تشريعات ذكية لاقتصاد ذكي: الأردن يستعد للمستقبل

يمضي الأردن بخطى ثابتة في مسار التحديث الاقتصادي، باعتباره خياراً استراتيجياً يعكس الرؤية الملكية في بناء اقتصاد قادر على مواكبة التغيرات العالمية ومواجهة التحديات الإقليمية والداخلية. وقد عملت الحكومة على ترجمة هذه الرؤية إلى برنامج وطني شامل يستهدف تعزيز النمو، وتحفيز الاستثمار، وتوسيع قاعدة المشاركة الاقتصادية، بما يرسخ مكانة الأردن كدولة فاعلة وقادرة على التكيف مع متطلبات العصر.

ولا يُنظر إلى هذا التحديث بوصفه استجابة ظرفية أو معالجة آنية للتحديات، بل باعتباره مساراً طويل المدى يستند إلى قاعدة من السياسات والإصلاحات المتدرجة التي تضع أسساً متينة للتنمية المستدامة. فالمبادرات الحكومية الهادفة إلى تيسير بيئة الأعمال، وتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين المحليين والأجانب، والتوجه نحو قطاعات واعدة مثل الطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي، جميعها خطوات تعكس الجدية في رسم ملامح اقتصاد حديث يقوم على التنوع والابتكار.

لكن نجاح هذه المسيرة يظل رهناً بتطوير المنظومة القانونية والتشريعية، إذ يشكل القانون الإطار الناظم لأي عملية تحديث اقتصادي. فالتشريعات العصرية لا توفر فقط بيئة استثمارية أكثر تنافسية، بل تمنح الثقة للمستثمرين وتضمن العدالة والشفافية للمواطنين، وهو ما يعزز استقرار الاقتصاد الوطني على المدى البعيد. ومن هنا تأتي أهمية مواصلة العمل على تحديث القوانين الاقتصادية والتجارية، وتكييفها بما يتناسب مع المعايير الدولية، لخلق مناخ استثماري آمن وجاذب.

ومع تسارع التحولات التكنولوجية، بات من الضروري أن تمتد يد التشريع إلى مجالات جديدة لم تكن مطروحة بالزخم نفسه من قبل، مثل الذكاء الاصطناعي، وحماية البيانات، وتنظيم الاقتصاد الرقمي. فإقرار قوانين متخصصة في هذه المجالات سيضع الأردن في موقع ريادي إقليمياً، ويفتح الباب أمام الاستثمار في الابتكار وريادة الأعمال، الأمر الذي يتيح فرص عمل جديدة ويعزز مكانة الأردن كمركز إقليمي للتكنولوجيا والمعرفة.

كما أن صياغة تشريعات متوازنة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة تمثل ضرورة قصوى، نظراً لما تشكله هذه المشاريع من ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، ومصدراً رئيسياً لتوليد فرص العمل. وإلى جانب ذلك، فإن تمكين الشباب والمرأة من خلال أطر قانونية مرنة تسهّل مشاركتهم في سوق العمل وتدعم ريادة أعمالهم، يعد من أبرز الضمانات لتحقيق شمولية التنمية وعدالتها.

إن بناء اقتصاد حديث في الأردن لا ينفصل عن بناء منظومة تشريعية متطورة تواكب التطورات العالمية. فالتشريع الذكي هو الذي يسبق التحديات ولا يكتفي بملاحقتها، ويضع الحلول قبل ظهور المشكلات. ومن هذا المنطلق، فإن التركيز على إصلاح وتطوير التشريعات يمثل حجر الزاوية في مسيرة التحديث، وضمانة حقيقية لترسيخ الإصلاحات الاقتصادية وتعظيم مردودها.

وبقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، وبجهود الحكومة ومؤسسات الدولة، يواصل الأردن السير بثقة نحو مرحلة جديدة من النهضة الاقتصادية، حيث يشكل القانون ركيزة أساسية للإصلاح، وسنداً لمسيرة التنمية الشاملة، وبوابة رئيسية لمستقبل أكثر إشراقاً واستقراراً.

Related posts

استقرار مالي ‘راسخ’

الحجز لقاء الدين !.

مبادرة تنظيم الظواهر الاجتماعية وتحفيز المشاركة المجتمعية