شهدت أسواق الذهب تقلبات حادة هذا الأسبوع، خاصة بالتزامن مع صدور تقرير الوظائف غير الزراعية الأميركي لشهر يوليو (NFP) وتصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.
قبل صدور البيانات، تراجعت أسعار الذهب بشكل ملحوظ، لتصل إلى 3,267 دولارًا للأونصة، في هبوط حاد من مستوياتها المرتفعة السابقة.
وقد أثار هذا الانخفاض المفاجئ تساؤلات عديدة بين المستثمرين، في ظل التوقعات بأن تأتي بيانات الوظائف قوية، مما يعزز موقف الفيدرالي المتشدد ويؤخر أي خفض محتمل لأسعار الفائدة. هذا القلق دفع المتداولين إلى اتخاذ مراكز دفاعية، ما أدى إلى هبوط الذهب نحو مستوى دعم فني هام عند 3,267 دولار.
لكن المفاجأة الحقيقية جاءت بعد صدور الأرقام.
فبحسب بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي، أضاف الاقتصاد 73,000 وظيفة فقط في يوليو، أي أقل بكثير من التوقعات البالغة 106,000. هذا التراجع الحاد في أرقام التوظيف غيّر المزاج العام في الأسواق، حيث أعاد المستثمرون تقييم توقعاتهم، معتبرين أن تباطؤ سوق العمل قد يفتح الباب أمام تخفيف السياسة النقدية في وقت أقرب مما كان متوقعاً.
تصريحات جيروم باول دعمت هذا التوجه، إذ وصف سوق العمل بأنه “واصل أو اقترب من أقصى طاقته”، في إشارة إلى محدودية الحاجة لرفع الفائدة مجددًا. وبما أن الذهب يُعتبر ملاذًا آمنًا في أوقات الغموض الاقتصادي، فقد شهد قفزة قوية بعد تلك التصريحات.
ففي تداولات ما بعد صدور البيانات، ارتفع الذهب بأكثر من 74 دولارًا للأونصة، متجاوزًا مستويات مقاومة رئيسية، ما يعكس عودة الزخم الصاعد، مع ازدياد الرهانات على خفض الفائدة في أقرب فرصة، ربما في سبتمبر المقبل.
ورغم هذا الارتفاع، يحذر المحللون الفنيون من الإفراط في التفاؤل، إذ قد نشهد تراجعًا تصحيحيًا نحو مستوى 3,290 دولارًا، خصوصًا إذا أظهرت البيانات الاقتصادية المقبلة بعض الصمود. أما في حال اختراق الذهب لمستوى 3,330 دولارًا بثبات، فقد يعزز ذلك التحول الصعودي ويفتح المجال لاختبار مستويات قياسية جديدة.
وباختصار، تعكس حركة الذهب الأخيرة مدى حساسية الأسواق تجاه بيانات التوظيف وتوجهات الاحتياطي الفيدرالي. فالهبوط نحو 3,267 دولارًا كان مدفوعًا بالخوف من سياسة نقدية متشددة، لكن ضعف بيانات الوظائف قلب الصورة تمامًا.
وقد زادت تصريحات باول من قناعة الأسواق بأن الفيدرالي قد يكون أقرب إلى خفض الفائدة، إذا استمر تباطؤ التوظيف. هذا أعاد الآمال لدى متداولي الذهب بأن نشهد موجة صعود جديدة، ربما تقود الأسعار نحو مستويات قياسية.
ومع ذلك، تبقى الصورة غير محسومة. إذ أن أي مفاجآت تضخمية أو تطورات جيوسياسية أو تغييرات في نبرة الفيدرالي قد تعيد خلط الأوراق مجددًا. في الوقت الحالي، عاد الذهب إلى دائرة الضوء، والجميع يراقب عن كثب.