نمو الاقتصاد الأردني وتأثير الجفاف باعتباره عاملاً خارجياً سلبيًا

أثمرت رؤية التحديث الاقتصادي وجهود الحكومة في زيادة النمو الاقتصادي الحقيقي بنسبة 2.8٪، على خلاف التوقعات والاسقاطات وهو شيء يبعث بالأمل على المزيد من النمو خلال الأعوام القادمة، ولولا الجفاف الذي ضرب الأردن العام الماضي بنسبة هطول مطري لم تتجاوز 50٪ من المعدل العام، لكانت نسبة النمو الاقتصادي اعلى بقليل.

يعتبر تأثير الجفاف على النمو الاقتصادي من العوامل الخارجية، ولا تدخل تأثيراته في حسابات النمو الاقتصادي المعتادة لان تكلفته ونتائجه السلبية من نقص مياه وإنتاج غذاء وارتفاع أسعار السلع الزراعية ليس من تأثير المنتجين المباشرين ولا ينعكس على أسعار السوق، ولكن يؤثر على الاقتصاد الكلي والمجتمع بشكل عام، وبالتالي فان تأثيرات الجفاف لا تصبح من فعل او مسؤولية القطاعات المعنية المتأثرة بالجفاف.

جفاف الموسم المطري السابق، والذي ينطوي الى حد ما تحت التغير المناخي، جزء من العوامل الخارجية الاقتصادية التي اثرت سلبا” على نقص المياه والإنتاج الزراعي وكثافة الغطاء النباتي والأنظمة البيئية وسلاسل التزويد المرتبطة بها. وفي هذا السياق تأتي أهمية الفهم الكمي وتحديده في النمو الاقتصادي، والذي يعني بدون أدنى شك بانه ولولا تأثير الجفاف لكان الناتج المحلي الإجمالي ونموه اعلى مما تم تحقيقه. فعلى سبيل المثال دون حصر، نقص مخزون السدود من المياه عن العام الذي سبقه حوالي 100 مليون متر مكعب وبقيمة اقتصادية تزيد عن 140 مليون دينار (على اعتبار كلفة الفرصة البديلة للمتر المكعب الواحد 1.4 دينار أردني كمعدل للقطاع المنزلي والري)، وما رافق ذلك من تدني في تقديم الخدمات والسلع المرتبطة بها. اما قطاع الزيتون والزيت وحسب التقديرات الأولية فان انتاج زيت الزيتون سينخفض بمقدار 15 ألف طن عن العام الذي سبقه او ما يعادل 75 مليون دينار كخساره للمزارعين (فرصة فائتة للتصدير). اما تغذية المياه الجوفية والتي عادة ما تكون بالمعدل حوالي 275 مليون فقاربت من الصفر وهذا ما شهده أصحاب ابار المياه الجوفية هذا العام من خلال الهبوط الكبير بسطح المياه الجوفية والتملح، اذ تقدر القيمة الاقتصادية لهد النقص بأكثر من 385 مليون دينار. اما التأثير الأكبر فيكمن بتدني مستويات الرطوبة بالتربة بسبب قلة الهطول المطري وتبعاته على استدامة الزراعة البعلية من أشجار مثمرة وحرجية ومحاصيل حقلية، اذ تقل نسب بقاء الاشجار بحوالي 50٪ في مثل هذه الظروف البيئية، وهذا واضح في الفترة الحالية من خلال نظره ثاقبة على الأشجار سابقة الذكر في كافة المناطق الاردنية وما تعانيه من تيبس وضعف، وما يترتب على ذلك من كلف اقتصادية من حيث الإنتاج والزراعات البديلة وضئالة نسبة نجاح إعادة زراعتها وخاصة الحرجية منها، ناهيك عن الكلف الاقتصادية الكبيرة والخسائر المالية المترتبة على ذلك.

خلاصة القول وبعد الرجوع الى أحدث الطرق الدولية لحسابات الجفاف كعامل خارجي في النمو الاقتصادي، وخاصة تقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تشير الى ان نقص معدل الامطار بمعدل 100 ملم سنويا في المناطق الجافة وشبه الجافة مثل الأردن، سيترتب عليه تأثير سلبي على النمو بواقع 0.2٪ سنوي. وإذا نظرنا الى معدل الهطول في العام الماضي نجد انه نقص بما لا يقل عن 100 ملم، وإذا اخذنا بعين الاعتبار تبعاته من خلال الأرقام الاقتصادية التقديرية سابقة الذكر التي تكبدها قطاعي المياه والزراعة والتي ترتبت نتيجة قلة الهطول المطري لمستويات قد تكون غير مسبوقة، يتضح وبدون أدني اشك ان الاثار السلبية للجفاف قد كلفت النمو الاقتصادي بما لا يقل عن 0.2٪ دون الخوض بتفاصيل إضافية ترتبت على اقتصاديات البيئة الوطنية.(الراي)

Related posts

الحجز لقاء الدين !.

مبادرة تنظيم الظواهر الاجتماعية وتحفيز المشاركة المجتمعية

صندوق رأس المال.. نموذج استثماري ابتكاري