اسواق جو – لا يمكن تعزيز الصحة البيئية في الأردن من دون تحسين نوعية الهواء والمياه والتربة، وتوفير خدمات صرف صحي ملائمة، وتقليل التعرض للمواد الكيميائية الضارة.
وكل ذلك يتطلب وفق خبراء في البيئة، الالتزام بالسياسات والبرامج التي تدعم البيئات الصحية والمستدامة، وذلك يشمل زيادة الوعي البيئي، وتشجيع الاستدامة في مختلف القطاعات، وتطبيق التقنيات الحديثة، وتعزيز العمل التعاوني بين الجهات المختلفة لضمان صحة المجتمعات.
ويواجه الأردن، تحديات بيئية متزايدة بفعل التغيرات المناخية، أبرزها ارتفاع درجات الحرارة وتراجع الموارد المائية، والتي لا تقتصر على الجانب البيئي فحسب، بل تمتد لتشمل الاقتصاد والصحة العامة والسياحة، وجودة الحياة، وفق رئيس اتحاد الجمعيات البيئية (الاتحاد النوعي) عمر الشوشان.
كما تشير تقديرات رسمية، حسب تصريحات له لـ”الغد”، إلى أن كلفة التدهور البيئي في الأردن تتجاوز 3 % من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، نتيجة تلوث الهواء والمياه وفقدان الأراضي الزراعية.
في المقابل، يفتح الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، فرصاً واعدة للنمو، وفق الشوشان، الذي دلل على قوله إنه وبحسب البنك الدولي، يمكن لمشروعات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة الإسهام بخلق نحو 50 ألف فرصة عمل بحلول العام 2030، إذا جرى توسيع الاستثمارات، وتعزيز الحوافز.
وأما من الناحية الصحية، فأكد أن تلوث الهواء يُعد من أبرز التحديات، بحيث يتسبب في نحو 1.600 وفاة مبكرة سنوياً وفق بيانات منظمة الصحة العالمية.
ويُشكل تحسين نوعية الهواء عبر التحول إلى وسائل نقل صديقة للبيئة، وتشديد الرقابة على الصناعات الملوِّثة خطوة أساسية لتقليل كلف الرعاية الصحية، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، تبعا له.
وبشأن قطاع السياحة، الذي يشكل نحو 12 % من الناتج المحلي الإجمالي، فإن حماية النظم البيئية في مناطق مثل وادي رم، والبحر الميت تعتبر ضرورة للحفاظ على جاذبية الأردن كوجهة للسياحة البيئية والعلاجية، وهو ما يعزز فرص الاستثمار، ويضمن استدامة هذا القطاع الحيوي، وفق تأكيداته.
لكن الشوشان وفي رأيه، فإن تحقيق ذلك يتطلب أدوات واضحة، تشمل دمج اعتبارات التغير المناخي في التخطيط الاقتصادي، وتطبيق معايير صارمة للرقابة البيئية، بالإضافة لتحفيز القطاع الخاص عبر حوافز ضريبية وتمويل ميسر لمشروعات الاقتصاد الأخضر.
وشدد على أن المطلوب حاليا، هو شراكة متوازنة بين الحكومة والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، بما يحول حماية البيئة من عبء إلى فرصة استثمارية تعزز الاقتصاد الوطني، وتضمن حياة أفضل للأردنيين.
وتعد قضية فرز النفايات وإعادة تدويرها من بين الأدوات المهمة لتعزيز الصحة البيئية في الأردن، إذ أنها ليست مجرد ممارسات بيئية ترفيهيه، بل ضرورة وطنية ملحة، بخاصة في ظل التحديات المتزايدة والمتعلقة بإدارة المخلفات بالأردن، وشح الموارد الطبيعية، وازدياد الكثافة السكانية، وفق مؤسسة مبادرة همة ولمة لانا حمارنة.
وشددت لـ”الغد” على أن فرز النفايات من مختلف المصادر المتعددة، وأي موقع تولد فيه المخلفات يعد مسألة مهمة جداً، ولكنها غير مطبقة بالأردن.
وبينت حمارنة، أن فرز الورق والبلاستيك، والزجاج والمعادن يساعد في إعادة تدويرها، مما يقلل الحاجة لاستخراج الموارد الطبيعية، ويُسهم في توفير الطاقة، ويحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، ما يقلل من تلوث الهواء والتربة، والمياه الجوفية، وتعزيز صحة البيئة.
وحذرت حمارنة من بقاء الوضع على حاله دون فرز النفايات، وعدم تطبيق قانون صارم بشأن الرمي العشوائي للمخلفات في كل مكان، وعدم إيجاد بنية تحتية كافية لإعادة التدوير لأن العواقب ستكون وخيمة على صحة الإنسان.
واستندت في رأيها، على أن المكبات العشوائية، وحرق النفايات، وتسرب كل أشكال التلوث والمواد السامة إلى التربة والمياه الجوفية، سيهدد صحة الإنسان والبيئية على حد سواء، وتزايد معدلات أمراض الجهاز التنفسي، والسرطانات المرتبطة بالتلوث، وتدهور جودة التربة للزراعة، وتلويث الموارد المائية الشحيحة في الأردن .
ولتعزيز صحة البيئة في الأردن، دعت حمارنة لاتخاذ سلسلة من الأدوات المتكاملة مثل سن تشريعات وقوانين صارمة وداعمة للتوعية المجتمعية، مؤكدة انه يجب إلزام المؤسسات، والمدارس، والجامعات، ومؤسسات المجتمع المحلي بالفرز وإعادة التدوير، وتوفير أماكن لوضع نفايات الفرز بكافة أشكالها، وبمحطات قريبة للتسهيل على المواطن، وتشجيعه على الفرز.
وشددت على ضرورة استمرار التوعية المجتمعية في المدارس، والجوامع، والكنائس والجمعيات، ووسائل التواصل المحلية والتلفزيونات، والإذاعات، وجميع الوزارات لتوحيد الرسائل حول موضوع ثقافة الفرز من المصدر كسلوك يومي.
ومن بين المقترحات الأخرى استخدام حوافز ضريبية، أو في البلدية، مع تطوير البنية التحتية بإنشاء محطات فرز للنفايات القابلة لإعادة التدوير، وتشجيع الفئات الشبابية للعمل بمحطات فرز النفايات، بحسبها. وأكدت على أهمية التشاركية بين القطاعين العام والخاص، والمجتمع المدني لخلق نموذج تشاركي يضمن إيجاد الحلول والتدريب.