يعود الذهب إلى الواجهة كملاذ آمن ومخزن للقيمة في عالم مضطرب تتقاذفه التوترات الجيوسياسية وتباطؤ النمو الاقتصادي، محققاً أرقاماً قياسية في الأسعار والطلب خلال الربع الثاني من 2025.
ومع وصول متوسط سعر الأونصة إلى مستويات غير مسبوقة، تتسابق الدول الكبرى والعربية لتعزيز احتياطياتها من المعدن النفيس، في سباقٍ يعكس أهميته الإستراتيجية في حماية الاقتصاد والاستقرار النقدي.
طلب عالمي قوي وسط أسعار قياسية
شهد الربع الثاني من عام 2025 ارتفاعاً لافتاً في الطلب العالمي على الذهب، ليصل إجمالي الطلب (بما في ذلك الاستثمارات خارج البورصة) إلى 1249 طن، بزيادة 3% على أساس سنوي، بينما قفزت القيمة الإجمالية للطلب 45% إلى 132 مليار دولار، مدعومة بارتفاع أسعار الذهب لمستويات قياسية.
وسجّل متوسط السعر الفصلي 3280.35 دولار للأوقية، بزيادة 40% سنوياً و15% ربع سنوي، فيما لامس سعر الأوقية مستوى قياسياً بلغ 3287.45 دولار في يونيو حزيران 2025.
وجاء هذا الأداء مدفوعاً بتدفقات قوية إلى الصناديق العالمية المدعومة بالذهب، واهتمام متجدد من المستثمرين بالأصول الآمنة في ظل التوترات الجيوسياسية وتباطؤ النمو العالمي.
أكبر الدول في احتياطي الذهب عالمياً
واصلت الولايات المتحدة تصدرها قائمة الدول المالكة لأكبر مخزون ذهب رسمي، باحتياطي يبلغ 8133.46 طن، يمثل نحو 77.85% من إجمالي احتياطاتها من النقد الأجنبي.
وجاءت ألمانيا في المرتبة الثانية بـ3350.25 طن (77.5% من الاحتياطيات)، تليها إيطاليا بـ2451.84 طن (74.23%)، ثم فرنسا بـ2437 طناً (74.96%).
أما الصين، فقد احتلت المرتبة الخامسة عالمياً بـ 2298.53 طن، لكنها لا تزال تشكل نسبة صغيرة نسبياً من احتياطاتها الضخمة (6.7%).
وشملت المراتب العشر الأولى أيضاً دولاً مثل الهند (879.98 طن)، اليابان (845.97 طن)، وتركيا (634.76 طن) التي ارتفعت احتياطياتها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
أكبر الدول العربية في احتياطي الذهب
تصدرت الجزائر قائمة الدول العربية باحتياطي قدره 173.56 طن، ما يمثل نحو 23% من إجمالي احتياطاتها من النقد الأجنبي، تلتها ليبيا بـ 146.65 طن (15.54%).
وحلت مصر في المركز الثالث عربياً بـ 128.54 طن، رغم عدم توفر بيانات محدثة عن النسبة من الاحتياطي الكلي، فيما جاءت قطر في المرتبة الرابعة بـ 116.12 طن (22.28%).
كما برزت الأردن باحتياطي يبلغ 72.83 طن (33.6% من الاحتياطيات)، متقدمة على المغرب الذي سجل 22.12 طن.
وتعكس هذه الأرقام تفاوت سياسات إدارة مخزون الذهب في الدول العربية، بين من يركز على رفع نسب الذهب ضمن الاحتياطيات لأغراض التحوط، ومن يوازنها مع الأصول الأجنبية الأخرى.
البنوك المركزية ركيزة أساسية للطلب
واصلت البنوك المركزية عالمياً دورها المحوري في دعم الطلب بإضافة 166 طناً جديدة للاحتياطيات الرسمية في الربع الثاني.
وعلى الرغم من تباطؤ وتيرة الشراء مقارنة بالفترات السابقة، فإن التوقعات تشير إلى استمرار الزخم، خاصة في الأسواق الناشئة التي ترى في الذهب ضمانة للاستقرار النقدي في أوقات الاضطراب.
وظل الذهب عبر القرون رمزاً للثروة ومخزناً للقيمة، وملاذاً آمناً في أوقات الحروب والأزمات الاقتصادية، وتدير البنوك المركزية هذا الأصل بعناية نظراً لقدرته على مواجهة تقلبات أسعار العملات والتضخم.
ومع الارتفاع التاريخي في الأسعار خلال 2025، تعززت أهمية الذهب كأداة استراتيجية في السياسة النقدية للدول، سواء المتقدمة أو النامية.