Home مقالاتاليقظة التكنولوجية في عالم بلا سوابق تاريخية

اليقظة التكنولوجية في عالم بلا سوابق تاريخية

رامي خريسات

by sadmin

العالم يعيش ثورة صناعية رابعة تقودها التكنولوجيا، تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي وتفرض تحديات كبيرة بدليل أن الصين ضاعفت ناتجها المحلي كل 5-10 سنوات، بينما احتاجت بريطانيا 100 عام والولايات المتحدة 50 عاماً لتحقيق نفس النمو في الثورات الصناعية السابقة. هذا التسارع يدفع الدول النامية، ومنها الأردن، إلى تبني إستراتيجيات مرنه ديدنها الابتكار في غياب أي سوابق لهذا التسارع يمكن الاستنباط منها أو البناء عليها.

لقد أدت التغيرات التكنولوجية إلى توقعات أبرزها ما قدمه تقرير مستقبل الوظائف للمنتدى الاقتصادي العالمي حول إلغاء 83 مليون وظيفة وإنشاء 69 مليون وظيفة جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة، مما يؤدي إلى انخفاض صاف قدره 14 مليون وظيفة بحلول عام 2027.

في المجال الطبي، أصبحت الروبوتات الجراحية قادرة على إجراء عمليات معقدة بدقة عالية، مثل جراحات القلب المفتوح عبر فتحات صغيرة، مما يقلص فترة التعافي إلى أيام بدلا من أسابيع. وفي علم الجينات، تقنيات مثل «كريسبر-كاس9» (المقص الجيني) تفتح آفاقا لعلاج الأمراض الوراثية بقص الجينات المسؤولة عن بعض الأمراض كالسكري والضغط، بل وإطالة العمر البشري عبر تأخير الشيخوخة. هذه التطورات ليست خيالا علميا بل واقعا يستوجب التحرك.

تأثيرات هذه الثورة ستظهر في عدة مجالات مثل: الإنسان الآلي والطباعة ثلاثية ورباعية الأبعاد من أعضاء بشرية إلى مبان كاملة، السيارات ذاتية القيادة والمدن الذكية، الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة خاصة في التحليلات التنبؤية، والبيولوجيا والهندسة الجينية، والطاقة المتجددة وتخزينها في بطاريات الجيل الجديد، علم الجينات وإطالة العمر وكل يوم نسمع الجديد مما يتطلب ديمومة اليقظة.

في ظل هذه التطورات، أصبح العالم أكثر غموضًا، لعدم وجود تجارب سابقة مشابهة يمكننا البناء عليها لاستشراف المستقبل. لذا، نحتاج لدراسة كل ما يحيط بنا، والإبقاء على الممارسات المناسبة والتخلي السريع عن غير الضروري منها. لذلك سيكون الابتكار هو المفتاح ولنتذكر انه لم تسلم حتى الشركات العملاقة من عواقب البطء في التكيف مثل كوداك التي اخترعت الكاميرا الرقمية عام 1975، لكنها أفلست عام 2012 لأنها تمسكت بالفيلم التقليدي، بينما نجحت نيتفليكس في التحول من تأجير DVDs إلى قيادة سوق البث الرقمي عالمياً.

أردنياً الابتكار لا يقتصر على المستويات الإدارية العليا، بل يأتي من الأفكار التي يقدمها الموظفون والمراجعون في المستويات الإدارية الدنيا، لذلك لا بد من تشجيع التعلم الذاتي عبر المنصات المختصة وتشجيع ريادة الأعمال التكنولوجية.

المجالات الحيوية التعليمية المستجدة كلها أمام بناتنا وأبناءنا من حملة التوجيهي لكن من المهم عدم التزاحم وليعلم الطلبة وأولياؤهم أن التفوق والوصول إلى المهن المرموقة ذات الدخل الجيد لا يكون بالشهادة الجامعية فقط بل بجهد فردي متراكم للطالب لتطوير نفسه علماً ومهارات واطلاع ودورات متخصصة وبجهد ذاتي وإلا تحول الإنجاز إلى تراكم المزيد من الخريجين في تخصصات مشبعة في شكل جديد من البطالة الصادمة.

وباعتبار الأردن بلدًا محدود الموارد، فإن خياراته محدودة، فأمامه إما المرونة أو الاندثار حيث العالم يتغير بسرعة غير مسبوقة، والثورة الصناعية الرابعة ليست موجة عابرة، بل نظام اقتصادي جديد مدعم بمستجدات الحمائية عبر جزر شبه معزولة، فإما أن نركب قطار التكنولوجيا ونستثمر في مواردنا البشرية، أو نظل على الهامش مع ارتفاع معدلات البطالة والفجوة الرقمية.

“الغد”

You may also like