Home اسهم وسنداتسوق الاسهم السعودية يشهد  أكبر عملية تحول في تاريخه

سوق الاسهم السعودية يشهد  أكبر عملية تحول في تاريخه

by sadmin
يشهد  سوق الاسهم السعودية  أكبر عملية تحول في تاريخه ضمن مستهدفات رؤية 2030، إذ أصبح أعمق وأكثر انفتاحاً على المستثمرين المحليين والأجانب، لكن مع هذه التغيرات، يبقى المستثمرون في أمسّ الحاجة إلى سوق أكثر استقراراً يحمي مدخراتهم ويمنحهم الثقة على المدى الطويل.
فالاضطرابات الأخيرة أظهرت أن تقلبات السوق لا تؤثر فقط على المؤشرات، بل تمس مباشرة مدخرات الأسر والأفراد، ومن هنا تبرز أهمية تبنّي خطوات عملية تعالج التحديات الحالية وتضمن أن يظل السوق أداة فاعلة لبناء الثروة وتحقيق الاستقرار المالي للمستثمرين.

المستثمرون.. خط الدفاع الأول

أحد أبرز التحديات ظهر خلال عامي 2023 و2024، حين اندفع كثير من المستثمرين الأفراد إلى الاشتراك في الصناديق العامة التي تستثمر في الأسهم، بدافع التوقعات قصيرة الأجل التي غذّتها نتائج استثنائية لتلك الصناديق في سنة أو سنتين فقط.
ويبدو أن جزءاً من هؤلاء المستثمرين استخدم أموالاً مخصّصة عادةً للتدفقات النقدية أو الاحتياجات القصيرة في أدوات استثمارية طويلة الأجل، وهو ما أسهم في قرارات عاطفية بالخروج عند أول هبوط، وزاد من حدة التذبذب في السوق.
الحل هنا بسيط لكنه جوهري؛ طلب المشورة الاستثمارية قبل شراء أي منتج استثماري، المشورة تساعد على توافق الاستثمار مع الأهداف والاحتياجات الفعلية، وتقلل من أخطاء الدخول والخروج غير المدروس.

 

مديرو الصناديق.. مسؤولية التوزيع السليم

مديرو الصناديق يتحمّلون بدورهم مسؤولية كبيرة، فتسويق الصناديق من خلال إبراز أداء عام أو عامين فقط قد يعطي صورة غير مكتملة لدى بعض المستثمرين، فيظنون أن هذه الصناديق مناسبة لتحقيق أرباح سريعة، بينما هي في الأصل مصممة للاستثمار طويل الأجل.
الحل يكمن في:
• تطوير أسلوب التسويق ليعكس الطبيعة طويلة الأجل لهذه الصناديق.
• إضافة طبقة من المستشارين بين الصندوق والمستثمرين، بحيث يقوم المستشارون بفرز الأموال الداخلة (هل هي أموال تدفق نقدي قصير الأجل أم مدخرات طويلة الأجل؟) وتوضيح التوقعات الحقيقية للعملاء.
بهذه الطريقة يُعاد ضبط التوقعات، ويتوقف استخدام الصناديق كأداة للمضاربة، وتُستعاد وظيفتها الأساسية كأداة استثمار طويلة الأجل.

 

هيئة السوق المالية.. تعديل الأطر التنظيمية

إحدى المشكلات التنظيمية التي برزت مؤخراً هي أن نظام الاستردادات الأسبوعية في الصناديق العامة يسمح بانتقال حالات الذعر الفردية مباشرة إلى السوق، فعندما يقرر الأفراد السحب، يجد مديرو الصناديق أنفسهم مضطرين للبيع السريع لتغطية هذه الاستردادات، ما يضاعف من حدة التذبذب.
الحل يتمثل في إعادة النظر في دورية الاسًترداد، بحيث تصبح شهرية أو ربع سنوية، أما المستثمرون الذين يحتاجون إلى مرونة الدخول والخروج بشكل متكرر، فبإمكانهم دائماً استخدام الصناديق المتداولة (ETFs) التي صممت خصيصاً لهذا الغرض.
بهذه الخطوة، تستعيد الصناديق العامة دورها كأداة ادخارية طويلة الأجل، بينما تبقى الـETFs أداة استثمارية مرنة للسيولة والتداول.

 

المبادرات الحكومية.. توجيه الادخار نحو الداخل

الحكومة تلعب الدور الأوسع في ترسيخ ثقافة الادخار والاستثمار، وقد لوحظ أن بعض المبادرات التقنية (Fintech) ركزت بشكل أكبر على توجيه مدخرات السعوديين نحو الخارج، بينما الأولوية الوطنية هي إبقاء الجزء الأكبر من هذه المدخرات داخل الاقتصاد المحلي لدعم أهداف الرؤية.
ولا يعني ذلك الحد من تنويع المحافظ أو الاستثمار الخارجي عند الحاجة، بل المقصود هو أن يكون الاستثمار الخارجي مكمّلاً واستراتيجياً، لا أن يتحوّل إلى الخيار الأول أو الوجهة الرئيسية.

الحل المقترح هنا مزدوج:

1. إعطاء الأولوية للمبادرات التي تحتفظ برؤوس الأموال داخل المملكة وتوظفها في دعم الاقتصاد المحلي.
2. تسريع إقرار نظام حسابات الادخار، وهو تشريع إذا طُبّق سيُحدث قفزة هائلة في السيولة المتاحة للاقتصاد، وسيقوي استقرار الأسر السعودية مالياً، ويضمن قاعدة تمويلية مستدامة لمشروعات رؤية 2030.

 

الخاتمة

إن سوق الأسهم السعودية ليس هشاً كما يعتقد البعض، بل هو سوق في طور إعادة التشكيل ليصبح أكثر كفاءة وعمقاً، لكن حتى تكتمل هذه العملية بنجاح، لا بد من تعاون جميع الأطراف؛ المستثمرين، مديري الصناديق، هيئة السوق المالية، والحكومة.
وفي هذا السياق، من المهم أن نوضح أن الاستثمار الخارجي يظل أداة مشروعة لتنويع المخاطر، لكنه يجب ألا يتحول إلى القاعدة الأساسية لمدخرات السعوديين، الأولوية الوطنية هي أن تبقى هذه المدخرات داخل المملكة لتُسهم في تمويل الاقتصاد المحلي، وتدعم مشاريع رؤية 2030، فيما يكون الاستثمار الخارجي مكملاً استراتيجياً فقط.
بهذه المعادلة، نستطيع أن نضمن أن يكون السوق أكثر حصانة واستقراراً، وفي الوقت ذاته قادراً على الاستمرار كأداة رئيسية في تحقيق الطموحات الاقتصادية الكبرى للمملكة.

You may also like