الزواج هو عقد اجتماعي عادي بالنسبة للجميع، لكن بالنسبة لفاحشي الثراء فهو عقد شراكة يثير الخوف والقلق ويتطلب وضع صيغة قانونية تجنب الطرفين خسائر مالية ضخمة قد تهز عرش البعض المالي.
تعود هذه المسالة للتداول، بالتزامن مع زفاف رابع ملياردير في العالم، مؤسس أمازون جيف بيزوس، بحفل سمّي بـ”زفاف القرن” لضخامة تكاليفه التي قاربت مبلغ 50 مليون دولار.
مؤسس أمازون، جيف بيزوس، وزوجته الأولى ماكنزي سكوت، تزوجا دون اتفاق ما قبل الزواج (في عام 1993، قبل أن يؤسس بيزوس أمازون). وفي تسوية الطلاق، حصلت سكوت على نحو 38 مليار دولار من أسهم أمازون، ما جعلها من أغنى نساء العالم.
بيزوس دخل القفص الذهبي مجدداً، هذه المرة بعقد قرانه على قائدة الطائرات المروحية والصحافية السابقة لورين سانشيز. وأكد خبراء في قوانين الأسرة وإدارة الثروات أن من شبه المؤكد أن يكون لدى الزوجين اتفاق معقود لما قبل الزواج، خاصةً وأن بيزوس تتجاوز ثروته اليوم 200 مليار دولار.
في هذا الإطار، قالت آن باب، المديرة العامة ورئيسة قسم استراتيجيات الثروة في شركة كريست كابيتال، وهي شركة خدمات مالية متعددة الأسر لرواد الأعمال والعائلات الثرية، إن اتفاقات ما قبل الزواج أصبحت أكثر شيوعاً، وأحياناً تُفرض كشرط في صناديق العائلات الثرية.
تبدأ هذه الاتفاقات بالإفصاح الكامل من الطرفين عن أصولهما وديونهما، وفقاً لتصريحات آن باب، بحسب تقرير نشرته بيزنس إنسايدر.
من جهتها، أوضحت بروك سمرهيل، مستشارة مالية متخصصة في الطلاق وتتعامل أساساً مع العملاء فاحشي الثراء، إن الاتفاق يمكن أن يشمل أطرافاً كالشركاء التجاريين، ومحامي الضرائب، ووكلاء العقارات الفاخرة، وحتى خبراء الطيران لتقييم المنازل والطائرات الخاصة.
وأضافت: “ليس العملاء هم من يتخذون الكثير من هذه القرارات، بل فرق العمل المحيطة بهم هي التي تساعدهم على فهمها واتخاذها معهم”.
وبينما لا تعرف باب تفاصيل الاتفاق المحتمل لبيزوس، فإنها تؤكد أن وضعه ليس فريداً تماماً، إذ غالباً ما تكون زيجات الأثرياء اللاحقة زواجاً ثانياً أو ثالثاً لأحد الطرفين على الأقل، وغالباً ما تكون أصوله قد تغيّرت كثيراً منذ زواجه الأول.
لذا أكدت سمرهيل: “سيضمن بالتأكيد حماية كاملة لأصوله”، مشيرةً إلى أنه من غير المرجح أن يخلط بين أصوله السابقة للزواج وأصول سانشيز.
كلما زادت ثروتك، زادت تعقيدات اتفاق ما قبل الزواج، خاصةً فيما يتعلق بالمصالح التجارية والعقارات، كما تنبه سمرهيل. وتشير إلى أن العملاء الأثرياء غالباً ما يملكون أصولًا ومصالح تجارية في عدة دول، ما يصعّب الامتثال لقوانين الطلاق أو الميراث في هذه الولايات القضائية المختلفة.
لا شك أن العديد من رجال الأعمال، مثل بيزوس، يسعون لحماية شركاتهم من تأثيرات الطلاق أو الوفاة.
وأوضحت آن باب، المديرة العامة ورئيسة قسم استراتيجيات الثروة في شركة كريست كابيتال أن معظمهم لا يريد أن يحصل شريك سابق على كمية من الأسهم تخوله التأثير في إدارة الشركة.
وتابعت: “يمكنك أن تحاول تعويض ذلك بإعطاء الطرف الآخر أصولًا أخرى، إن حدث الطلاق. ما الموارد الأخرى التي يمكنك تقديمها؟”.
بدورها، لفتت سمرهيل إلى أن البنود التي تحمي قيمة الأصول خلال فترة الزواج تُعد أساسية لدى العملاء الأثرياء.
ماذا يحدث في حال الطلاق أو الوفاة؟
في حال حدث الطلاق، فمن غير المستبعد أن تحصل سانشيز على مبلغ مالي مقطوع، وأسهم في أمازون، وبعض العقارات، بحسب سمرهيل ومحامي قوانين الأسرة في بيفرلي هيلز، ريموند حكمة، المتخصص في صياغة اتفاقات ما قبل الزواج.
لكن الزواج قد ينتهي أيضاً بالوفاة، وهنا تأتي أهمية بند الوفاة، الذي يمنع الزوج/الزوجة الباقي على قيد الحياة من المطالبة بجزء أكبر من ممتلكات الطرف المتوفى المنفصلة.
حول هذه النقطة، قالت سمرهيل إن الزوج/الزوجة الباقي غالبًا ما يحصل على مبلغ مالي مقطوع أو تعويض من بوليصة تأمين على الحياة، لكن الوصية النهائية قد تكون لها الأسبقية على اتفاق ما قبل الزواج.
التعامل مع الإرث
اتفاقات ما قبل الزواج الخاصة بالأثرياء للغاية تؤثر على أطراف تتعدى الزوجين، سواء في ما يتعلق بمن سيرث الإمبراطورية العائلية أو من سيحصل على مفاتيح المنزل في هامبتونز.
وتوضح باب: “هناك أطراف أكثر تهتم بنتائج هذا الانفصال، سواء أكان طلاقاً أو وفاة. شركاء تجاريون، موظفون، جمعيات خيرية، أطفال وأحفاد”.
وأشارت إلى أن إنشاء صناديق الأمانة للأطفال في العائلات الثرية أمر بديهي، وأن الكثير من البنود تتعلق بالممتلكات الموروثة أو بملكية الأعمال.
يُذكر أن بيزوس لديه أربعة أطفال من زوجته السابقة سكوت، بينما لدى سانشيز ثلاثة أطفال.
اتفاقات لا تدوم دائماً
جميع اتفاقات ما قبل الزواج التي يكتبها تتضمن بنداً للسرية، وبعضها يشمل قيوداً على النشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وفق ريموند حكمة.
وأوضح أنه “في حال الانفصال، لا يمكنك الإساءة للطرف الآخر أو مناقشة تفاصيل الاتفاق أمام العامة، وقد تترتب على ذلك عقوبات”.
يمكن أيضاً أن تشمل هذه الاتفاقات بنوداً تنص على انتهاء بعض الشروط أو الاتفاق بالكامل بعد مدة زمنية معينة.
بعض الأشخاص قد يقررون لاحقاً تعديل بعض البنود ليصبحوا أكثر سخاءً بعد مرور وقت على زواجهم، كما قالت آن باب.
من جانبه، أشار حكمة إلى أنه حتى مع وجود اتفاقات ما قبل الزواج، تظل هناك احتمالات لخلافات قانونية
ومالية معقدة في المستقبل. واختتم بنصيحة واضحة لأمثال بيزوس من أصحاب المليارات: “نصيحتي النهائية
لأصحاب المليارات: لا تتزوجوا”.