ارتفعت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ في يوليو تموز، بدعم من الطلب القوي على السيارات والعروض الترويجية التي قدمتها شركتا أمازون ووولمارت، غير أن ضعف سوق العمل وارتفاع أسعار السلع قد يحدان من نمو إنفاق المستهلكين في الربع الثالث.
بدد الارتفاع في الشهر الماضي، إلى جانب المراجعة التصاعدية لبيانات يونيو حزيران، بعض المخاوف من تباطؤ النشاط الاقتصادي بعد ضعف نمو الوظائف خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ارتفاع توقعات التضخم
كما أن تقرير وزارة التجارة الأميركية واستطلاع جامعة ميشيغان يوم الجمعة، الذي أظهر ارتفاع توقعات التضخم لدى المستهلكين في أغسطس آب، قلصا من احتمالية إقدام مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض كبير في أسعار الفائدة الشهر المقبل.
قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت يوم الخميس إنه يعتقد أن خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية من جانب البنك المركزي الأميركي ممكن بالنظر إلى ضعف بيانات التوظيف.
لكن بعض الاقتصاديين شككوا في أن يعاود الاحتياطي الفيدرالي دورة التيسير النقدي في سبتمبر أيلول وسط مؤشرات متزايدة على أن التضخم مرشح للتسارع مع تمرير الشركات لتكاليف الرسوم الجمركية المرتفعة إلى المستهلكين.
خفض الفائدة في سبتمبر
وقال كونراد ديكوادروس، المستشار الاقتصادي الأول في شركة Brean Capital: «لا يوجد أي أساس بياناتي يدعم خفض الفائدة في سبتمبر أيلول».
قالت وزارة التجارة «مكتب الإحصاء السكاني» إن مبيعات التجزئة ارتفعت 0.5% في يوليو تموز بعد ارتفاع معدل في يونيو حزيران بلغ 0.9%، وكان اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم قد توقعوا ارتفاع المبيعات 0.5% بعد زيادة سابقة 0.6% في يونيو حزيران.
السيارات تقود
وعلى أساس سنوي، ارتفعت المبيعات 3.9%، حيث قادت السيارات هذا الارتفاع شبه العام في المبيعات، إذ زادت إيرادات وكلاء السيارات 1.6% بعد ارتفاع 1.4% في يونيو حزيران.
وقال محللو جيه. بي. مورغان إن الاندفاع لشراء السيارات الكهربائية قبل انتهاء صلاحية الإعفاءات الضريبية الفيدرالية في 30 سبتمبر أيلول أسهم في دفع مبيعات السيارات في يوليو تموز.
ارتفعت المبيعات عبر الإنترنت 0.8% بعد ارتفاع 0.9% في يونيو حزيران، وقدمت أمازون ووولمارت عروضاً ترويجية الشهر الماضي لاستقطاب المستهلكين المتأثرين بالتضخم عبر تخفيضات كبيرة، شملت مستلزمات العودة إلى المدارس، كما مددت أمازون فترة التخفيضات إلى 96 ساعة بدلاً من 48 ساعة تقليدياً، مع عروض قوية شملت الملابس والإلكترونيات.
كما ارتفعت مبيعات متاجر الملابس 0.7%، وقفزت مبيعات متاجر الأثاث 1.4%، فيما انتعشت مبيعات متاجر الأدوات الرياضية والآلات الموسيقية والكتب 0.8%، وهو ما يشير إلى أن الزيادة مرتبطة بارتفاع الأسعار بفعل الرسوم الجمركية أكثر من كونها زيادة في الكميات.
مستهلك صامد
ارتفعت مبيعات التجزئة باستثناء السيارات والبنزين ومواد البناء وخدمات الطعام 0.5% بعد زيادة معدلة بلغت 0.8% في يونيو حزيران، وهذه المبيعات الأساسية تتوافق بشكل أكبر مع مكون إنفاق المستهلك في الناتج المحلي الإجمالي، وكانت البيانات السابقة قد أظهرت ارتفاعها 0.5% في يونيو حزيران.
وبعد التعديل للتضخم قدّر الاقتصاديون أن المبيعات الأساسية ارتفعت 0.3% في يوليو تموز، وهو ما يمثل بداية جيدة للربع الثالث، لكن المخاطر على إنفاق المستهلكين تتزايد في ظل ضعف سوق العمل وارتفاع أسعار السلع والخدمات.
أظهر مسح جامعة ميشيغان أن ثقة المستهلك تراجعت في أغسطس آب، حيث هبط مؤشر ظروف الشراء للسلع المعمرة إلى أدنى مستوى في عام، وسط مخاوف متزايدة بشأن القدرة الشرائية.
الطلب الاستهلاكي
وقالت ليديا بوسور، كبيرة الاقتصاديين في EY-Parthenon: «المعطيات الأساسية تتراجع بوضوح. وفي الأشهر المقبلة، من المتوقع أن يشتد الضغط على الطلب الاستهلاكي، مع اتساع أثر الرسوم الجمركية التي تدفع المستهلكين لتقليص مشترياتهم غير الضرورية».
ارتفعت توقعات المستهلكين للتضخم على مدى 12 شهراً إلى 4.9% هذا الشهر، مقارنة بـ4.5% في يوليو تموز، وشمل الارتفاع مختلف الانتماءات السياسية.
وعزز تقرير منفصل من وزارة العمل هذه التوقعات، حيث أظهر ارتفاع أسعار الواردات 0.4% في يوليو تموز مدفوعة بزيادة كبيرة في أسعار السلع الاستهلاكية، وذلك بعد انخفاض 0.1% في يونيو حزيران.
كما ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية المستوردة باستثناء السيارات 0.4%. وأشار هذا الارتفاع إلى أن الدول المصدّرة لا تخفض أسعارها للتعويض عن أثر الرسوم على الشركات والمستهلكين الأميركيين، على عكس ما تقوله إدارة ترامب.
وقال كارل وينبرغ، كبير الاقتصاديين في High Frequency Economics: «المتحمسون للرسوم الجمركية في إدارة ترامب توقعوا أن أسعار الواردات ستنخفض بعد فرض الرسوم لأن المصدّرين سيخفضون أسعارهم للحفاظ على مبيعاتهم وحصصهم السوقية، لكننا لا نرى ذلك يحدث».
الرسوم الجمركية تضغط على النشاط الصناعي
أظهر تقرير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أن الإنتاج الصناعي توقف عن النمو في يوليو تموز، وقالت فيرونيكا كلارك، الخبيرة الاقتصادية في Citigroup: «نتوقع استمرار هذا الاتجاه خلال الأشهر المقبلة مع احتمالات تزايد الضعف. الرسوم الجمركية، واضطرابات سلاسل التوريد، وتأخيرات الشحن، ستؤثر سلباً على النشاط الصناعي بشكل عام، وبالطبع قد تستفيد بعض القطاعات الصناعية من الرسوم».
(رويترز)