عروبة الإخباري – الإعلامية رولا الدهيبي –
مناسبة لتكريم من بذلوا حياتهم في نشر العلم والمعرفة ؛ والتوجيه والإلهام …..فالمعلم عماد تقدم المجتمعات وتطويرها .
وفي لبنان احتفلوا بعيدالمعلم ،وفي قلوبهم امل بالاهتمام بهم وبتحسين أوضاعهم المعيشية بزيادة الرواتب سواء أكان في المدارس الرسمية والخاصة فاوضاعهم ليست باحسن حال من المدارس الرسمية علما انهم يجنون ألوف الدولارات واقلية من المدارس الخاصة تعطي أساتذتها حقوقهم
فالاستاذليس بحاجة لموائد طعام هو بحاجة إلى زيادة راتبه بحاجة إلى تكريم من خلال مشاركته في عمليات اتخاذ القرارات التي تتعلق بتطوير المنظومة التعليمية
إن تكريم المعلم ليس مقتصرا على يوم واحد بل يجب أن يكون سلوكا مستمرا يعكس تقدير المجتمع لدوره بناء الاجيال القادمه اذا كان من يستحق التقدير و التكريم هو المعلم الذي يقدم الغالي والنفيس في سبيل بناء الإنسان وتطويره
الشركات
عروبة الإخباري – اكرم كمال سريوي –
بعد أن تخرّجت من الكلية الحربية، أواخر القرن الماضي، خدمت في كتيبة الدبابات، ثم تم نقلي بعد مدة قصيرة إلى فوج الصواريخ «المضاد للدروع». وكانت مهمتنا دعم الوحدات المنتشرة على المحور الشرقي في البقاع الغربي، في مواجهة قوات العدو الإسرائيلي، التي كانت تحتل جنوب لبنان .
كان الجيش اللبناني قد استعاد وحدته وعافيته بعد انقسام الحرب، وبدأ باستعادة علاقاته مع جيوش الدول الصديقة ومن بينها فرنسا، التي قررت استضافة عدد من الضباط اللبنانيين في صفوف جيشها، لِصقل مهاراتهم واكتساب الخبرات الميدانية.
أعلنت قيادة الجيش عن بدء الاختبارات للسفر. وفي اليوم المحدد لاختبار اللّغة الفرنسية انطلقت من مركز عملي باكراً متوجهاً نحو بيروت، لكنني وصلت متأخراً بسبب الثلج الذي تساقط ليلاً على الطريق في ضهر البيدر، وكان الاختبار قد بدأ ولم يبقَ سوى وقت قصير . ترددت قليلاً وفكّرت بالانسحاب من المباراة، لكن قررت أن أُجرّب حظي، فدخلت وأكملت المسابقة على عجل، وسرعان ما ان انتهى الوقت، فتضاءل أملي بالفوز، مع هذا العدد الكبير من المتبارين والمنافسة الحادة .
بعد إعلان النتائج، كان اسمي بين عدد قليل من الناجحين، لكن موعد سفرنا تأخّر حتى شهر آب.
وصلنا إلى فرنسا في الموعد المحدد، وتم نقلنا من المطار مباشرةً إلى قصر فينسين Château de Vincennes في ضواحي باريس . وهو عبارة عن حصن قديم، بُني في القرن الرابع عشر، وما زال يقف كأبي الهول لحراسة المدينة من الشرق، ويجمع بين الفن والعظمة والتاريخ، بعد أن تم تحويله إلى ثكنة عسكرية ثم إلى قصر سياحي.
جلست مع زملائي نتبادل أطراف الحديث، ونبحث عن وسيلة للتواصل، فلم تكن يومها الاتصالات سهلة مثل اليوم. ولقد جرى توزيعنا على مختلف وحدات الجيش الفرنسي، وكان نصيبي إلى فوج الخيالة الثاني، وهو فوج قديم وعريق لطالما تفاخر به الجيش الفرنسي. كان مركزه في الشمال بالقرب من مدينة فردان الشهيرة، على مقربة من الحدود مع ألمانيا وبلجيكا. لقد جاب هذا الفوج نصف بقاع العالم، فوق صهوة الجواد، حاملاً راية النصر، من غرب أوروبا إلى شرقها إلى آسيا وأفريقيا، تاريخٌ حافلٌ بالمعارك والبطولات والمجد، ومآثر الفرسان الشجعان.
وبينما أنا جالس مع رفاقي سمعت شخصاً يناديني، فاقتربت من نافذة زجاجية كان يجلس خلفها رتيب فرنسي، حيّاني باحترام وسلّمني؛ أوراقي وبطاقة مترو وبطاقة قطار، وأردف قائلاً : رحلة موفقة سيدي .
فقلت إلى أين سأذهب اليوم بعد وفي هذا الوقت؟ أليس من الممكن أن أنام هنا وأذهب غداً صباحاً؟ أجابني: أسف لا يوجد لدينا مكان هنا للنوم، عليك الالتحاق بقطعتك، ولديك كامل التعليمات في هذه الورقة.
