ركائز الأمن المائي الاردني وتحدي بناء القدرات

يعرف الأمن المائي بانه إذا كانت كمية المياه المتوفرة للفرد او لدولة معينة في المكان والزمان تهدد سبل العيش من حيث تزويد مياه الشرب والخدمات الصحية وإنتاج الغذاء ومتطلبات الأنظمة البيئية، وفي خلاف ذلك تصبح هذه الدولة او الفرد غير امن مائيا. قد يكون الاردن الأكثر حاجة والحاحاً لتحقيق الامن المائي في ظل معادلة صعبة ومعقدة ما بين النمو السكاني الذي شوهته زيادة مضطرة بسبب قضايا اللجوء والهجرات القسرية، مع ندرة بالموارد الطبيعية وعلى راسها المياه والأراضي الصالحة للزراعة، في ظل تغير مناخي وتقلبات سياسية وحروب إقليمية ساعدت بالأضرار في تحقيق امن مائي مستدام، على الرغم مما أثبتته التجارب السابقة من قدرة القطاع على الصمود في استيعاب الصدمات الخارجية سابقة الذكر. ولان المياه مدخل هام واساسي في الإنتاج، يصبح لنقصها تأثير اقتصادي كبير والذي يتمثل بتناقص الموارد المائية وزيادة الطلب عليها وبالتالي عدم القدرة على تلبية الاحتياجات المائية للقطاعات الاقتصادية المختلفة، مما يعني تقليص الرقعة الزراعية والحد من النشاطات الاقتصادية المرتبطة بها او المهددة بالندرة المائية وتشكل ٧٥٪ من الناتج المحلي الإجمالي في منطقتنا (مقارنة بي ٢٥٪ في باقي مناطق العالم-البنك الدولي) من مجمل النشاطات الاقتصادية وذلك حسب دراسات البنك الدولي، وبالتالي عدم القدرة على خلق فرص عمل جديدة وزيادة الفقر والمعاناة، لان المياه عامل هام بمكافحة الفقر وتحسين مستوى المعيشة.

ان التحدي المائي الأردني من الصعوبة بمكان بسبب عدم وجود حلول سهلة أو منخفضة التكلفة نظراً لارتفاع كلف إنتاج المياه بسبب الندرة المائية ولا بد من العمل على مجموعة من الإجراءات والبرامج العديدة، التي من شائها مجتمعة ومتكاملة ان تخفف من حدة وتبعات هذا التحدي.

ركائز الامن المائي في ظل محدودية البدائل المائية الوطنية للتزويد أصبحت محصورة ومحددة بما تبقى من المياه الجوفية وخاصة العميقة منها وتحلية المياه المسوس (مياه جوفيه ملوحتها اقل من مياه البحر) وتحلية مياه خليج العقبة وسحبها الى عمان من خلال مشروع الناقل الوطني الذي يجري العمل عليه حاليا”، بالإضافة الى إعادة استخدام مياه الصرف الصحي.

يعتمد الأردن بشكل كبير على استخراج المياه الجوفية لتلبية احتياجات القطاعات المختلفة، اذ تشكل مساهمة المياه الجوفية في الموازنة المائية حوالي ٥٧٪ وتشكل ٧٤٪ من مجموع التزويد المائي للقطاع المنزلي والشرب، وهنا تكمن أهمية هذا القطاع الاستراتيجي وضرورة المحافظة عليه من النضوب والتملح ومنع أي محاولات لحفر الابار المخالفة او التهاون معها، لان ما تبقى من هذا المورد العزيز الا النزر اليسير الذي نعول عليه لتزويدنا بمياه الشرب خلال الأعوام القادمة. ولان حتمية استخدام المياه الجوفية العميقة قادمة لا محالة للاستخدام المنزلي، وفي ظل تناقص اعداد خبراء المياه الجوفية بشكل كبير خلال السنوات الماضية من، فلا بد من برنامج وطني شامل لأعداد وتدريب جيل جديد من الخبراء والذي يحتاج لسنوات طويلة لإعداده وتنفيذه لإدارة هذا القطاع بطريقة كفؤة ومستدامة، لا سيما وان علم المياه الجوفية معقد ويتطلب مهارات عالية في مجالات مختلفة.

اما فيما يخص الشق الاخر من الأمن المائي وهو تحلية المياه بأنواعها المختلفة، ونظرا لمحدودية الخبرات الوطنية، فهذا أيضا يحتاج الى برنامج وطني متكامل لاستقطاب وتأهيل عدد كبير من الخبراء في التخصصات المختلفة لتعزيز القادرات الوطنية على فهم تعقيدات وتشغيل محطات تحلية المياه وكيفية التعامل مع آثارها البيئية بكفاءة وايجاد الحلول المناسبة لها.

يتطلب ضمان الأمن المائي واستدامته إدارة تكاملية ومستدامة للموارد المائية والبيئية، وتوفير خدمات المياه والصرف الصحي لجميع السكان وإعادة استخدامها، وتطبيق حلول مستدامة وقابلة للتنفيذ لإمدادات المياه، إلى جانب تحسين كفاءة إدارة الطلب والحفاظ على الصحة العامة ومكافحة آثار التغير المناخي. إن تحقيق ذلك يستلزم الاستثمار في تطوير القدرات الوطنية واستقطابها وتدريبها وتقديم الدعم الفني والمالي اللازم لها، بالتعاون مع الجهات الرسمية والنقابات المهنية والقطاع الخاص والممولين، باعتبار قطاع المياه قطاعاً استراتيجياً وسيادياً لا غنى عنه.

* وزير المياه والري والزراعة الأسبق

الرأي

Related posts

الحجز لقاء الدين !.

مبادرة تنظيم الظواهر الاجتماعية وتحفيز المشاركة المجتمعية

صندوق رأس المال.. نموذج استثماري ابتكاري