استقرار مالي ‘راسخ’

أصدر البنك المركزي الأردني تقرير الاستقرار المالي لعام 2024، بهدف تقديم تقييم شامل لوضع القطاع المالي والظروف الاقتصادية الكلية في المملكة، وتحليل المخاطر والفرص التي قد تؤثر في استقرار النظام المالي.

أوضح التقرير أن الاقتصاد الأردني أظهر قدرة عالية على الصمود والمحافظة على الاستقرار الكلي، رغم حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي المتصاعدة في المنطقة نتيجة استمرار الحرب على قطاع غزة لفترة أطول من المتوقع. كما حافظت السياسة النقدية والمالية في المملكة على قوتها، بفضل سياسات البنك المركزي الحصيفة في مجالي النقد والرقابة.

يشير مفهوم الاستقرار المالي إلى تعزيز قدرة البنوك والمؤسسات المالية المختلفة على مواجهة المخاطر المحتملة والحد من أي اختلالات هيكلية قد تؤثر في أداء النظام المالي.

وقد أبرز التقرير أن القطاع المصرفي في الأردن يتمتع بدرجة عالية من الاستقرار، مع تحسن ملحوظ في معظم النسب والمؤشرات المالية للبنوك. فقد ارتفعت نسبة كفاية رأس المال في القطاع المصرفي الأردني إلى 18% حتى نهاية حزيران 2024، مقارنةً بـ17.9% في نهاية عام 2023، وهي نسبة تفوق الحد الأدنى المطلوب البالغ 12%، مما يوفر هامش أمان مريح. كما يحافظ القطاع على مستويات سيولة آمنة تفوق الحدود التنظيمية.

وأشار التقرير أيضًا إلى أن نسبة القروض غير العاملة في البنوك بلغت 5.8% في نهاية حزيران الماضي، تمت تغطية 71.3% منها بالمخصصات، ما يعكس نهجًا سليمًا في إدارة المخاطر. كما أوضح أن نتائج اختبارات الضغط أظهرت قدرة القطاع المصرفي على تحمل الصدمات والمخاطر العالية، بفضل احتفاظ البنوك في الأردن بمستويات مرتفعة من رأس المال، والسيولة، والربحية.

يواصل البنك المركزي تنفيذ استراتيجية التمويل الأخضر (2023–2028) التي أطلقها في عام 2023، وهي الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتشكل خارطة طريق تمكّن البنك المركزي والقطاعين المصرفي والمالي من تعزيز التمويل الأخضر وتقليل مخاطر تغير المناخ.

كما أصدر البنك المركزي لأول مرة تعليمات خاصة بالمخاطر المناخية للبنوك العاملة في المملكة، بعنوان “تعليمات إدارة المخاطر المناخية”، بهدف تعزيز وتفعيل إدارة هذه المخاطر في القطاع المصرفي الأردني.

بالإضافة إلى ذلك، أطلق البنك المركزي في آذار 2024 الاستراتيجية الوطنية الثانية للشمول المالي (2023–2028)، التي تركز على تمكين الوصول المسؤول والمستدام إلى المنتجات والخدمات المالية واستخدامها من قبل جميع فئات المجتمع، بما يسهم في تحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مختلف أنحاء المملكة. كما واصل البنك مراجعة الإطار التشريعي والتنظيمي بما يتماشى مع أحدث التطورات وأفضل الممارسات الدولية في دور البنوك المركزية في تحقيق الاستقرار النقدي والمالي.

رغم التحديات الإقليمية والعالمية، يثبت الاقتصاد الأردني مجددًا قدرته على الصمود والتكيف، مستندًا إلى بيئة نقدية ومصرفية مستقرة. وتؤكد نتائج تقرير الاستقرار المالي أن الأردن يسير على مسار سليم يعزز قوته الاقتصادية ويدعم طموحه نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل، حتى في ظل بيئة إقليمية مضطربة.

Related posts

الحجز لقاء الدين !.

مبادرة تنظيم الظواهر الاجتماعية وتحفيز المشاركة المجتمعية

صندوق رأس المال.. نموذج استثماري ابتكاري