بعد قرار الفيدرالي… كل الأنظار على تقرير الوظائف

في ظل توقعات الأمس القوية بأن يُبقي الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على أسعار الفائدة ضمن نطاق 4.25% إلى 4.50%، ترقّب المستثمرون تصريحات الفيدرالي، جيروم باول، والتي حملت إشارات حاسمة بشأن مستقبل السياسة النقدية. وعلى الرغم من تثبيت أسعار الفائدة عند 4.5%، هناك توقعات متزايدة بإمكانية خفض الفائدة بحلول نهاية العام، ما يفتح الباب أمام تقلبات حادة في الأسواق.

ومن منظور فني، كسر الذهب مؤخرًا مستوى دعم قويّ عند 3385 دولارًا للأونصة، وهو ما يُعرف فنيًا بـ Break of Structure، مما يعزز الاتجاه الهابط ويفتح المجال أمام تراجع محتمل إلى مستويات 3255 دولارًا، أي ما يعادل نحو 2310 دنانير أردنية للأونصة. هذا السيناريو تدعمه بيانات اقتصادية أميركية ضعيفة، زادت من الضغوط البيعية على الذهب. ومع ذلك، لا يمكن استبعاد احتمال حدوث ارتداد (Pullback) واختبار مستويات المقاومة السابقة، لا سيما إذا جاءت تصريحات باول متساهلة تجاه السياسة النقدية. في هذه الحالة، قد نشهد عودة الذهب إلى مستوى 3430 دولارًا للأونصة.

البيانات الاقتصادية الأخيرة أظهرت نمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 3%، ما أثار جدلًا واسعًا. الرئيس السابق دونالد ترامب انتقد الفيدرالي، مطالبًا بخفض الفائدة، بحجة أن التضخم تحت السيطرة وسوق العمل قوي، وهو ما أثّر بشكل مباشر على تحركات الذهب، حيث تراجع إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من شهر، مسجلًا 3268 دولارًا.

اليوم، يراقب السوق عن كثب تقرير الوظائف الأميركي المنتظر (NFP)، والذي سيصدر غدًا في تمام الساعة 3:30 عصرًا بتوقيت الأردن. تشير التوقعات إلى توفير 108,000 وظيفة في يوليو، مقابل 147,000 وظيفة تم توفيرها في يونيو، وهو ما قد يضغط على الدولار الأميركي ويدفع الذهب نحو الصعود مجددًا إلى مستويات 3350 دولارًا. لكن يجب التنبه أيضًا إلى صدور بيانات البطالة الأميركية، والتي يُتوقع أن ترتفع إلى 4.2% بعد أن بلغت 4.1% في يونيو. ارتفاع البطالة قد يُفهم على أنه إشارة سلبية للاقتصاد، لكنه قد يدعم الدولار ويزيد من الضغوط على الذهب.

الخلاصة: الأسواق في حالة ترقّب حذر. فإذا أغلق الذهب فوق 3330 دولارًا، قد يكون ذلك إشارة لانعكاس الاتجاه وبدء مسار صعودي جديد. أما كسر الدعم دون 3255 دولارًا، فقد يمهد لمزيد من الهبوط. لذا، من الضروري الالتزام باستراتيجية إدارة مخاطر فعالة، خاصة مع تقلبات محتملة تزامنًا مع صدور هذه البيانات المفصلية. جميع السيناريوهات مطروحة، والأسواق تنتظر كلمة الفصل غدًا.

وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن حركة الذهب خلال الساعات المقبلة ستكون انعكاسًا مباشرًا لمزاج الأسواق تجاه الأرقام الأميركية، سواء كانت إيجابية أو سلبية. إذ إن أي مفاجآت غير متوقعة في تقرير الوظائف أو معدلات البطالة قد تُحدث تقلبات حادة، وتدفع المستثمرين إلى إعادة تقييم مراكزهم سريعًا. لذلك، يُنصح المتابعون بعدم التسرع في اتخاذ قرارات استثمارية كبيرة قبل صدور البيانات، والانتظار حتى تتضح الصورة بشكل أكبر بعد الإغلاق الأسبوعي. فكما عوّدتنا الأسواق، التحركات الكبرى تحدث في اللحظات التي يتراجع فيها اليقين ويعلو فيها صوت المفاجأة.

*محللة أسواق مالية ,تتمتع بخبرة متميزة في مجال إدارة المخاطر وتحليل اتجاهات الأسواق المالية .

Related posts

انتعاش التجارة البينية بين الأردن وسورية

التعليم والعمل والتحديث الاقتصادي

خطة التحديث الاقتصادي ٢