اسواق جو – يواصل الاقتصاد الأردني إظهار بوادر تعافٍ ملحوظ ونمو تدريجي في عدد من المؤشرات الجوهرية، يأتي في مقدمتها الأداء المتصاعد للصادرات الوطنية إلى دول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى هذا النمو ليس مجرد ارتفاع رقمي في حجم الصادرات، بل يمثل تحوّلًا نوعيًا في بنية الاقتصاد، ويعكس نجاحًا واضحًا للاستراتيجيات الاقتصادية الرامية إلى تعزيز الإنتاج المحلي وتوسيع نطاق الأسواق الخارجية فالأردن، الذي يواجه تحديات اقتصادية على مستويات متعددة، يجد في تحريك قطاع التصدير أحد أهم محركات النمو وأكثرها استدامة.
وفقًا لبيانات دائرة الإحصاءات العامة، ارتفعت الصادرات الأردنية إلى الدول العربية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي بنسبة 9.4%، لتصل إلى 2.887 مليار دينار مقارنة مع 2.638 مليار دينار في الفترة ذاتها من العام الماضي وتشكل هذه الصادرات ما نسبته 41.3% من مجمل صادرات المملكة، وهو ما يؤكد مركزية السوق العربية كفضاء اقتصادي مهم للصناعات الوطنية.
هذا الارتفاع لا يُقرأ بمعزل عن المتغيرات الاقتصادية الإقليمية والدولية، بل يأتي انعكاسًا لتحسن القدرة الإنتاجية للقطاعات الوطنية، وتزايد فاعلية البرامج الحكومية التي تتبنى منهجية جديدة في إدارة الملف الاقتصادي، قائمة على التصدير كأداة أساسية لتحريك عجلة النمو كما يشير هذا النمو إلى قدرة الأردن على الاستفادة من الاتفاقيات التجارية، وفي مقدمتها منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، التي أسهمت في إزالة الرسوم الجمركية وتسهيل انسياب السلع، وهو ما منح المنتجات الأردنية قدرة تنافسية أعلى في الأسواق الإقليمية.
ولا يقتصر النمو على القيمة الإجمالية للصادرات، بل يمتد إلى تنوعها، وهو مؤشر بالغ الأهمية في التحليل الاقتصادي. فقد شملت الصادرات :الأسمدة، الأدوية، الخضروات والفواكه الطازجة والمجمدة، الأملاح، مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة، المحضرات الغذائية، الأقمشة والملابس، الأثاث والدهانات. هذا التنوع يعكس تطور القاعدة الصناعية والزراعية الأردنية، وقدرتها على تلبية الطلب المختلف داخل الأسواق العربية، وهو ما يشكل عامل قوة في ظل المنافسة الإقليمية الشديدة.
كما يعكس النمو زيادة في الطلب على المنتجات الأردنية داخل الأسواق العربية، وهو ما يشير إلى ارتفاع مستوى الثقة بالجودة الأردنية، خصوصًا في قطاعي الصناعات الدوائية والأسمدة، اللذين يعدّان من القطاعات الريادية التي استطاعت أن تفرض حضورها عربيًا ودوليًا. وتزايد الصادرات الزراعية، سواء الطازجة أو المجمدة، يعكس نجاح الأردن في إعادة هيكلة منظومة الإنتاج الزراعي وتوجيهه نحو الأسواق الخارجية بما يحقق عوائد أكبر ويرفع من مساهمة القطاع في الناتج المحلي.
من ناحية أخرى، يسهم الأداء المتصاعد للصادرات في تعزيز ميزان المدفوعات وتقليل العجز التجاري الذي يثقل كاهل الاقتصاد الأردني منذ سنوات فعلى الرغم من استمرار ارتفاع المستوردات إلا أن نمو الصادرات بوتيرة أعلى يعد مؤشرًا إيجابيًا يمكن البناء عليه للحد من العجز تدريجيًا كما يشكل هذا النمو خطوة أساسية نحو تحقيق أحد أهم أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، وهو زيادة مساهمة الصادرات في الناتج المحلي الإجمالي.
في المحصلة، تؤكد هذه المؤشرات أن الأردن يسير في اتجاه أكثر قوة واستدامة، مستفيدًا من موقعه الجغرافي، واتفاقياته التجارية، ومرونة قطاعاته الإنتاجية ومع استمرار جهود تطوير البنية الصناعية وتحسين البيئة الاستثمارية، يبدو أن قطاع التصدير قادر على لعب دور رئيسي في دفع الاقتصاد الأردني نحو مرحلة جديدة من النمو، مستندًا إلى شراكاته العربية وإمكاناته الوطنية المتنامية.
الدستور