أخذت الورقة منه ولم يخطر ببالي أن أُفكّر بشيء، وبدأت تنفيذ ما كُتب فيها وكأنه كتاب منزل .
كانت محطة المترو قريبة، وتُشير الورقة إلى الانطلاق من تلك المحطة، وضرورة الانتباه والنظر من نافذة القطار، وعند الوصول الى محطة كذا ترجّل، وانتقل إلى الخط الازرق، ثم انتبه وانظر من النافذة وانزل على محطة كذا … وووو …
وسرت قلِقاً من أن أتأخر ويفوتني القطار وأنا مع امتعتي الكثيرة، أو أُخطِئ المحطة، فأنا لا أعرف باريس. لكن وبعد عناء وصلت أخيراً الى محطة الشمال للقطارات Gare du Nord، وكان ما يزال لدي بعض الوقت قبل موعد الانطلاق، وقد بلغ مني الجوع مبلغاً، فذهبت مسرعاً واشتريت بعض الكعك والحلوى، وصعدت إلى المقطورة المحددة في البطاقة.
دقائق قليلة وبدأ القطار يتحرك، ففرحت بإنجازي الأول على الدرب الطويل شمالاً، وأنا من هواة السفر بالقطار. أراه يجوب البلاد طولها وعرضها، ويروي شغف الاستكشاف، ويؤمّن الراحة لِرُكّابه، وإمكانية الأستمتاع بالرحلة، ويسمح بالترجّل على بعض المحطات، وشراء بعض الفواكه والحلوى التي يبيعها عادةً سُكان الريف، ولطالما أعجبني ذلك.
أطرقتُ أنظُر من النافذة إلى السهول والسهوب والغابات الخضراء، والواحات والقرى المتناثرة على طول الطريق نحو الشمال الفرنسي. ورغم أنّي لم أرَ من باريس إِلَّا القليل، بقي لدي شيء للتأمل به والاستمتاع بالرحلة، فجمال الطبيعة وبيوت القرميد، جعلا المنظر ساحراً رومنسياً إلى أقصى الحدود.
وصلت إلى محطة حقول “الشامبان”، وهي منطقة غنية بكروم العنب، وتشتهر بصناعة النبيذ الفاخر والشمبانيا . وهناك كان عليّ تبديل القطار والذهاب باتجاه فردان .
وضعت أمتعتي على الرصيف، وبدأت أبحث عن عربة. فالمسافة طويلة إلى الجانب الآخر، ولكن لم أجد أية عربة. وفجأةً سمِعت صوتاً ناعماً يقول : هل تحتاج إلى المساعدة؟ التفت فإذا بفتاة في العشرينيات من العمر، ترتدي قميصاً أسوداً يُشبه لون شعرها المنسدل اللامع، طُرّزت ياقته وأزراره باللون الأحمر، مع بعض خيوط القصب على صدره وأطرافه، فبدا أشبه بثياب الكرادلة، الممزوجة بالأناقة الفرنسية.
أجبتُ: نعم ، لكن أنتِ لا تستطيعين ذلك، فحقائبي ثقيلة. لكنها قالت بكل ثقة: لا مشكلة! وحملت إحدى الحقائب الثلاث ومشت، وبقيتُ واقفاً مكاني معتقداً أنها ستضعها بعد مترين لا أكثر، لكنها لم تفعل. فحملتُ ما تبقّى من أمتعة، وأسرعت حتى سرتُ إلى جانبها. التفتت نحوي، وعلت ثغرها ابتسامة ناعمة وهي تقول: يبدو أنك مسافر بعيداً !
نظرت في عينيها اللتين بدتا كزمردتين، تختبأن خلف شال شعرها المنثور، وكدت أُردد مع النابغة الذبياني؛ «ألمحةٌ من سنا برقٍ رأى بصري» . لكن خجلت من نفسي فامتشقت رزانتي وقلت: بل أنا قادم.
وخطر لي فجأة سؤال، لماذ تفعل هذه الفتاة ذلك وتحمل حقيبتي؟ وتذكّرت كلمات ضابط المخابرات وهو يقول: إحذروا النساء، خاصة الجميلات، فإن العدو قد يُرسلهم للإيقاع بكم، والحصول على المعلومات، وهذا ليس من قبيل المبالغة، فهذه أساليب معروفة خاصة لدى أجهزة الاستخبارات.
وقُلتُ في نفسي، نعم بالطبع إنها جاسوسة أرسلتها مخابرات العدو. واستعدت خشونتي العسكرية، وجعلتها درعاً في مواجهة نظراتها، التي شعرتُ لوهلةٍ أنها تُمطرني بالف سؤال وسؤال.
لم نتكلم كثيراً في الطريق، فبينما كانت تحدثني كنت اجيب على أسئلتها باختصار، وعلى الجهة المقابلة وضعت الفتاة حقيبتي. فشكرتها وودّعتني بابتسامة لطيفة وذهبت.
