Home ديجيتالالذكاء الاصطناعي احال البرمجة الى جزءاً من الماضي.

الذكاء الاصطناعي احال البرمجة الى جزءاً من الماضي.

by sadmin
على مدى أكثر من عقد، مثلت معسكرات تدريب البرمجة (Coding Bootcamps) منصة عبور مثالية لآلاف الأشخاص الراغبين في دخول سوق التقنية دون الحاجة لشهادة جامعية تقليدية.
كانت هذه البرامج المكثفة، التي تستمر من بضعة أسابيع إلى أشهر، بوابة إلى وظائف هندسة برمجيات برواتب تصل إلى ستة أرقام، خاصة في ظل الطفرة التكنولوجية التي عاشها وادي السيليكون منذ مطلع العقد الماضي.
لكن المشهد تغير جذرياً مع صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي، وأدوات مثل تشات جي بي تي وكلود وغت هب كوبايلوت، التي أثبتت قدرتها على أداء الكثير من مهام المبرمجين المبتدئين بسرعة ودقة غير مسبوقة.
هذه الطفرة التكنولوجية لم تقتصر على تحسين الكفاءة، بل ألغت الحاجة إلى كثير من الأدوار التي كانت تمثل المدخل الأساسي لخريجي هذه المعسكرات إلى عالم البرمجة.

منصة انطلاق أم طريق مسدود؟

قصة جوناثان كيم، البالغ من العمر 29 عاماً، تعكس حجم الأزمة.
في عام 2023، استثمر نحو 20 ألف دولار لحضور دورة برمجة مكثفة بنظام جزئي، على أمل أن تؤهله لوظيفة مطور برمجيات، وعلى مدى أكثر من 50 أسبوعاً، تقدم إلى ما يزيد على 600 وظيفة، ولم يتلقَّ سوى ستة ردود، منها اثنان فقط تواصلا معه لإجراء اختبارات تقنية.
في النهاية، وجد نفسه يعمل في متجر آيس كريم يملكه أحد أقاربه، بينما يواصل البحث بلا جدوى، وفق رويترز.
الأرقام تؤكد هذه المعاناة؛ فمعسكر «Codesmith»، الذي التحق به كيم، كشف أن 37% فقط من طلاب برنامجه الجزئي في 2023 تمكنوا من الحصول على وظيفة تقنية خلال ستة أشهر من التخرج، مقارنة بـ83% في النصف الثاني من عام 2021.

تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق التوظيف

يرى محللون أن البرمجة كانت هدفاً مثالياً للذكاء الاصطناعي التوليدي، لكونها قائمة على منطق واضح: إما أن يعمل الكود أو لا يعمل، ما يجعل من السهل تدريب النماذج على ملايين الأمثلة المتاحة علناً.
اليوم، أصبح بإمكان هذه النماذج كتابة أكواد كاملة، وإصلاح الأخطاء، وحتى بناء مواقع وتطبيقات متكاملة خلال دقائق.
تقرير لشركة سيغنال فاير الاستثمارية أشار إلى أن التوظيف للخريجين الجدد انخفض 50% مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة في 2019، فيما حذر الرئيس التنفيذي لشركة أنثروبيك، داريو أمودي، من أن نصف الوظائف المكتبية المبتدئة قد تختفي خلال السنوات الخمس المقبلة.

عودة للنموذج التقليدي

بدلاً من البحث في معسكرات التدريب، عادت كبرى شركات التكنولوجيا، وخاصة في وادي السيليكون، للاعتماد على خريجي الجامعات المرموقة مثل MIT وستانفورد، معتبرة أن هذه المؤسسات تقدم «إشارة جودة» عالية لتوظيف أفضل الكفاءات.
هذه العودة إلى النموذج الكلاسيكي تعني تراجع فرص خريجي المسارات البديلة، رغم أن هذه المعسكرات وجدت أصلاً لكسر احتكار الجامعات النخبوية لسوق المبرمجين.
في المقابل، يشهد قطاع باحثي الذكاء الاصطناعي قفزة غير مسبوقة في الرواتب، مع عروض تصل إلى 100 مليون دولار سنوياً بما في ذلك المكافآت، وسط منافسة شرسة بين شركات مثل ميتا وأوبن إيه آي لجذب المواهب النادرة.

مستقبل معسكرات البرمجة

يحاول بعض المشغلين التكيف مع الواقع الجديد؛ فمؤسس «Codesmith»، ويل سينتينس، أعلن عن إضافة برامج تدريبية في القيادة التقنية بمجال الذكاء الاصطناعي، تستهدف مهندسين في منتصف مسيرتهم المهنية لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بكفاءة.
ومع ذلك، يبقى هذا التكيف غير كافٍ لخريجي البرامج المبتدئين، الذين يجدون أنفسهم خارج المنافسة من اليوم الأول.
بالنسبة لأشخاص مثل كيم، فإن التوجه إلى مجالات أقل تأثراً بالذكاء الاصطناعي قد يكون الخيار الأكثر واقعية، سواء في مجالات التقنية المتخصصة أو القطاعات التي لا تزال تعتمد على العنصر البشري بشكل أساسي.
لكن المؤكد أن «العصر الذهبي» لمعسكرات البرمجة، الذي بلغ ذروته في 2020، أصبح جزءاً من الماضي.

 

You may also like