شهدت العلاقات التجارية بين الأردن وسورية، خلال العام الحالي، انتعاشا لافتا، بعد أعوام من التراجع الحاد نتيجة الظروف الأمنية والسياسية التي عاشتها المنطقة منذ العام 2011.
فقد عاد معبر جابر – نصيب ليؤدي دورا محوريا في تدفق السلع، الأمر الذي انعكس إيجابا على حركة التبادل التجاري وعلى قطاعات الإنتاج والتصدير الأردنية.
تشير الأرقام إلى أن الصادرات الأردنية إلى سورية سجلت قفزة نوعية. ففي أيار (مايو) 2025، وصلت الصادرات الأردنية إلى سورية إلى أكثر من 85 مليون دينار، مقابل واردات سورية بأكثر من 28 مليون دينار، ما أفرز فائضا تجاريا لصالح الأردن بلغ قرابة الـ60 مليون دينار بارتفاع نسبته 400 % على ما كانت عليه في الفترة ذاتها من 2023.
هذا التحسن لم يقتصر على الأرقام فحسب، بل تجسد أيضا في نوعية السلع المصدرة. فقد شكلت المواد الإنشائية، كالإسمنت بأنواعه، الحصة الكبرى من الصادرات، في ظل بدء مشاريع إعادة الإعمار في سورية. إلى جانب ذلك، برزت صادرات المواد الغذائية والزراعية والأثاث والأدوات المنزلية، لتلبية الطلب المحلي السوري المتزايد، وخاصة من قبل العائلات العائدة إلى مناطقها.
انعكاسات هذا التطور على الاقتصاد الأردني متعددة. أولا، عزز الفائض التجاري وأسهم في تقليص جزء من العجز التجاري الكلي للمملكة. ثانيا، فتح المجال أمام المصانع الأردنية لتشغيل طاقاتها الإنتاجية بشكل أوسع، بما يعنيه ذلك من توفير فرص عمل جديدة وتعزيز النشاط الاقتصادي الداخلي. ثالثا، أسهمت هذه الزيادة في حجم الصادرات وتشغيل المعابر الحدودية على مدار الساعة وتسهيل الإجراءات الجمركية في تعزيز مكانة الأردن كممر تجاري إقليمي، وهو ما يرسخ دوره الاستراتيجي كبوابة للأسواق السورية إلى دول الخليج.
ومن زاوية أوسع، يمكن القول إن هذا الانتعاش في التجارة البينية بين الأردن وسورية يعكس بداية مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي. فالحديث عن مجالس تنسيقية عليا واتفاقيات تعاون تجاري ولوجستي يشير إلى إمكانية إعادة بناء علاقة تجارية متينة، تستفيد منها الصناعات الأردنية من جهة، وتلبي احتياجات السوق السورية من جهة أخرى.
لقد أثبتت التجربة أن الأسواق العربية، وعلى رأسها السوق السورية، تشكل رئة حقيقية للصادرات الأردنية. من هنا، فإن البناء على هذا الانتعاش يشكل فرصة تاريخية لتعزيز الاقتصاد الوطني وترسيخ مكانة الأردن كمركز للتجارة الإقليمية.
(الغد)