لحظات قليلة ووصل القطار المتجه إلى فردان، صعدت مجدداً إلى أول مقطورة فيه. وكنت انتظرته بفارغ الصبر، وكأنني أريد الهرب. وجلست ورحت اتلفّت يميناً ويساراً، باحثاً أين ستظهر تلك الجاسوسة الجميلة الجنّية الساحرة؟ ولكن لم أرها. ورغم قلقي، كان ينتابني شعور آخر، وربما هو رغبتي بأن تظهر من جديد.
كان القطار صغيراً. وبدأ الركاب ينزلون واحداً تلو الآخر على المحطات على طول الطريق، حتى بقيت وحيداً تقريباً، وأيقنت أنني كنت شارد الذهن، وفاتني سماع اسم المحطة التي يجب عليي الترجّل فيها، فاقتربت من شخص يعمل في القطار وسألته عن فردان؟
أجابني الرجل : إنها المحطة القادمة .
وصل القطار وما كاد يتوقف حتى ترجلت كمن يثب عن ظهر حصان، بعد رحلة مضنية من التعب.
كان المكان مقفِراً، ورغم أن الساعة أصبحت التاسعة مساءً ، كانت الشمس ما تزال في الأُفق .
وجدت سيدة تنتظر قرب المحطة، فذهبت إليها وسألتها عن مركز فوج الخيالة، فأجابتني أنها لا تعرف، لكنها تنتظر ابنها، وهو يعرف المدينة وسوف يخبرني. وأضافت بكل لطف، سوف يوصلك إلى هناك لا تقلق .
وبعد قليل وقع نظري على شخص في آخر الساحة، عرفت أنه من الجيش أو الشرطة. فهو يرتدي بزة رمادية، ويعتمر قبعة تشبه قبعة الجنرال ديغول في صوره في كُتب التاريخ . ذهبت إليه أسأله عن الفوج . فقال : هل أنت الملازم اكرم ؟ أجبت نعم . فقال أنا الملازم لفا فاسور أنتظرك هنا.
ركبنا السيارة إلى الفوج، وأدركت عندها، أن تلك الفتاة ليست جاسوسة، ولن أراها مجدداً في حياتي.
وأننا في فرنسا، فالمرأة هنا لا يصفونها بناقصة عقل ودين، أو يتهمونها بنجاسة الجسد، وليس حظها بنصف حظ الذكر، ولا يُفرض عليها حق الطاعة لزوجها، الذي قد يكون غبياً متسلطاً في كثير من الأحيان، فهي ليست متاعاً وملكاً له كأثاث منزله يبيعها متى شاء، أو يحبسها في زنزانة غيرته، وهنا لا يُسمح بضربها وتعنيفها، ولا تعاني بَلادة نظرات المتطفلين أينما ذهبت، ولا هي تفتقد لأبسط حقوقها بالمساواة كنساء بلادنا العربية.
فالمرأة الفرنسية لديها كامل الثقة بالنفس، لتكون إنساناً عادياً، يمد لك يد المساعدة والعون، ويعاملك بلطف، دون أن تعاني عقدة الأنثى والضعف، كما في بعض مجتمعات العنف والذكورية في شرقنا المظفّر .
كل عام وانتّن بالف خير.
رعى وزير الثقافة مصطفى الرواشدة، مساء اليوم الخميس (6 رمضان) في المركز الثقافي الملكي بعمان، حفل افتتاح فعاليات الأسبوع الأول من أمسيات “رمضانيّات” التي تنظّمها وزارة الثقافة.
ولقي حفل افتتاح الفعاليات، التي تنطلق في عمان والمحافظات بالتزامن خلال أيام الخميس والجمعة والسبت طيلة أيّام الشهر الفضيل، حضورًا عائليًّا واسعًا من مختلف الشرائح العمرية والاهتمامات.
واشتمل الحفل على كرنفال للأطفال، ومعزوفات قدّمتها موسيقات الأمن العام، ومشاركة لفرقة خالد البوريني.
كما استمتع الحضور بعرض مسرحي كوميدي هادف، قدّمه الفنانان حسن السبايلة ورانيا اسماعيل، تحت عنوان “ترند زعل وخضرة”.
وقدّمت فرقة وزارة الأوقاف والمقدسات الإسلامية للإنشاد الديني، عددًا من ابتهالاتها وأناشيدها التي حازت إعجاب على الجمهور.
وتنوّعت الفعاليات، التي تخللها تقديم ضيافة حلويات ومشروبات رمضانيّة، ما بين فقرات وشخصيّات كرتونيّة ترحيبيّة للأطفال، وكذلك فقرات المسحراتي التي أدّاها عدد من الأطفال.
كما أقيم معرض للصناعات الثقافية والحرفيّة نفّذته جمعية صناع الحرف التقليدية، بالإضافة إلى معرض كتاب ضمّ عددًا من إصدارات وزارة الثقافة المتنوعة لكافة الأعمار.
