بعد سنوات من الأزمات المتلاحقة التي عصفت بشركة «بوينغ» على مدى السنوات السبع الماضية، يبدو أن الشركة بدأت تستقر تحت قيادة الرئيس التنفيذي كيلي أورتبرغ.
أورتبرغ، المهندس والمخضرم في قطاع الطيران، عاد من التقاعد العام الماضي بطلب من «بوينغ» لإنقاذ الشركة المثقلة بالمشكلات. ومن المقرّر أن يعرض هذا الأسبوع تقدّماً ملموساً تحقق منذ تولّيه المنصب قبل عام، وذلك بالتزامن مع إعلان نتائج الشركة الفصلية وتقديم توقعاتها يوم الثلاثاء.
وحتى الآن، يبدو أن المستثمرين يرحّبون بما يرونه. فقد ارتفعت أسهم الشركة بأكثر من 30% منذ بداية العام.
ويتوقع محللو وول ستريت أن تنخفض خسائر «بوينغ» في الربع الثاني إلى النصف مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وكان أورتبرغ قد أبلغ المستثمرين في مايو أيار أن الشركة تتوقع تحقيق تدفقات نقدية إيجابية في النصف الثاني من العام. كما ارتفع إنتاج الشركة من الطائرات، وبلغ عدد الطائرات التي سلّمتها أعلى مستوى له منذ 18 شهراً.
إنه تحوّل كبير لشركة «بوينغ»، التي فشل الرؤساء التنفيذيون السابقون فيها مراراً في تحقيق أهداف تسليم الطائرات، والحصول على الشهادات التنظيمية، وتحقيق الأهداف المالية، وإحداث تغييرات في ثقافة العمل، ما أثار استياء المستثمرين والعملاء على حد سواء، بينما كانت منافستها «إيرباص» تواصل التقدّم.
وقال ريتشارد أبولافيا، المدير التنفيذي لشركة «أيرودايناميك أدفايزوري» للاستشارات في قطاع الطيران: «ثمة اتفاق عام على أن ثقافة الشركة بدأت تتغير بعد عقود من الجروح الذاتية».
ويتوقع المحللون أن تسجل «بوينغ» أول أرباح سنوية لها منذ عام 2018 في العام المقبل.
وقال دوغلاس هارند، كبير محللي قطاع الطيران والدفاع في شركة «بيرنشتاين»: «عندما تسلّم أورتبرغ المنصب، لم أكن متفائلاً كما أنا اليوم».
كانت التحديات كبيرة أمام أورتبرغ منذ البداية، لكنها تضاعفت مع وصوله إلى الشركة.
ففي ظل نزيف السيولة النقدية، أعلن أورتبرغ عن إجراءات تقشفية صارمة، شملت تسريح 10% من موظفي الشركة. وقد أضرب عمّال التصنيع، الذين يشكلون العمود الفقري لإنتاج الطائرات، عن العمل لمدة سبعة أسابيع، إلى أن توصّلت الشركة إلى اتفاق عمل جديد مع نقابتهم. كما أشرف أورتبرغ على جمع تمويل رأسمالي تجاوز 20 مليار دولار في الخريف الماضي، وأقال رئيس وحدة الدفاع، وباع شركة الملاحة الجوية «جيبسن» التابعة لبوينغ.
وكان أورتبرغ قد اشترى منزلاً في منطقة سياتل، حيث تتم صناعة معظم طائرات بوينغ، بعد فترة وجيزة من توليه المنصب في أغسطس آب الماضي، وهو ما اعتبره محللو قطاع الطيران مؤشراً إيجابياً على التزامه.
وقال ريتشارد أبولافيا: «إنه يحضر بنفسه. أن تحضر، وأن تتحدث مع الناس – هذا بحد ذاته فارق».
وقد امتنعت شركة بوينغ عن إتاحة أورتبرغ لإجراء مقابلة صحفية.
كان قادة بوينغ يأملون أن يكون عام 2024 عام التحول المنتظر. لكن بعد خمسة أيام فقط من بدايته، انفصل غطاء باب طوارئ من طائرة «بوينغ 737 ماكس 9» شبه جديدة أثناء صعودها من مطار بورتلاند، ما كاد يؤدي إلى كارثة جوية.
هذا الحادث أعاد الشركة إلى دوامة الإخفاقات، وأدى إلى تباطؤ في الإنتاج، وتجديد التدقيق من إدارة الطيران الفدرالية، وخسائر مالية بمليارات الدولارات.
وقد تبين لاحقاً أن البراغي الأساسية لم تكن مثبّتة على الطائرة قبل تسليمها إلى شركة «ألاسكا إيرلاينز»؛ في حادثة اعتُبرت الأحدث في سلسلة من المشكلات التصنيعية التي تعاني منها بوينغ، والتي تتطلب في كل مرة إعادة إصلاح شاقة وتستنزف الوقت والموارد.
