رسوم ترامب الجمركية تعيد رسم خريطة سلاسل الإمداد في آسيا

منذ سنوات، حث الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشركات على نقل سلاسل إمدادها بعيداً عن الصين لتفادي الرسوم الجمركية.

انتقلت كثير من المصانع بالفعل إلى دول جنوب وجنوب شرق آسيا، مستفيدة من انخفاض تكاليف الإنتاج وقربها الجغرافي من الأسواق العالمية.

لكن في ولايته الثانية، عاد ترامب ليطلق حرباً تجارية ذات طابع عالمي، ما وضع هذه الدول نفسها في قلب العاصفة.

جاءت الرسوم الجديدة، التي أعلنت الأسبوع الماضي، أقل من النسب المهددة في أبريل نيسان الماضي، حين لوّح ترامب بـ«رسوم يوم التحرير» وصلت إلى 49% على كمبوديا و48% على لاوس و37% على بنغلاديش، لكنها لا تزال تاريخياً مرتفعة.

تراوحت النسب النهائية بين 19 و20% على دول رئيسية مثل كمبوديا وفيتنام وماليزيا وإندونيسيا وتايلاند، بينما فرضت 40% على لاوس وميانمار، و41% على سوريا، وهي الأعلى عالمياً.

حاول القادة في المنطقة تصوير النسب النهائية على أنها انتصار دبلوماسي، فمثلاً كمبوديا وصفتها بـ«خبر سار»، وماليزيا اعتبرتها «إنجازاً مهماً»، وبنغلاديش رأت فيها «انتصاراً حاسماً».

لكن محللين، مثل ديبورا إلمز من مؤسسة «هينريش»، يحذرون من أن هذه الرسوم لا تزال ثقيلة، وأنها تبدو أقل قسوة فقط لأن التهديد السابق كان مبالغاً فيه.

النتيجة، وفقاً لها، «خسارة مزدوجة» لكل من المستهلكين الأميركيين والاقتصادات الآسيوية المعتمدة على التصدير.

إلى جانب الرسوم الأساسية، فرضت الإدارة الأميركية رسماً إضافياً بنسبة 40% على ما تسميه «إعادة الشحن» transshipment، أي نقل البضائع من بلد ذي رسوم مرتفعة إلى بلد منخفض الرسوم قبل إعادة تصديرها إلى أميركا.

لكن تعريف ترامب يبدو أوسع، إذ يستهدف أي محتوى صيني في البضائع، ما يضع معظم صادرات آسيا تحت الشبهة، هذه الخطوة تثير قلقاً واسعاً بين المصنعين بسبب غموض المعايير وآلية التطبيق.

الرسوم الجديدة لا تضرب فقط صادرات الملابس والأحذية والإلكترونيات البسيطة، بل تهدد بإعادة رسم خريطة سلاسل الإمداد التي تشكلت خلال العقد الماضي.

بعض الخبراء، مثل لويز لو من «أوكسفورد إيكونوميكس»، يتوقعون تباطؤاً في التجارة مع أميركا وربما توقف «الهجرة الصناعية» من الصين إلى الجنوب الآسيوي، خاصة في الصناعات منخفضة الهامش مثل الأثاث والألعاب، إذ قد تصبح العودة إلى الصين أو الاقتراب جغرافياً من السوق الأميركية خياراً أكثر جدوى.

لكن آخرين، مثل لين سونغ من بنك «آي إن جي»، يرون أن الفارق في تكاليف العمالة سيُبقي الاتجاه نحو التنويع قائماً، بل وقد تدفع القيود الجديدة الشركات الصينية إلى نقل أجزاء من الإنتاج فعلياً إلى دول مثل فيتنام حتى تظل منتجاتها مؤهلة لوضع «صنع في فيتنام».

الخلفية التي سبقت هذه الجولة تكشف أن التصعيد بدأ مع ولايته الأولى واشتد مع الجائحة، حين بحثت الشركات عن بدائل للصين.

لكن مع الحرب التجارية 2.0، يبدو أن تلك البدائل باتت الآن تواجه اختباراً قاسياً، والأسابيع المقبلة ستحدد ما إذا كانت قادرة على الصمود أم أن الخريطة التجارية ستشهد إعادة تشكيل جذرية.

Related posts

الصين تدرس إطلاق عملة مستقرة مدعومة باليوان لمنافسة الدولار

توقعات بارتفاع عجز الموازنة الأميركية بنحو تريليون دولار إضافي خلال العقد المقبل

ترامب: رئيس الفدرالي الأميركي “يضر” بقطاع الإسكان