عروبة الإخباري
(مركز النهوض الاعلامي الثقافي و الاقتصادي) بقلم : د، فلك مصطفى الرافعي
صوم عن الطعام …صوم عن الكلام
و كلاهما عضو اساسي في جمعية الفم
مع بداية الشهر الاكرم إلى الله سبحانه وتعالى، و بداية نصب “سرادق العبادات”، و تنظيف ماسورة “المدفع الرمضاني”، و شد جلدة “طبلة المسحراتي”، في هذا الترقب الإيماني الذي يستشري فيه الغلاء و الإكتواء بالظلمة، و ارتفاع منسوب التوتر، و خروج البعض عن مألوف التفاهم الحواري إلى لغة خشبية تتصل “بمغارة الأفاعي” و “اظافر الغابة”. و مع التسميات الطالعة إشراقا من الايام المعدودات ذات الثلاث جوائز، جائزة العشر الاوائل رحمة و العشر الوسطى مغفرة، و العشر الاواخر عتق من النار.
انساب إلىّ دفق الشلال الرطب العذب من مأذنة أجاورها سكنا لصوت رخيم يرتّل بعض آيات من سورة “مريم” ، و كأني اسمعها لأول مرة حيث أتى الأمر العظيم “للسيدة الطاهرة ” ….”فإما تَرَيِنَّ من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا”، و هذه الإشكالية لم تحدث لأن حل الشيفرة أتى بالأمر الثاني بعد تكرار السؤال …”فأشارت إليه” و هنا نطق السيد فى مهده الاول.
مريم العذراء حاورت قومها و غلاظة شكوكهم بطهارتها و بالصمت و بالاشارة، صفعت الشك و الريبة و الادعاء الباطل، و انتصرت بصومها عن الكلام و بمعجزتها على عتاة بني اسرائيل و صلفهم و غدرهم و رميهم المحصنات بالفاحشة و السوء.
علّمنا القرآن الكريم و على لسان “السيدة الأولى” فهي تستحق هذا اللقب، علّمنا أن الموقف الهادئ بصلابة الايمان قد يقطف النجاح أكثر من سطوة النباح ..
و تزامنا مع الصوم عن الطعام فلنعلن صوما عن الكلام، و نضع على أفواهنا كمامات و لاصقات، و نقف على جانب الطرقات نشير إلى رؤوسنا المتصدعة من وجع الإحتراب الطائفي و المذهبي و العرقي، و نشير إلى بطوننا حتى بتوقف الرهان على رغيف الفقير، و ندل على أيادينا المرتجفة فبل أن يحتلها مرض الارتعاش الحركي اللارادي “الباركنسون”، نحمل يافطات بيضاء و مطالب بيضاء، نقف قرب المساجد و الكنائس دون أن نسبب ضيقا للإنسان و البيئة، فلعلنا في لحظة صمت بلا ثمن نحفظ الوطن.
نتجمع، نعتصم، نُضرب عن الكلام حتى يسقط كل فرعون، فبالإرادة ربما تعيد السماء معجزة شق البحر من عصا، و يغرق الفساد و الرصاص و كمّ الافواه، فالتاريخ الذي يكتبه الصياد هو غير التاريخ الذي تكتبه البندقية و ايضا غير التاريخ الذي تكتبه الضحية ، و توصيف المقصلة القاطعة غير توصيف الرقبة المقطوعة. فكل ما يردنا من الخارج المأزوم مأزق ، و كل ما يصلنا من الخارج المطمئن مجرد برقيات تعزية بالصبر و الدعاء ، فكأن السماء التي فوقنا غزاها ثقب الاوزون الملوّث فيتعثر الدعاء قبل أن يصل مأمنه و مطلبه..
اما إيماننا فالسماء دائما مشرّعة الأبواب و من دون حرس ، و من دون رجال البادي غارد.
دعوة إلى تحقيق المطالب عبر الصوم عن الكلام ،،،
لقد فعلتها من قبل “السيدة مريم” و أفلحت …..
تصبحون على نصر من الله