مايو، ما أثر مباشرةً على تكلفة النقل العام والسلع الأساسية.
3. الدين العام والعجز:
سجّل الدين العام الأردني رقمًا قياسيًا جديدًا، ليتجاوز 115% من الناتج المحلي الإجمالي.
وقد صرّح وزير المالية أن الحكومة تسعى إلى إعادة هيكلة الدين الخارجي خلال 2025–2026 عبر تفاهمات مع مؤسسات دولية.
🔗 اقرأ أيضًا: أسباب ارتفاع الدين العام الأردني
📊 ثانيًا: مؤشرات البطالة وفرص العمل في الأردن
معدل البطالة في الأردن لا يزال مرتفعًا عند 21.4%، وهو رقم مقلق، خصوصًا مع تفشي البطالة بين فئة الشباب، حيث تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 38% من الشباب الأردني دون عمل.
من جهة أخرى، أطلقت الحكومة بالتعاون مع القطاع الخاص مبادرة “التوظيف الأخضر”، والتي تهدف إلى خلق 15,000 وظيفة في مجال الطاقة الشمسية والمشاريع البيئية خلال عام 2025.
💰 ثالثًا: القطاع البنكي والسياسة النقدية
قام البنك المركزي الأردني خلال يونيو باتباع سياسة نقدية مرنة، حيث ثبت أسعار الفائدة للمرة الثالثة هذا العام، بهدف تحقيق التوازن بين:
-
الحفاظ على استقرار الدينار
-
دعم التسهيلات الائتمانية للقطاع الخاص
رغم أن تثبيت الفائدة جاء مخالفًا للاتجاه العالمي نحو الرفع، إلا أن البنك المركزي أكد أن الاحتياطي الأجنبي مستقر، ويغطي أكثر من 7 أشهر من الواردات.
🌍 رابعًا: الاقتصاد العربي في يونيو 2025 – خارطة متباينة
الوضع في العالم العربي خلال يونيو 2025 كان متنوعًا جدًا، مع وجود دول تحقق فوائض مالية، وأخرى تغرق في التضخم وأزمات التمويل.
1. دول الخليج (السعودية، الإمارات، قطر):
شهدت استقرارًا نسبيًا بفضل استقرار أسعار النفط فوق حاجز 83 دولارًا للبرميل، واستمرار تدفقات الاستثمارات في قطاعات مثل الصناعة والتقنية والطاقة النظيفة.
السعودية أعلنت عن تحقيق فائض في الموازنة بقيمة 28 مليار ريال، في حين افتتحت الإمارات أول مدينة صناعية خضراء بنسبة طاقة متجددة 100%.
2. مصر:
واجهت مصر أزمة كبيرة في سعر صرف الجنيه، حيث فقد أكثر من 15% من قيمته خلال النصف الأول من العام، كما ارتفع التضخم إلى 34.3% في يونيو.
رغم الدعم الخليجي، إلا أن التحديات التمويلية لا تزال قائمة، خاصة مع استمرار خدمة الدين الخارجي الضخمة.
3. لبنان وسوريا:
لا تزال الأزمات الاقتصادية تراوح مكانها، مع غياب إصلاحات حقيقية، وارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية.
في لبنان، سعر صرف الليرة وصل إلى 142,000 مقابل الدولار، وسط شلل سياسي ومؤسساتي.
📈 خامسًا: التوقعات المستقبلية لشهر يوليو 2025
بحسب تقرير صندوق النقد العربي، فإن التوقعات تشير إلى:
-
استمرار الضغوط التضخمية في الدول المستوردة للطاقة
-
تحسّن نسبي في التجارة البينية العربية
-
استقرار أسواق النفط عند مستوياتها الحالية
بالنسبة للأردن، يعتمد التحسّن الاقتصادي على 3 عناصر رئيسية:
-
استقرار أسعار المحروقات عالميًا
-
فعالية خطة “النمو الأخضر”
-
تحسن الوضع السياسي الإقليمي، خصوصًا مع قرب الانتخابات اللبنانية والعراقية
ما الذي يمكن فعله؟
من الواضح أن الاقتصاد الأردني يمر بمرحلة دقيقة جدًا، لكنه ليس وحده في ذلك، بل هو جزء من منظومة عربية تحتاج إلى تنسيق أعمق، وتحفيز داخلي مدروس.
بالتالي، فإن الإصلاح الحقيقي يتطلب:
-
دعم الإنتاج المحلي
-
الحد من الاعتماد على الخارج
-
تحسين بيئة الاستثمار الداخلي
اقرأ أيضًا: تحليل تأثير الدين العام على الاقتصاد الأردني