Home الاقتصاد العالميتعريفات ترامب الجمركية تقلب ميزان التجارة العالمية ضد الدول النامية

تعريفات ترامب الجمركية تقلب ميزان التجارة العالمية ضد الدول النامية

by sadmin
على مدى عقود، اعتمدت السياسة التجارية للولايات المتحدة ومعها الدول المتقدمة على مبدأ التمييز الإيجابي لصالح الدول الفقيرة، من خلال تخفيض الرسوم الجمركية وتسهيل دخول صادراتها إلى الأسواق الكبرى، بهدف دعم نمو اقتصاداتها وتحفيز اندماجها في سلاسل التوريد العالمية.
لكن مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تغير هذا النهج جذرياً.
فقد تحولت السياسة من «تفضيل الشريك الأضعف» إلى نهج مفاوضات «صارم» يقوم على فرض تعريفات مرتفعة حتى على الدول الأقل نمواً، ما قلص من ميزاتها التنافسية، وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال.

أرقام تكشف التباين بين الفقير والغني

تشير البيانات إلى أن إدارة ترامب فرضت تعريفات جمركية تراوحت بين 10% و15% على واردات من دول صناعية متقدمة مثل اليابان وكوريا الجنوبية ودول الاتحاد الأوروبي، في حين تعرضت صادرات دول نامية مثل فيتنام وبنغلاديش وجنوب إفريقيا والعراق لتعريفات بلغت 20% فأكثر، بل وصلت إلى 40% على ميانمار ولاوس.
الأمر لم يتوقف عند ذلك، ففي خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلن ترامب مؤخراً عن رفع التعريفات على صادرات الهند إلى 50% على خلفية استمرارها في استيراد النفط الروسي.

عوامل سياسية وجيوسياسية

تعكس هذه السياسات مزيجاً من الدوافع الاقتصادية والاعتبارات السياسية، إذ تراعي واشنطن في بعض الحالات طبيعة العلاقات الاستراتيجية وأهمية الشراكات في مجالات مثل الطاقة والتجارة والاستثمار.
أما الدول النامية التي تفتقر للثقل الجيوسياسي أو القدرة على ضخ استثمارات ضخمة في الاقتصاد الأميركي، فكانت الأكثر عرضة لرسوم مرتفعة، رغم أن الكثير من صادراتها لا تنافس المنتجات الأميركية بشكل مباشر، بل تكملها موسمياً، كما هو الحال مع الحمضيات القادمة من جنوب إفريقيا.

تراجع نظام الأفضليات المعمم

حتى عام 2020، كانت أكثر من 100 دولة فقيرة تستفيد من نظام الأفضليات المعمم (GSP)، الذي ألغى الرسوم الجمركية على منتجاتها المصدرة إلى السوق الأميركية.
إلا أن البرنامج لم يُجدد، ما أدى إلى تقليص وصول هذه الدول إلى أحد أهم أسواقها، ودفع صناعاتها التصديرية إلى مواجهة بيئة أكثر قسوة.

التأثير على الصناعات التصديرية

في كمبوديا، التي تعتمد بشكل كبير على صادرات الملابس، وصلت التعريفات إلى 19%، ما أثار مخاوف واسعة بين المصنعين.
ورغم تقديمها تنازلات مثل خفض الرسوم على الواردات الأميركية إلى الصفر وإبرام صفقات لشراء طائرات من «بوينغ»، فإنها لم تحصل على المعاملة الممنوحة للدول الصناعية الكبرى.
الأمر ذاته يتكرر في إندونيسيا، إذ قالت شركة «Great Giant Pineapple»، أحد أكبر منتجي الأناناس المعلب في العالم، إن التعريفات البالغة 19% على صادراتها إلى الولايات المتحدة قد تؤدي إلى تراجع الطلب، في ظل هوامش ربح ضيقة وعدم القدرة على خفض الأسعار.

مفارقات في تطبيق الرسوم

بعض القرارات أثارت دهشة المحللين، مثل فرض 39% على سويسرا، وهي من الدول الغنية القليلة التي واجهت رسوماً مرتفعة، و41% على سوريا، رغم محدودية صادراتها إلى الولايات المتحدة.
وفي حالات أخرى، ارتبطت زيادة التعريفات بخلافات سياسية أو بدعوى حماية قطاعات أميركية معينة، كما حدث مع منتجات برازيلية مثل القهوة التي فُرضت عليها رسوم 50%.

انعكاسات على التجارة العالمية

سياسات ترامب تعيد تشكيل خريطة التجارة الدولية عبر إعادة توزيع الأعباء الجمركية بطريقة تخالف الأعراف التي سادت لعقود، هذا التحول قد يؤدي إلى إضعاف تنافسية الدول النامية، ويدفعها للبحث عن أسواق بديلة، في وقت تتزايد فيه حدة المنافسة العالمية على الحصص السوقية.
كما أن استمرار هذه السياسات قد يضعف الثقة في النظام التجاري متعدد الأطراف، ويعزز النزعة الحمائية التي تتعارض مع مبادئ منظمة التجارة العالمية.

 

 

You may also like