أسواق جو
يواجه مسؤولو البنتاغون مهمة شاقة تتمثل في تنفيذ الأمر التنفيذي للرئيس دونالد ترامب بإعادة هيكلة هذه الوكالة العالمية الضخمة وتحويلها إلى وزارة الحرب، الأمر الذي يكلّف مليارات الدولارات.
وأعرب كثيرون عن إحباطهم وغضبهم وارتباكهم التام إزاء هذا الجهد، الذي قد يكلف مليارات الدولارات لتغيير شكلي لن يُسهم كثيراً في معالجة التحديات الأكثر إلحاحًا التي تواجه الجيش، مثل مواجهة تحالف أكثر عدوانية بين الدول الاستبدادية.
ذكرت مجلة بوليتيكو أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل حالياً على تجنب تصويت الكونغرس بشأن تغيير اسم “وزارة الحرب” إلى مسمى آخر، وسط جدل سياسي حول الفكرة.
وأوضحت الصحيفة أن تغيير اسم الوزارة قد يتطلب إنفاق مبالغ ضخمة، حيث قد تصل التكلفة إلى مليارات الدولارات بسبب تعديلات اللوائح، والطباعة الجديدة للوثائق الرسمية، وتحديث اللوحات والإشارات الحكومية.
ووقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة 5 سبتمبر/ أيلول، أمراً تنفيذياً بتغيير تسمية وزارة الدفاع إلى “وزارة الحرب”، معتبراً أنّ ذلك يبعث “رسالة نصر” إلى العالم.
وقال ترامب في تصريح لصحافيين في المكتب البيضوي بحضور الوزير بيت هيغسيث الذي بات “وزير الحرب”، إن الاسم الجديد “أكثر ملاءمة في ضوء وضع العالم راهناً”.
تكاليف باهظة
لا تزال تفاصيل الأمر الذي وقّعه ترامب غامضة، لكن سيحتاج المسؤولون إلى تغيير أختام وزارة الدفاع على أكثر من 700 ألف منشأة في 40 دولة وجميع الولايات الخمسين.
ويشمل ذلك كل شيء، بدءاً من ترويسة ستة فروع عسكرية وعشرات الوكالات الأخرى، وصولًا إلى المناديل المنقوشة في قاعات الطعام، والسترات المطرزة للمسؤولين الذين وافق مجلس الشيوخ على تعيينهم، وسلاسل المفاتيح والهدايا التذكارية في متجر البنتاغون.
في هذا الإطار، أعرب عدد من المسؤولين عن استيائهم من هذه الخطوة التي تكلف المليارات، وقال مسؤول دفاعي سابق: “هذا موجّه فقط للجمهور السياسي المحلي. لن يُكلّف هذا ملايين الدولارات فحسب، بل لن يكون له أي تأثير على الحسابات الصينية أو الروسية. والأسوأ من ذلك، أن أعدائنا سيستخدمونه لتصوير الولايات المتحدة على أنها مُحرّضة على الحرب وتهديد للاستقرار الدولي”.
موافقة الكونغرس
من المرجح أن يتطلب تغيير الاسم رسمياً قراراً من الكونغرس، على الرغم من أن شخصاً مطلعاً على المداولات قال إن البيت الأبيض يبحث عن سبل لتجنب تصويت الكونغرس.
البيت الأبيض أوضح في بيان أن الأمر التنفيذي لترامب يُخول وزير الدفاع بيت هيغسيث بالإشارة إلى نفسه باسم “وزير الحرب” في جميع المراسلات الرسمية، والتوصية بإجراءات تضمن التزام الوزارة بتغيير الاسم. كما ذكر أن وزارة الحرب يمكن أن تكون اسمًا ثانويًا، مما قد يسمح لهيجسيث بتنفيذ الإجراء، ولكنه يساعد في تجنب التغييرات القانونية.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع، طلب الإشارة إليه باسم “مسؤول وزارة الحرب”، إنه من المتوقع أن تتقلب تكاليف هذه الخطوة مع تنفيذها.
انتقادات حادة
الاقتراح قوبل بانتقادات حادة من السيناتور ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، كبير الجمهوريين في مجلس الشيوخ والمشرف على إنفاق البنتاغون. وردّ زعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ على انتقاداته بأن طلب ترامب لميزانية البنتاغون لعام 2026 لا يتناسب مع التضخم.
قال ماكونيل على منصة X: “إذا أطلقنا عليها اسم وزارة الحرب، فمن الأفضل أن نجهز الجيش لمنع الحروب والانتصار فيها. لا يمكن الحفاظ على التفوق الأميبركي إذا كنا غير مستعدين لإنفاق مبالغ طائلة على جيشنا تفوق ما أنفقه كارتر أو بايدن. “السلام بالقوة” يتطلب استثماراً، وليس مجرد إعادة صياغة للشعار”.
وضمن حملة الانتقادات، سارع الديمقراطيون إلى تسليط الضوء على مفارقة هذا الإجراء الذي اتخذه رئيسٌ يبدو أنه يطمح لجائزة نوبل للسلام، وقد تعهد بإنهاء الحروب في غزة وأوكرانيا. كما اتهموا البيت الأبيض بمحاولة صرف الانتباه عن القضايا الحقيقية.
بدورها، صرحت السيناتور جين شاهين (ديمقراطية عن ولاية نيو هامبشاير)، كبيرة الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، يوم الجمعة على قناة MSNBC: “إنها بيئة بالغة الخطورة”. وأضافت: “إن إضاعة الرئيس ووزير الدفاع وقتهما وجهدهما في صرف الانتباه عما يتعين علينا القيام به، مثل التركيز على جاهزية قواتنا العاملة، ليس سوى محاولة لصرف الانتباه عن قضايا أخرى تدور في البلاد”.
لكن وزير الحرب بيت هيغسيث، الذي دافع عن “روح قتالية” أكثر فتكاً في صفوف الجيش، قال إن القرار “سيحدد مسار البلاد!”.
وفي سياق التغييرات، أعاد البنتاغون تسمية حسابه على منصة إكس X ليصبح “وزارة الحرب”، مع إضافة ختم مختلف للصورة الرمزية، إلا أن شعار الصفحة لا يزال يحمل شعار وزارة الدفاع القديم.
كذلك أعاد البنتاغون توجيه المستخدمين من defense.gov إلى war.gov، الذي كان متوقفاً بشكل مؤقت. وقال مسؤول دفاعي آخر إن وزارة الدفاع استغرقت أسابيع لحذف مواقعها الإلكترونية التي تضمنت إشارات إلى التنوع والمساواة والشمول بعد أن طالبت إدارة ترامب بإزالتها. ويتوقع المسؤولون حدوث مشكلة طويلة الأمد في هذه الأثناء.