وفي جولته على معرض الكتاب، ومعرض الصناعات الثقافية والحرفيّة، أكّد وزير الثقافة مصطفى الرواشدة أهميّة الفعاليات الرمضانيّة، من حيث هي تعبير عن الفرح بالشهر الفضيل وقيمه الإنسانيّة، خاصةً بالنسبة للفئات العمرية الصغيرة وعائلاتهم، وكذلك من حيث هي فعاليات تقدّم ما اعتاده المجتمع الأردني والعربي من طقوس ثقافية وترفيهيّة.
ولفت الرواشدة إلى اهتمام الوزارة، وبالإضافة إلى العروض المسرحيّة وقيمها الهادفة ورسالتها الوطنيّة، بتقديم الكتاب المتنوع في محتواه والمناسب للجميع، مشيرًا إلى المتابعة الكبيرة والمتنوعة سنويًّا للفعاليات الرمضانيّة التي تقيمها وزارة الثقافة في المحافظات، أيضًا، من خلال مديريات الثقافة التابعة للوزارة، وتنسجم مع قيم وأهداف الشهر الفضيل.
وأعرب الرواشدة عن شكره لكلّ الجهات والهيئات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني، والوزارات، كجهات شريكة لوزارة الثقافة في إقامة فعالياتها الرمضانيّة، مثل وزارة الداخلية، وزارة الشباب، وزارة السياحة، وزارة الإدارة المحلية، وزارة التنمية الاجتماعية، وزارة الاتصال الحكومي، أمانة عمان الكبرى، المؤسسات الإعلامية، هيئة كلنا الأردن ومؤسسات المجتمع المدني، والهيئات الثقافية ومجالس البلديات.
يشار إلى أنّ أمسيات “رمضانيات”، التي تقام للسنة الخامسة على التوالي، وتتواصل خلال أيام “عيد الفطر المبارك”، تنطلق في عمان والمحافظات في العديد من المواقع والمراكز الثقافية، على النحو: إربد: مركز إربد الثقافي. عجلون: مركز عجلون الثقافي أو القاعة الهاشمية/ بلدية عجلون. جرش: قاعة بلدية جرش الكبرى. المفرق: قاعة بلدية المفرق الكبرى. الزرقاء: مركز الملكِ عبدالله الثاني الثقافي. عمان: المركز الثقافي الملكي. البلقاء: مؤسسة إعمار السلط. الكرك: مركز الأمير الحسنِ الثقافي. الطفيلة: مؤسسة إعمار الطفيلة. معان: مركز الأمير الحسين بن عبدالله الثاني الثقافي. مادبا: قاعة بلدية مادبا.
أفردت مجلة أفكار الثقافية الشهرية التي تصدرها وزارة الثقافة في عددها الأخير الثالث والثلاثين بعد الأربعمئة الصادر في شهر شباط من العام الجاري، ملفًّا خاصًّا للوقوف عند جهود العلّامة والمؤرخ الكبير الأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت رئيس المجمع، بعنوان: «المؤرخ الدكتور محمد عدنان البخيت؛ مسيرة حافلة بالبحث والعطاء».
وقدّمت لملف العدد الأكاديمية والباحثة الدكتورة هند أبو الشعر، تحت عنوان «محمد عدنان البخيت، أستاذًا وباحثًا ومؤسسًا»، من باب تكريم قامة فكرية وثقافية في ملف خاص في مجلة الثقافة والفكر الرائدة في الوطن؛ حيث إن تأثير هذه الشخصيات الذي يحفر في الفكر والعقل والوجدان يأخذ زمنًا ليكون مثل مجرى النبع الذي يستمر في التدفق بلا أجندات ولا برامج أو حسابات، ومثل هذه الشخصيات التي تشكّل فكر الأجيال ومنهجها تبقى ماثلة في تجليات العقول ومنجزات الفئات التي تتلمذ عليها، كما جاء في تقدمة الدكتورة أبو الشعر.

وعن تكليفها بإعداد هذا الملف المهم، قالت أبو الشعر: «إن تقديم مفاصل هذه الشخصية الفكرية وجهودها الأكاديمية الكبيرة في ملف محدود، يضع المُعدّ أمام صعوبة اختيار المشاركين، فكل تلاميذ الدكتور محمد عدنان البخيت يتمنون المشاركة، وهم اليوم من أصحاب القلم والفكر والمواقع الأكاديمية المعروفة، كما أن اختيار المحاور التي تمثل تجربته تحتاج لمؤلفات.
وكان علينا أن نقنع بمحاور قليلة تضيء التجربة الثرّة للأستاذ الذي حفر عميقاً في حياتنا الأكاديمية والفكرية والمنهجية، وأرسى قواعد راسخة في العمل المؤسسي أصبحت مدرسة في تأسيس الجامعات وإدارتها، وتميز بتأسيس المدرسة التاريخية المعروفة بمنهجها الرفيع التي امتدت مع تلاميذه إلى كل المواقع الأكاديمية حيثما عمل طلابه في جامعات الأردن وفلسطين والخليج العربي والعراق وحتى في الدول الغربية، كما أن تأسيسه لمركز الوثائق والمخطوطات ودراسات بلاد الشام يُعدّ حالة فارقة في حياتنا البحثية والأكاديمية، فضلاً عن إدارته لهذا ال?رفق المذهل الذي نقل وثائق ومخطوطات العالم إلى الجامعة الأردنية، وجعله محجًّا للباحثين من كل أنحاء العالم حسبما نعرف ونشاهد.
