25
يدخل سوق النفط مرحلة جديدة من التوازنات المعقدة في ظل بيانات تؤكد استمرار تركّز الإنتاج العالمي في يد مجموعة محدودة من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم.
فبحسب أحدث إحصاءات منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» وإدارة معلومات الطاقة الأميركية، والبيانات الحكومية فإن نحو نصف المعروض العالمي أو ما يعادل قرابة 58.2 مليون برميل يومياً، يأتي من عشر دول فقط، ما يجعلها صاحبة الكلمة العليا في تحديد اتجاهات الأسعار والتدفقات التجارية.
وتشير الأرقام إلى أن الولايات المتحدة تواصل تصدر قائمة المنتجين بمعدل يتجاوز 13 مليون برميل يومياً، مدفوعة بزخم قطاع النفط الصخري، بينما تحافظ روسيا والسعودية على موقعهما في المراتب الثلاث الأولى، رغم التحديات الجيوسياسية والضغوط الاقتصادية.
ورغم أن العناوين الكبرى تذهب إلى الولايات المتحدة وروسيا، فإن للدول العربية نصيباً وازناً من المعروض النفطي، تقوده السعودية التي تُعد أكبر منتج عربي وثالث أكبر منتج عالمي، ما يمنحها دوراً محورياً في استقرار السوق وتوجيه قرارات أوبك+.
أميركا تترأس القائمة
تتصدر الولايات المتحدة المشهد العالمي بإنتاج يصل إلى 13.21 مليون برميل يومياً، ويعود هذا التفوق إلى الطفرة في قطاع النفط الصخري الذي وفر قدرة استثنائية على رفع أو خفض الإنتاج بسرعة استجابة للتغيرات السعرية.
ورغم هذه الميزة، يبقى القطاع عرضة لتحديات مرتبطة بتكاليف التمويل والضغوط البيئية، لكنه يظل مصدر قوة رئيسية في يد واشنطن على خريطة الطاقة.
روسيا.. إنتاج مرتفع رغم القيود
تحافظ روسيا على موقعها كثاني أكبر منتج عالمي بنحو 9.19 مليون برميل يومياً، رغم العقوبات الغربية التي استهدفت قطاعها النفطي منذ الحرب في أوكرانيا.
وتعتمد موسكو على إعادة توجيه صادراتها نحو آسيا وتقديم خصومات جاذبة للمشترين، ما ساعدها على إبقاء الإنتاج عند مستويات مرتفعة والتأثير في توازنات السوق العالمية.
ومن بين المنتجين الآخرين، يبرز إنتاج كندا عند مستوى 5.8 مليون برميل يومياً، مدفوعاً بمشروعات الرمال النفطية التي توفر إمدادات مستقرة على المدى الطويل.
أما البرازيل، فتعتمد على حقول ما قبل الملح البحرية العميقة لتنتج نحو 4.3 مليون برميل يومياً، في حين تواصل الصين إنتاج أكثر من 4.2 مليون برميل يومياً رغم أنها تظل أكبر مستورد صافٍ للخام، ما يجعلها مؤثراً رئيسياً في حركة التجارة النفطية.
أكبر دولة عربية منتجة للنفط
تنتج السعودية 8.96 مليون برميل يومياً، لتصبح ليس فقط ثالث أكبر منتج عالمي، بل أيضاً أكبر منتج عربي للنفط في عام 2024، وتمتلك الرياض ميزة فريدة تتمثل في قدرتها على استخدام طاقتها الفائضة لتحقيق استقرار السوق عند الأزمات، إلى جانب دورها القيادي داخل تحالف «أوبك+» في صياغة السياسات الإنتاجية.
ويأتي العراق في المرتبة الثانية عربياً، بإنتاج 3.86 مليون برميل يومياً، فيما تنتج إيران نحو 3.26 مليون برميل يومياً رغم القيود الدولية على صادراتها، ثم الإمارات بإنتاج 2.92 مليون برميل يومياً، مع خطط واضحة لرفع طاقتها الإنتاجية في السنوات المقبلة، بينما تحافظ الكويت على استقرار إنتاجها عند 2.41 مليون برميل يومياً، ما يعزز حضورها في توازنات أوبك+.
وتكشف هذه الأرقام أن معادلة الطاقة العالمية لا تقتصر على الأرقام فحسب، بل تعكس شبكة من المصالح والتحالفات والسياسات، فبينما تواصل الولايات المتحدة تصدر القائمة بفضل النفط الصخري، تبقى السعودية صاحبة الدور العربي الأبرز بما تمتلكه من طاقة فائضة وقيادة داخل أوبك، فيما تحاول روسيا مواجهة ضغوط العقوبات من خلال إعادة تشكيل أسواقها.
هذه الخريطة توضح أن مستقبل سوق النفط سيظل مرهوناً بقرارات هذه القوى الكبرى، وبالتفاعل بين العرض والطلب وسط عالم يموج بالتوترات الاقتصادية والجيوسياسية.