سيكون فك ارتباط مصر مع صندوق النقد الدولي في الوقت الحالي مؤشراً سلبياً للطرفين، لكن يمكن لمصر أن تنتهي من علاقتها مع الصندوق بانتهاء برنامجها الحالي في نهاية 2026 لتنفذ برنامجاً اقتصادياً خاصاً بها دون تدخل من أحد، حسب ما يقول محللون تحدثوا مع CNN الاقتصادية.
ومؤخراً تعالت الأصوات في مصر حول أنها بحاجة إلى أن تسلك مساراً مختلفاً عن برامج صندوق النقد الدولي، وأن تنفذ إصلاحات تتوافق مع طبيعة الاقتصاد المصري ودرجة مرونته.
ويقول المحللون إن مصر عليها أن تنفذ برنامجاً يتجاوز مسألة التثبيت والتعامل مع الصدمات المباشرة مثل سعر الصرف والتضخم إلى مشكلات جذرية مثل استمرار عجز الموازنة أو أزمة الديون.
وتعد مصر حالياً ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي، ومنذ عام 2016 نفذت مصر عدة برامج مع الصندوق كان آخرها في نهاية 2022 الذي تعرض لعدة عثرات بسبب تعطل تنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية، قبل أن تعدل البرنامج ليصبح بقيمة 8 مليارات دولار وتؤجل تنفيذ بعض الإصلاحات في مطلع 2024.
مصر وصندوق النقد الدولي
يُنتظر أن تزور مصر بعثة من صندوق النقد الدولي لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر، بعد أن قرر الطرفان دمجهما لإتاحة الفرصة لمصر لإجراء مزيد من الإصلاحات الاقتصادية.
وأدى انتهاء مصر من المراجعة الخامسة في موعدها يونيو حزيران الماضي إلى تأجيل صرف شريحة جديدة من قرض مصر، إذ حصلت مصر منذ بداية 2025 حتى الآن على 1.2 مليار دولار، ليكون إجمالي ما حصلت عليه من قيمة القرض 3.2 مليار دولار.
ومن المقرر أن تسدد مصر نحو 1.47 مليار دولار لصندوق النقد الدولي خلال الفترة من سبتمبر أيلول إلى ديسمبر كانون الأول 2025، قيمة أقساط قروض سابقة، وفقاً لبيانات الصندوق.
هل تخرج مصر من عباءة صندوق النقد؟
«من الناحية المالية، قد لا تكون مصر في حاجة ماسة إلى تمويل من صندوق النقد الدولي حالياً، إذ تعزز الاحتياطي الخارجي لمصر ووصل لمستويات قياسية وتضاعف صافي الأصول الأجنبية للقطاع المالي أكثر من ثلاثة أضعاف»، حسب ما تقول رئيسة إدارة المخاطر بمنطقة الشرق الأوسط في فيتش سوليوشنز، رامونا مبارك.
وتضيف: «يمكن أن يرسل الخروج من برنامج صندوق النقد إشارة سلبية إلى المستثمرين، كما سيكلف مصر التمويل المتبقي في إطار البرنامج».
ويرى الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الاستشارية لرئيس الوزراء المصري، مدحت نافع، أن انتهاء برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي قبل موعده المحدد سواء من طرف واحد أو من الطرفين سيكون مؤشراً سلبياً للغاية سواء لمصر أو لصندوق النقد الدولي.
ويقول إن التكلفة المباشرة لانتهاء برنامج مصر قبل موعده هو ضياع ما تبقى من قيمة قرض مصر، لكن يمكن لمصر أن تعالج البطء في تنفيذ بعض الإصلاحات مع الصندوق وتطلب مداً أو تأجيلاً لبعض هذه الإصلاحات.
وسيظل البرنامج مع صندوق النقد الدولي مهماً باعتباره ركيزة للسياسات وضماناً للمستثمرين الأجانب، وخاصة المستثمرين في المحافظ الاستثمارية، كما تقول رئيسة إدارة المخاطر بمنطقة الشرق الأوسط في فيتش سوليوشنز.
مصر ما بعد صندوق النقد الدولي
وسيكون السؤال الأهم هو؛ هل سيمكن لمصر أن تمضي قدماً بعيداً عن الصندوق بعد انتهاء برنامجها قبل نهاية عام 2026؟ الإجابة نعم، بحسب نافع.
وقبل أيام أكد رئيس مجلس الوزراء المصري أن مصر لديها رؤية اقتصادية حتى عام 2030 تمتد لما بعد انتهاء اتفاق صندوق النقد الدولي.
ويقول نافع إن البرنامج الجديد يجب أن يكون أكثر اشتباكاً مع المشكلات والأزمات طويلة الأجل ويتجاوز مشكلات تثبيت سعر الصرف والصدمات المباشرة لسعر الصرف والتضخم.
ويضيف أن هذه المشكلات تتعلق بتحقيق استدامة مالية أطول والقضاء على عجز الموازنة وحل أزمة الديون سواء المحلية أو الخارجية، وأن يسفر هذا البرنامج عن التزامات محددة على الحكومة أن تلتزم بها أولاً قبل القطاع الخاص.