وإن تقديم ملف يسلّط الضوء على شخصية استثنائية حفرت بعمق في حياتنا الفكرية والأكاديمية والإدارية والإنسانية ما هو إلا ومضة من ضوء، تقدم للقارئ العربي شخصية نعتز بها ونثمن جهودها، ونستضيء بنورها الذي أضاء فكر وعقل أجيال وأجيال».
مجمع اللغة العربية
وجاءت المساحة الثانية من الملف بعنوان «د. محمد عدنان البخيت مجمعيًّا ورئيسًا للمجمع: تتويج لمسيرة حافلة» بقلم الأكاديمي والباحث الأردني وعضو المجمع الدكتور همام غصيب الذي تطرّق في مقالته إلى بداية معرفته بالدكتور البخيت في الجامعة الأردنية في منتصف الثمانينيات، حيث كان عميدًا للبحث العلمي، وقدّم في شهادته: «كان تأثيره واضحًا، وصوته مسموعًا. ولا عجب فهو يتولى، بحكم منصبه، رئاسة تحرير مجلة الجامعة المحكّمة «دراسات”؛ ورئاسة المجلس العلمي في الجامعة الذي ينظر في دعم الباحثين ومشروعاتهم البحثية، بكل ما يعنيه ذل? من شؤون وشجون؛ إضافةً إلى مركز الصدارة في لجنة التعيين والترقية المنبثقة عن مجلس العمداء، والإشراف على جميع منشورات الجامعة الأكاديمية».
ثم انتقل للحديث عن جهوده عبر خدمته في كل المناصب التي تولاها أو المراكز والجامعات التي أسسها وصولًا إلى دوره في مجمع اللغة العربية الأردني بدءًا بعضويته ومروراً بتسلمه منصب نائب الرئيس، وختامًا بالإجماع من مجلس المجمع على انتخابه رئيسًا له. وقال د.غصيب في هذا المقام: «أولى لجان المجمع عناية خاصة؛ لأن «المجمع بلجانه». وحرص على أن يحضر جانبًا من اجتماعاتها كي يطّلع على جوهر الأمور. وهو لا يُقْدِمُ على شيء إلا بعد استشارة الأقربين إلى الموضوع من أسرة المجمع وسواها. ويكفي أن نراقب عن كثب كيف يدير اجتماعات المك?ب التنفيذي؛ فيحتوي جميع الآراء المطروحة بحكمة جليّة وصبر جميل؛ ويُنجز جدول الأعمال بسلاسة وأريحية. كما أنه يُتابع كل صغيرة وكبيرة. فمثلاً، يستمع إلى جميع برامج إذاعة المجمع، ويبدي ملاحظات دقيقة وذكية عليها. ويُتابع الإعلام المحلي والعربي عمومًا المتصل بشؤون العربية وشجونها. وهو مُستمع ماهر. ويفعل ما يقول. وقيادته من نوع «السهل الممتنع”؛ فلا يشعر الناس أنه يقود! وهذه فضيلة كبرى، خاصةً في مؤسسة كالمجمع. ويُعزز ذلك بشمائله المعروفة التي جعلتني أصفه بـ”الشيخ ابن الشيخ». وأهمها: النزاهة والإيثار والموضوعية. ولا?ننسى دعاباته الذكية وسرعة بديهته».
جامعة آل البيت
وسطّر المساحة الثالثة في الملف الأكاديمي والباحث العراقي الدكتور حسين القهواتي تحت عنوان: «محمد عدنان البخيت مؤسساً لجامعة آل البيت”؛ حيث عُرف الدكتور البخيت بالكفاءة والنزاهة والتجربة فقد صدرت الإرادة الملكية السامية بتعيينه رئيساً لجامعة آل البيت التي أرادها الحسين جامعة إسلامية عالمية تسعى في مسيرتها إلى التجديد والاجتهاد في جو من الوسطية والاعتدال.
وهنا عمل البخيت- كما جاء في شهادة القهواتي -على تدشين المرحلة الأولى والأهم في التأسيس والتخطيط؛ حيث كانت مساراته الأربعة تنفذ على نحو متوازٍ وفي آنٍ واحد، وقد تمثّلت في تطوير المعسكر المخصص للجامعة في مدينة المفرق، وتحوير مبانيه بما يتناسب ومتطلبات الجامعة وزراعة أراضيه الجرداء، وإعداد المناهج النوعية التي تعبر عن أهداف الجامعة الإسلامية العالمية، واختيار أعضاء هيئة التدريس من الأقطار العربية والدول الإسلامية وغيرها، والسعي لقبول طلبة تلك البلدان.
