التضخم يقوّض رؤية التحديث الاقتصادي

*شطحات اقتصادية

 

لم يشعر المواطنون بعد بما وعدت به هذه الحكومة وسابقاتها، وحتى بما وضعته رؤية التحديث الاقتصادي وبرامجها التنفيذية على رأس أولوياتها من تحسين جودة الحياة والارتقاء بنوعية المعيشة لجميع المواطنين.

السبب الحقيقي والمباشر لانعدام هذا الشعور هو أن الحكومة، وحتى مؤسسات أخرى داخل مطبخ القرار، لا تزال تراوح مكانها في طرح القضايا الملحة ووضع الحلول لها. وفي هذا السياق، لا يكفي التخطيط وحده، كما لا تكفي الزيارات الميدانية، رغم أهميتها في متابعة الأداء والتأكد من تنفيذ الواجبات المناطة بالمؤسسات الحكومية.

لا يجوز أن ندفن رؤوسنا في الرمال، ونغض الطرف عن جوانب جوهرية – ربما نسيناها أو تناسيناها – كانت ولا تزال تشكّل حجر الزاوية في انعدام الشعور بأي تحسن، ولو طفيف، في حياة الناس في الأردن.

يبقى التضخم، وارتفاعه المتواصل، في صميم التحديات التي تواجه هدف “تحسين جودة الحياة”. وبدون خفضه أو العمل الجاد على الحد منه، لا يمكن الحديث عن انعكاس إيجابي للأداء الاقتصادي على حياة الناس، فما بالك بتحسين جودتها.

وبحسب الإحصاءات الرسمية الأخيرة، ارتفع معدل التضخم السنوي في الأردن إلى 2.02٪ في يونيو 2025، مقارنة بـ 1.98٪ في الشهر السابق. وقد سجّل هذا المعدل أعلى قراءة منذ فبراير، مدفوعاً بارتفاع أسعار الاتصالات (2.32٪ مقابل 0.21٪ في مايو)، والصحة (0.70٪ مقابل 0.38٪)، وغيرها.

هذا أمر جوهري عند الحديث عن التحديث الاقتصادي وأولوياته القصوى، بغض النظر عن العوامل الخارجية التي لا نملك السيطرة عليها. ما أتحدث عنه هنا هو ضرورة التحكم بالعوامل التي يمكننا التعامل معها داخلياً، إذ إن التقاعس عن ذلك يعني أننا نخطط لما لا يمكن تحقيقه، لنعود مجدداً إلى حلقة انعدام الثقة المفرغة التي ندور داخلها منذ فترة ليست بالقصيرة. حتى جلالة الملك تناول هذا الأمر في العديد من خطاباته وتوجيهاته.

ومع ذلك، تضع المستويات الرسمية “الطين في أذن” و”العجين في الأخرى” عندما يوجهها جلالته أو يقدم لها النصح، أو حتى عندما يخاطبها الخبراء والمراقبون.

إن أردتم أن يشعر المواطن بوجودكم، فليس بزيارة هنا أو هناك، وإنما بخفض معدلات التضخم وإعادتها إلى مستوى يتناسب مع دخله المتآكل أصلاً.

Related posts

انتعاش التجارة البينية بين الأردن وسورية

التعليم والعمل والتحديث الاقتصادي

خطة التحديث الاقتصادي ٢