الذهب في مواجهة دراما الإغلاق الحكومي… هل يعيد التاريخ نفسه

مع اقتراب نهاية السنة المالية في الولايات المتحدة في 30 سبتمبر/أيلول، يلوح شبح الإغلاق الحكومي على واشنطن من جديد، مهددًا بتعطيل عمل عشرات الوكالات الفيدرالية وتأجيل صدور بيانات اقتصادية حيوية. فشل الكونغرس والرئيس في التوصل إلى اتفاق حول الميزانية أو تمرير قانون إنفاق قصير الأجل يعني توقف المؤسسات غير الحيوية، بينما تستمر الخدمات الأساسية مثل الجيش والأمن القومي ومراقبة الطيران والضمان الاجتماعي.

الأثر الأكبر لهذا الإغلاق لا يقتصر على تعطيل الخدمات العامة، بل يمتد إلى الأسواق العالمية من خلال تأجيل أو إلغاء صدور تقارير اقتصادية أساسية، وعلى رأسها تقرير الوظائف غير الزراعية (NFP) المقرر صدوره يوم الجمعة 3 أكتوبر. يُعد هذا التقرير مؤشرًا رئيسيًا لتقييم سوق العمل، واتجاه الدولار، وأسعار الفائدة، والأسواق المالية بشكل عام. أي تأجيل فيه يترك المستثمرين في حالة من الضبابية، وهو السيناريو الذي شهدته الولايات المتحدة في إغلاق 2013، حين تأجل التقرير ثلاثة أسابيع وأدخل الأسواق في موجة من التقلبات الحادة.

الإغلاقات السابقة أثبتت قدرة السياسة على قلب المعادلة الاقتصادية. في إغلاق 2013، بدأ الذهب عند 1328 دولارًا للأونصة، وانخفض إلى 1273 دولارًا قبل أن يقفز مجددًا إلى 1340 دولارًا مع صدور التقرير المؤجل. بينما في الإغلاق الأطول في 2018–2019، استمر 35 يومًا، وصدرت بعض التقارير مثل تقرير الوظائف بفضل تمويل مؤقت، بينما تعطلت بيانات أخرى مهمة مثل الناتج المحلي الإجمالي، ما أعاد تشكيل توقعات الأسواق والفيدرالي على حد سواء.

اليوم، يبدو الذهب في موقع قوة مع توقعات تباطؤ نمو الوظائف (حوالي 51 ألف وظيفة لشهر أغسطس) واستمرار الجمود السياسي في واشنطن. هذا يعزز الاعتقاد بأن التضخم يسير بوتيرة مستقرة، وقد يدفع الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة أسرع من المتوقع. يُتوقع أن يتجاوز الذهب مستويات 3850 دولارًا للأونصة، مع احتمال حدوث تصحيحات قصيرة تتراوح بين 45 و70 دولارًا قبل الانطلاق نحو مستويات قياسية جديدة.

من منظوري، من غير الواقعي أن يستمر سوق العمل بوتيرة محدودة في ظل فوضى السياسة والاقتصاد. التجارب السابقة تثبت أن الإغلاق الحكومي يعيد تشكيل توقعات الأسواق والفيدرالي معًا. الاحتمال الأكبر هو تذبذبات أولية في الأسعار، تليها موجة صعود قوية عند صدور تقرير الوظائف وانتهاء الأزمة، مع فرصة لصدور أداء قوي للفضة أيضًا في الأفق القريب.

الذهب والفضة يظلان الملاذ الأكثر أمانًا وسط عدم اليقين السياسي والاقتصادي. وبينما تشتد الخلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين في واشنطن، يظل المعدن النفيس الأكثر قدرة على امتصاص الصدمات وتقديم فرص استثمارية للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار وسط تقلبات الأسواق. التاريخ، كما يبدو، قد يعيد نفسه: تذبذبات أولية، ثم انتعاش قوي للذهب، وربما الفضة أيضًا، مع صدور بيانات الوظائف وانتهاء أزمة الإغلاق الحكومي.

 * محللة أسواق مالية

 

Related posts

الحجز لقاء الدين !.

مبادرة تنظيم الظواهر الاجتماعية وتحفيز المشاركة المجتمعية

صندوق رأس المال.. نموذج استثماري ابتكاري