ولتنفيذ هذه المسارات اتخذ البخيت مقراً مؤقتاً له في جناح من الجمعية العلمية الملكية في عمان باسم «مكتب الارتباط» لحين تسلم مباني المعسكر رسمياً، واختار كادراً للسير معه في متابعة الإجراءات التمهيدية اللازمة للتأسيس، وشكّل منهم دوائر أربعًا أساسية هي المالية وشؤون العاملين والعلاقات العامة والهندسة والصيانة.
هكذا كانت البداية لمشروع كبير وطموح، لا يستطيع أي شخص إنجازه إلا من امتلك العزم مع الحزم، والحكمة مع الجرأة في اتخاذ القرار، فضلاً عن التجربة.
كما أحيا البخيت أرض الجامعة الشاسعة القاحلة وحوّلها إلى غابات من الأشجار النضرة، في وقت قياسي، كان العقل يعجز عن تصديقه على الرغم من أن العين كانت تراه.
وعمد إلى اختيار أسماء للمباني من التراث العربي الإسلامي، وكانت الأسماء تعبّر في الغالب عن مهام شاغليها، فاختار على سبيل المثال لمبنى كلية الدراسات الفقهية والقانونية اسم «الإمام الغزالي» ولمبنى كلية الآداب والعلوم «البيروني والبخاري» على التوالي ولمبنى كلية الإدارة والاقتصاد اسم «القاضي أبي يوسف» ولمبنى معهدي بيت الحكمة وعلوم الفلك والفضاء «علي بن أبي طالب»، ولعمادة شؤون الطلبة «عثمان بن عفان»، وأطلق على مركز الحاسوب اسم «الخوارزمي».
ولم ينسَ تسمية الشوارع المؤدية إلى تلك المباني بأسماء دالة، فهذا شارع دمشق وتلك شوارع بغداد وأصفهان والجزائر واستانبول وفاس والأقصى والقدس وتونس وصنعاء وغيرها الكثير، كما أطلق على ساحات الجامعة أسماء جامعات إسلامية اشتهرت في العصور الوسطى الإسلامية، فهذه ساحة الجامعة المستنصرية وتلك الساحات بأسماء جامعات أخرى مثل: القرويين، والنظامية، والأزهر الشريف.
فكان المتجول في فناء الجامعة يومذاك، وكأنّه سائح من غير جواز ولا متاع، يسافر بين مدن الإسلام وأقطاره، من كثرة ما يقرأ من أسماء مدنها وأسماء علمائها، وجامعاتها، ومتنزهاتها وهي مدونة في واجهات المباني وعلى اليافطات الدالة عليها، ومما كان يشاهد من تنوع في جنسيات طلبتها وأساتذتها، إنَّه إنجاز فريد وعظيم لمؤسس قلّ نظيره.
كان الرئيس المؤسس المثابر يبدأ عمله في الجامعة في ساعة مبكرة من الصباح، قادماً إليها من عمان، قبل بدء الدوام، يتجول بين الأشجار المزروعة حديثاً في أرجاء واسعة ومتفرقة من أرض الجامعة، ليرى العطشى منها التي ينقصها الري، والمرضى التي تحتاج إلى رش المبيد أو التسميد. وبعدها يتنقل بين المنجرة والمحددة ليطّلع على ما أنجز فيهما من عمل، ثم يتوجه إلى المختبرات والمطاعم وسكنات الطلبة، ليتعرف على حاجاتها من الأجهزة والمواد، وهكذا حتى ينتهي من آخر مرفق في الجامعة.
فإذا وجد نقصاً في زيارته اليومية في أي موقع يحاسب المسؤول عنه بحزم وأحياناً بقسوة، ولم يسامح أحداً أهمل أو قصر، وبالمقابل كان يثمن جهد من قام بواجبه وأتقن عمله.
ولم يكتف الرجل ذو الطاقة الخلاقة بهذا القدر من المتابعة اليومية، وإنما كان عليه أن يقابل الضيوف القادمين إلى الجامعة يومياً، للمباركة والتهنئة بتأسيس الجامعة التي ذاع صيتها لا في الأردن فحسب وإنما في أقطار عربية وإسلامية وأوروبية.
فبلباقة حباه الله بها وعذب الكلام، كان يقابل ضيوفه، ويرسم لهم صورة الجامعة العلمية الإسلامية العالمية، ويحثهم على دعمها وإرسال الطلبة إليها.
وفي الختام يشير القهواتي إلى أن الجهد الفريد والمبدع والمتنوع الخلاق، لمؤسس جامعة آل البيت لا يمكن اختصاره في صفحات؛ لأن الرجل الكبير، فضلاً عن نجاحه الباهر في تأسيس الجامعة وتجهيزها، وتميزه في إدارتها وتفوقها، كان أيضاً أستاذاً لامعاً وتربوياً قديراً وباحثاً رصيناً.
