أسواق جو
أكد وزير الصحة الأستاذ الدكتور فراس الهواري أن الوزارة قطعت شوطا مهما في التحول المؤسسي والرقمي، وتستعد حاليا لإطلاق عدد من المبادرات التي تمثل أرضية جاهزة للشراكة مع القطاع الخاص، في مجالات مثل الطب عن بعد، إدارة سلاسل التزويد، والمخزون الدوائي، والربط الإلكتروني الكامل لجميع المستشفيات والمراكز الصحية بحلول العام المقبل.
وأشار إلى أن الوزارة أتمت مؤخرا، استراتيجية السياحة العلاجية بالشراكة مع القطاع الخاص، ووضعت إطارا تشغيليا متكاملا عبر منصة إلكترونية وطنية، بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة، بهدف تسويق الخدمة الصحية الأردنية إقليميا وعالميا.
وأضاف الهواري أن الوزارة تبنت نهجا جديدا يقوم على التفاعل المباشر مع المواطنين من خلال نظام “صوت متلقي الخدمة”، إلى جانب رفع كفاءة المرافق الصحية، مشيرا إلى حصول مستشفى البشير مؤخرا، على شهادة الاعتماد HCAC كمثال حي على التطور المؤسسي.
وختم الوزير حديثه بالتأكيد أن خطة التغطية الصحية الشاملة التي تعمل عليها الوزارة لا يمكن أن تنجح من دون شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، من خلال عقود واضحة ومنصفة للطرفين. مشددا، على أن الشراكة ليست توجها مؤقتا، بل ضرورة استراتيجية للمضي قدما في إصلاح القطاع الصحي.
كان ذلك خلال جلسة حوارية عقدها منتدى الاستراتيجيات الأردني استضاف فيها الدكتور الهواري، للحديث عن أولويات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في القطاع الصحي. حيث حضر الجلسة عدد من أعضاء المنتدى، والأطباء وأصحاب العلاقة من الخبراء وشركات التأمين ومزودي الخدمات الطبية. وكانت الفعالية برعاية KbW Ventures، وشركة نات هيلث.
من جانبها، أكدت المديرة التنفيذية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني، نسرين بركات، أن المنتدى يولي موضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص أهمية كبيرة، لما له من دور محوري في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة في قطاع الصحة الذي يعد من الركائز الأساسية لأي عملية تنموية شاملة. مشيرة إلى أن هذا الواقع يتطلب إرساء شراكة استراتيجية فاعلة مع القطاع الخاص، تقوم على تكامل الأدوار، وتقاسم المخاطر، ورفع كفاءة تقديم الخدمات، بما يحقق استجابة أفضل لاحتياجات المواطنين ويعزز استدامة النظام الصحي.
وبينت بركات أن المنتدى، عمل على تحليل واقع النظام الصحي من خلال دراسات ومشاورات موسعة، وخرج بسلسلة من التوصيات العملية التي تحدد أدوارا واضحة للقطاع الخاص في مجالات التغطية الصحية، البنية التحتية، والتحول الرقمي، وتمكين الكفاءات، مع تأكيد أهمية وجود إطار حوكمة منظم لضمان الفاعلية والاستدامة في التنفيذ.
وأضافت أن المبادرات التي يقترحها المنتدى في إطار الشراكة تركز على نماذج عملية وقابلة للتنفيذ، مثل تشغيل المرافق الصحية من خلال عقود تشغيل مرنة، وتطوير البنية الرقمية للخدمات الصحية، وتمويل خدمات التأمين الصحي للفئات غير القادرة عبر آليات مستدامة. وأكدت أن تفعيل هذه المبادرات يتطلب تنسيقا مؤسسيا فعالا بين مختلف الجهات المعنية، وبيئة تنظيمية واضحة تشجع على الاستثمار وتضمن استمرارية الشراكات.
من جهتها، شددت رئيسة مجلس أمناء جامعة اليرموك، والوزير الأسبق للتعليم العالي والبحث العلمي، الدكتورة رويدا المعايطة، التي أدارت الجلسة الحوارية، على أن موضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في القطاع الصحي لم يعد مجرد طرح فكري، بل أصبح أولوية وطنية حقيقية ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، مما يتطلب الانتقال من مرحلة الطرح إلى مرحلة التنفيذ العملي، مشيرة إلى أهمية الاستفادة من التجارب الإقليمية الناجحة وتكييفها مع السياق الأردني لضمان تحقيق الأثر المطلوب.
وأوضحت المعايطة أن العديد من الدول التي كانت تعتمد بالكامل على القطاع العام، مثل الإمارات والسعودية، بدأت بتبني نماذج شراكة ناجحة، وتحقيق قفزات نوعية في خدمات الرعاية الصحية، داعية إلى الاستفادة من التجارب الإقليمية والدولية، مع تكييفها حسب السياق الأردني.
من جانبها، أكدت سلمى جاعوني، الرئيسة التنفيذية لمجلس اعتماد المؤسسات الصحية، أن التجربة السعودية في الشراكة بين القطاعين العام والخاص تعد من النماذج الإقليمية الملهمة، بسبب الجرأة في إعادة تنظيم القطاع، وفصل الأدوار، وتوزيع المهام بين التنظيم، التمويل، وتقديم الخدمة.
وأشارت إلى أن السعودية بدأت، كما هو الحال في الأردن، من واقع مشابه سواء من حيث حجم الإنفاق أو التحديات البنيوية، وقامت بتنفيذ الإصلاحات بشكل تدريجي ومنهجي، بدءا من مشاريع نموذجية على مستوى المحافظات، وصولا إلى خطة لتحويل 290 مستشفى و2300 مركز صحي، إلى نماذج تشغيل بالشراكة مع القطاع الخاص.