وكانت بوينغ لا تزال تعاني من تبعات حادثَي تحطم مميتين لطراز «ماكس» في عامي 2018 و2019، واللذَين شوهّا سمعة أكبر مصدر في أميركا. وفي مايو أيار، توصلت الشركة إلى اتفاق مع وزارة العدل الأميركية لتجنب الملاحقة القضائية في إطار قضية تتعلق باتهامات جنائية سابقة مرتبطة بتلك الحوادث، وهي صفقة وُوجهت بانتقادات شديدة من عائلات الضحايا.
وعلى مدى سنوات، لم يتردد كبار مسؤولي شركات الطيران العالمية في انتقاد بوينغ علناً بسبب التأخيرات وسوء الإدارة. ففي مايو أيار 2022، قال الرئيس التنفيذي لشركة «رايان إير»، مايكل أوليري، للمستثمرين إن الإدارة بحاجة إلى «إعادة تشغيل أو ركلة في المؤخرة».
لكن نبرة أوليري تغيّرت في الأسبوع الماضي.
فقد صرّح خلال مكالمة أرباح قائلاً: «ما زلت أعتقد أن كيلي أورتبرغ وستيفاني بوب (الرئيسة التنفيذية لوحدة الطائرات التجارية في بوينغ) يقومان بعمل رائع. لا شك أن جودة الإنتاج، سواء في هياكل الطائرات في ويتشيتا أو الطائرات الجاهزة في سياتل، قد تحسّنت بشكل ملحوظ».
عام التحول المنتظر يتحول إلى كابوس
كان قادة بوينغ يأملون أن يكون عام 2024 عام التحول المنتظر. لكن بعد خمسة أيام فقط من بدايته، انفصل غطاء باب طوارئ من طائرة «بوينغ 737 ماكس 9» شبه جديدة أثناء صعودها من مطار بورتلاند، ما كاد يؤدي إلى كارثة جوية.
هذا الحادث أعاد الشركة إلى دوامة الإخفاقات، وأدى إلى تباطؤ في الإنتاج، وتجديد التدقيق من إدارة الطيران الفدرالية، وخسائر مالية بمليارات الدولارات.
وقد تبين لاحقاً أن البراغي الأساسية لم تكن مثبّتة على الطائرة قبل تسليمها إلى شركة «ألاسكا إيرلاينز»؛ في حادثة اعتُبرت الأحدث في سلسلة من المشكلات التصنيعية التي تعاني منها بوينغ، والتي تتطلب في كل مرة إعادة إصلاح شاقة وتستنزف الوقت والموارد.
وكانت بوينغ لا تزال تعاني من تبعات حادثَي تحطم مميتين لطراز «ماكس» في عامي 2018 و2019، واللذَين شوهّا سمعة أكبر مصدر في أميركا وفي مايو أيار، توصلت الشركة إلى اتفاق مع وزارة العدل الأميركية لتجنب الملاحقة القضائية في إطار قضية تتعلق باتهامات جنائية سابقة مرتبطة بتلك الحوادث، وهي صفقة وُوجهت بانتقادات شديدة من عائلات الضحايا.
وعلى مدى سنوات، لم يتردد كبار مسؤولي شركات الطيران العالمية في انتقاد بوينغ علناً بسبب التأخيرات وسوء الإدارة. ففي مايو أيار 2022، قال الرئيس التنفيذي لشركة «رايان إير»، مايكل أوليري، للمستثمرين إن الإدارة بحاجة إلى «إعادة تشغيل أو ركلة في المؤخرة».
لكن نبرة أوليري تغيّرت في الأسبوع الماضي.
فقد صرّح خلال مكالمة أرباح قائلاً: «ما زلت أعتقد أن كيلي أورتبرغ وستيفاني بوب (الرئيسة التنفيذية لوحدة الطائرات التجارية في بوينغ) يقومان بعمل رائع. لا شك أن جودة الإنتاج، سواء في هياكل الطائرات في ويتشيتا أو الطائرات الجاهزة في سياتل، قد تحسّنت بشكل ملحوظ».
لا تزال أمام بوينغ، بقيادة كيلي أورتبرغ، تحديات كبيرة يجب معالجتها.
فقد فرضت إدارة الطيران الفدرالية سقفاً لإنتاج طائرات «737 ماكس» عند 38 طائرة شهرياً، وهو المعدل الذي بلغته الشركة حالياً. وإذا أرادت بوينغ تجاوز هذا الحد والوصول إلى هدفها البالغ 42 طائرة شهرياً، فستحتاج إلى موافقة رسمية من الهيئة التنظيمية.
وكان أورتبرغ قد صرّح هذا العام بأن الشركة تسير بخطى ثابتة نحو الاستقرار بما يسمح لها بتجاوز هذا المعدل لاحقاً. ويُعدّ رفع وتيرة الإنتاج أمراً محورياً، إذ لا تحصل الشركات المصنعة على مستحقاتها إلا عند تسليم الطائرات فعلياً.