جامعة مؤتة
وفي الشهادة الرابعة التي سطّرها بحقّ مؤرخ الأجيال، كتب الأكاديمي والباحث الأردني الدكتور فايز القيسي، بعنوان: «الإشراق الثقافي في جامعة مؤتة زمن البخيت»، حيث كان البخيت الرئيس الثالث الذي قاد الجامعة عبر سنوات مثلت مع من سبقوه كما يقول القيسي فجر الجامعة المشرق، ورسموا بريشة المجد والفخار وجهها الصبوح، وظلوا أوفياء لمعاني الرسالة التي حملها فرسان معركة مؤتة، تلك الرسالة الحضارية التي حولت المعركة الفاصلة في تاريخ أمتنا إلى جامعة متميزة وبوابة مشرعة نحو التقدم والإبداع والقوة والمنعة.
فمثّلت رئاسته للجامعة على قصرها مطلع ضحاها وقد صرّف أيامه حتى أنجز ما كان بعيد المنال في ميادين التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع، ومما ساعد على ذلك التوسّع في إنشاء وتطوير البنى التحتية من مباني كليات ومختبرات وقاعات تدريس ومدرجات وغيرها، إضافة إلى تشجير الحرم الجامعي ومسالكه ودروبه، وغدت الجامعة في مستوى الآمال الكبيرة المعقودة على إنشائها في إعداد متخصصين في العلوم والآداب والفنون وغيرها ليسهموا في النهضة العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية في الأردن والوطن العربي الكبير، ويواكبوا الركب الإنساني?المنطلق في مجالات الفكر والإنتاج والإبداع وليتمرسوا بأصول البحث العلمي ومناهجه وليضعوا خلاصة عملهم، ونتاج بحوثهم وابتكاراتهم في بناء بلدهم، وخدمة أمتهم وسائر بني الإنسان.
ويستطيع الناظر في الإنجازات التي حققتها الجامعة في تلك الفترة التي لم تتجاوز سنة ونصف، أن يدرك أن البخيت كان يملك رؤية عميقة للدور الحضاري لجامعة مؤتة، وتمكّن أن يحول تلك الرؤية التي يؤمن بها إلى وقائع يومية أسهم في صياغتها وتحقيقها معه أبناء أسرة الجامعة بجناحيها العسكري والمدني في آن واحد.
لقد عمدت الجامعة خلال فترة رئاسة البخيت إلى رسم رؤية ثقافية أصيلة عميقة تكفل لها القيام بدورها الثقافي في جنوب الأردن لتبقى جامعة نابضة بالحياة الثقافية ماضية إلى الأمام، تسعى إلى ازدهار الأدب والفن والفكر دون انقطاع وإلى المساهمة مع المؤسسات الثقافية في جنوب الوطن في بناء مجتمع أردني واع يأخذ الحكمة النافعة ويقتبسها أنّى وجدها، ويمنحها حياة جديدة، مجتمعاً حياً -يستمد وجوده واستمراريته من الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وقد جاء ذلك من الإيمان العميق بأنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية وطنية شاملة دون أن تكون هناك?تنمية ثقافية جادّة ومخلصة.
لقد استطاع البخيت، خلال مدة قصيرة، أن يحوّل هذه الرؤية التي يؤمن بها إلى وقائع ثقافية يومية قريبة من المجتمع الجامعي أولاً، والمجتمع المحلي ثانياً، والمجتمع الأردني ثالثاً. وقد تمثّل ذلك في عدد من الإنجازات الثقافية، كان أبرزها إصدار المجلة الثقافية «راية مؤتة» وإصدار صحيفة مؤاب الطلابية وإقامة الموسم الثقافي والندوات الثقافية والنشاط المكتبي وإقامة معارض الكتب واستخدام الثقافة أداة للتغيير الاجتماعي والتربوي والتعليمي الإيجابي وتفعيل دور النشاطات المسرحية والموسيقية وغيرها من البناء الثقافي وإنشاء لجنة لإ?ياء التراث المحلي ومشروع «فنانين من الجنوب».
واختتم القيسي شهادته «لقد شهدت جامعة مؤتة -في ضحاها في ظل رئاسة البخيت لها- إشراقاً ثقافياً باهراً، فأسهمت بصيغ متعددة في مسيرة الوطن الثقافية نحو الرقي والتقدم، حتى غدت طوال سنة ونصف من عمرها كالشجرة الطيبة، أصلها ثابت في مؤتة، وفروعها في مسالك الوطن ودروبه، «تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا»، وإخلاص ولاة أمرها وأبنائها الذين كان لها في نفوسهم مكانة، وفي قلوبهم منزلة، وفي خواطرهم رعشة اعتزاز، «ونعم أجر العاملين».
