بينما يشارف العام الدراسي على الانتهاء بدأت بعض الأسر الأردنية تبحث عن طريقة لملء وقت فراغ الأبناء خوفا من “تعلقهم بالشاشات” خلال العطلة الصيفية التي تمتد فترتها إلى 3 أشهر.
زيد محمد يرى أن تسجيل أبنائه في نادٍ صيفي لم يعد خيارا بل ضرورة “فغياب البرامج المنظمة في العطلة يعني مزيدا من ساعات التعلق بالشاشات، وغياب التفاعل الحقيقي مع الآخرين”.
ويضيف أن “النادي الصيفي يقدم لهم أنشطة رياضية وثقافية وفنية تساعدهم على اكتشاف اهتماماتهم وتفريغ طاقاتهم”.
الطفل الواحد من 100
إلى 150 دينارا
تقول غادة ياسين وهي أم لثلاثة أطفال في المرحلة الأساسية إنها “توصلت مع أبنائها إلى اتفاق بادخار “عيدياتهم” للتسجيل في نوادٍ صيفية خلال العطلة”.
وتشير إلى أن النوادي أسعارها مرتفعة، فمثلا يقارب معدل تكلفة اشتراك نادي السباحة 150 دينارا للطفل الواحد، وكرة القدم ما بين 70 إلى 80 دينارا، عدا عن كلف الملابس اللازمة لهذه الأندية والتوصيل إليها والعودة منها.
وتوضح أن المدارس الخاصة تقدم عروضا لطلابها لاشتراكات الأندية الصيفية، إلا أنها أيضا بالمعدل مرتفعة، وليست بسيطة لمن لديه ولدان أو ثلاثة.
وترى أن إشراك الأبناء في ناد أصبح في هذا الوقت حاجة لإبعادهم عن التعلق بالإلكترونيات، أو البقاء مدة طويلة في وقت فراغ غير مجدٍ.
وتبين أن بعض المراكز تقدم أنشطة مجانية تلحقهم بها في بعض الأحيان مثل مراكز تحفيظ القرآن والأنشطة الثقافية.
كلفة مادية ليست
بمتناول الجميع
تقول أم يزن وهي معلمة في مدرسة حكومية “لا أستطيع تحمل نفقات الأندية الصيفية مرتفعة الكلفة، لذا أبحث عن بدائل ضمن الجمعيات المجتمعية أو النوادي التي ترعاها البلديات، لكنها للأسف محدودة الإمكانيات ولا تلبي الطموح دائما”.
ولذلك، تحاول إشراك ابنتها في بعض الأنشطة التي تعلن عنها بعض صفحات التواصل الاجتماعي للترفيه عن الأطفال بأسعار متواضعة على أن ترافقها بنفسها لمراقبة ابنتها خلال هذه الأنشطة، وأحيانا تشترك مع صديقات أو جارات لها في ذلك من أجل تقاسم الكلف.
تشير آخر أرقام متوفرة من دائرة الإحصاءات العامة (2017-2018) إلى أن متوسط الإنفاق السنوي للأسر الأردنية على مجموعة الثقافة والترفيه يقدر بنحو 330.9 دينار.
تحولات اجتماعية
تتطلب استجابة
قال الخبير الاقتصادي د. قاسم الحموري إن “انتشار النوادي الصيفية بين الأطفال في الأردن يعكس أحد التحولات الاجتماعية والثقافية التي يشهدها المجتمع المحلي” موضحا أن الثقافة المجتمعية تتغير باستمرار، وتضاف إليها أنماط جديدة من السلوك والاحتياجات، ومنها الحاجة المتزايدة إلى تسجيل الأبناء في النوادي الصيفية خلال العطلة المدرسية.
وأضاف الحموري “باتت العطلة الصيفية طويلة نسبيا، ولم تعد ظروف الحياة في الأردن كما كانت سابقا؛ فلم تعد معظم الأسر تقطن منازل واسعة ذات ساحات خارجية وشوارع آمنة للعب، بل أصبح السكن في الشقق هو الغالب، في ظل كثافة مرورية مرتفعة، ما يجعل البيئة المحيطة أقل أمانا للأطفال”.
وأشار إلى أن النوادي الصيفية تؤمن بيئة آمنة للأطفال، وتوفر لهم أنشطة تسهم في صقل شخصياتهم وتنمية مهاراتهم الاجتماعية والتعليمية، لافتا إلى أنها “أصبحت ضرورة واقعية، لكنها تشكل عبئا ماليا إضافيا على كاهل الأسر، ولا سيما المنهكة اقتصاديا”.
وأوضح أن “الفئات القادرة على إرسال أبنائها إلى هذه النوادي غالبا ما تنتمي إلى الطبقة الوسطى، التي ما تزال تمتلك قدرا من الإمكانيات المادية يسمح لها بذلك، في حين تبقى العديد من الأسر غير قادرة على توفير هذه الفرصة لأبنائها”.
واقترح الحموري أن تتدخل الحكومة لدعم إنشاء نوادٍ صيفية في المناطق الريفية أو في أطراف المدن، لا سيما في الأحياء التي تقطنها الأسر محدودة الدخل أو من هم دون الطبقة الوسطى، كما دعا القطاع الخاص إلى الاستثمار في هذا النوع من الخدمات، لما له من مردود اقتصادي واجتماعي إيجابي على المجتمع.
الغد