*شطحات اقتصادية
مرة أخرى، يعود القطاع الخاص الأردني ليكشف أنه يتقدم على الأداء الحكومي أو الرسمي، بشقَّيه التشريعي والتنفيذي – برلماناً وحكومة – وبفارق كبير جداً، سواء من حيث النتائج المالية المسجَّلة، أو من خلال كفاءة الأداء وحسن التدبير، وربما قبل كل ذلك من خلال الالتزام بمعايير حوكمة حقيقية.
قد ينبري البعض لانتقاد المقارنة بين أداء الحكومة والقطاع الخاص، بحجة أن مهمة كل منهما تختلف عن الآخر. لكن، قبل ذلك، دعونا نفهم الهدف من هذه المقارنة، وهو ببساطة تقديم إجابة على السؤال:
كيف استطاع القطاع الخاص في الأردن تحقيق نتائج إيجابية في ظل أداء حكومي – عبر حكومات متعاقبة – لم يرتقِ حتى اللحظة إلى الحد الأدنى؟
يستحق القطاع الخاص في الأردن أن نرفع له القبعة، بل أذهب أبعد من ذلك لأؤكد أن شركات الأردن ومؤسساته الخاصة، وتلك التي امتدت خارج حدوده، تستحق ثقة المواطن بنسبة 99%، لما حققته من نتائج في النصف الأول من العام تعكس الالتزام والتفاني، بل والاحترافية العالية التي تتمتع بها.
واللافت أن هذه الشركات في الأردن تُشغّل أردنيين ويقودها أردنيون في معظمها، ونادراً ما تستعين بمهنيين أو فنيين أو إداريين من خارج البلاد، ومع ذلك تحقق نتائج مهمة وسط نفس الظروف التي يعيشها القطاع العام وأجهزة الحكومة ومؤسساتها، وحتى المنظومة التشريعية، التي لا يعمل فيها إلا الأردنيون ولا يقودها إلا الأردنيون. ومع ذلك، تبقى هذه المنظومة تعاني من سوء الأداء، وحمولة بشرية غير كفؤة، تجعل ثقة الناس بها تتراجع، وإن شهدت تحسناً طفيفاً في الآونة الأخيرة.
مفارقات عجيبة، ربما تدفعنا لرفع الحاجب تعجباً، والالتفات إلى أمور جوهرية يفعلها القطاع الخاص ليحقق هذه النتائج، بينما لا توليها الحكومة الاهتمام الكافي، مثل: الحوكمة، والتحفيز، والإدارة الرشيدة، وكفاءة الإنفاق، والاستثمار في الموظفين – تدريباً وتأهيلاً – وغيرها الكثير مما نغفل عنه أو نتغافل، وسط انشغالنا بما نراه أولويات قصوى.