تاريخ بلاد الشام
وجاءت خامس الشهادات بقلم الكاتب والباحث الدكتور المهدي الرواضية بعنوان: «مدرسة البخيت التاريخية في الدراسات الشامية/ العثمانية». يقول الرواضية: «اختار الأستاذ البخيت مساراً علمياً محدداً وواضح المعالم، في وقت كانت فيه الكتابة التاريخية وفق المناهج العلمية في الأردن لم تبدأ أو لم تترسخ بعد، ينشد البحث في تاريخ بلاد الشام بأقطاره الأربعة مع الانحياز للموضوعات البكر التي لم تطرق خاصةً حول الأردن وفلسطين، وسعى لتوفير الوسائل الخادمة والمعينة على المضي في هذا المجال، وانتقى من بين طلبته بعض النابهين لخوض غمار ه?ا المسلك دافعاً بحزم للمتعثّر منهم بظروف المعاش وأسبابه، ومزيلاً للعوائق التي تعترضهم، ومهيئاً لهم من الأعمال الرسمية ما يعود عليهم ببعض المال المعين على مواصلة التعلم، ومحفزاً لمن قصرت همته عن الاستمرار أو جنحت نفسه للراحة والركون فتشكلت حوله طبقة من الطلبة المتميزين الذين لازموه ملازمة الظل: عاملين ومتعلمين، ووجههم إلى مجالات البحث التي اختطّ ملامحها، وأعدّ وسائلها، ودرّبهم على ارتيادها وسلوكها.
وبصرامته المعهودة في البحث العلمي، وقسوته العلمية المشهودة، وعدم تهاونه في العلم ومسائل البحث، انتظم الطلبة في دروسه ونهلوا من علمه وخبرته، وتشربوا أفكاره ومناهجه، وأعدوا رسائلهم وأطاريحهم الجامعية بإشرافه، ثم–لما أصبحوا أساتذة–نقلوا المعارف التي اكتسبوها لتلامذتهم وساروا على الخطة التي قررها لهم أستاذهم ومعلمهم البخيت، مكونين مع أستاذهم مدرسة تاريخية متميزة امتدّ أثرها خارج الأردن. وتمثلت معالم المدرسة التاريخية التي أنتجها الأستاذ البخيت في أربعة مسارب أساسية هي: تحديد مجال البحث التاريخي العلمي والتزامه?كمسار بحثي طويل المدى وتوفير مصادر البحث ومواده الأساسية ووضع الأطر النظرية الناظمة لهذا المجال وتعهده بالبحث والدراسة وتوجيه الطلبة إلى هذا النوع من البحث العلمي، وصولاً لتكوين طبقة من الدارسين والباحثين فيه.
واتجه البخيت لإقامة المشاريع البحثية المتعلقة بالدراسات الحضارية عن بلاد الشام وأقطاره ونواحيه ومدنه وقراه، ودراسة الحواضر المتمدنة في جنوب بلاد الشام، باتخاذ الوثائق والسجلات العثمانية على أنواعها المختلفة، وسجلات المحاكم الشرعية مصدراً أساسياً، وأنجز جملةً من الأعمال العلمية المرتكزة على الوثائق العثمانية خاصة دفاتر الطابو.
وسعى البخيت إلى جانب زملائه آنذاك في قسم التاريخ لإنشاء مركز خاص تجمع فيه الوثائق والمخطوطات، وتأسيس لجنة خاصة بدراسات تاريخ بلاد الشام، ونشط مركز الوثائق والمخطوطات في جمع مصوّرات السجلات العربية والعثمانية ومصورات المخطوطات من أنحاء العالم، وتمكّن بجهود الأستاذ البخيت من توفير نسخة من وثائق الأرشيف العثماني والسجلات الشرعية، فصار المركز قبلة للباحثين وطلبة العلم، وكان لهاتين المؤسستين فضل كبير في تطور الكتابة التاريخية في الأردن.
وإضافة لنشر الوثائق والسجلات وفهرستها، فقد قدم البخيت خدمات جليلة في مجال تحقيق التراث العربي والإسلامي، ولا يبتعد مشروع الوثائق الهاشمية عن الخط العام الذي التزمه البخيت، وإن كان نطاقه الزمني متأخراً عن الحقبة العثمانية، وكان البخيت قد باشر منذ العام 1994م التهيئة لهذا المشروع ورسم خطته ليصار إلى نشر الوثائق التي يحتويها أرشيف الديوان الملكي الهاشمي بهدف إتاحتها للباحثين والدارسين.
والبخيت من الأردنيين القلائل الذين قدموا إسهامات كبرى في إعداد المواد الموسوعية ضمن الإصدار الثاني من دائرة المعارف الإسلامية التي تصدرها دار النشر العريقة بريل/ هولندا.
وتأطرت مسيرة البخيت العلمية والبحثية بملامح عامة شكلت في مجملها مدرسة تاريخية واضحة المعالم والتوجهات غايتها الاستناد إلى الوثائق العثمانية والسجلات الشرعية والكنسية في كتابة التاريخ الشامي، خاصةً تاريخ فلسطين والأردن في العهدين المملوكي والعثماني، وأنتجت أعمالاً تاريخية متميزة، ولا نجانب الصواب إذا ما قلنا إن معظم الكتابة التاريخية في العهد العثماني، خاصة حول فلسطين والأردن، تمت بفضل البخيت وجهود طلبته النجباء، ممن ساروا على سننه وتأسّوا بطريقته ومنهجه».
تاريخ القدس
وتنتقل الشهادات بحق البخيت في ملف «أفكار» بتؤدة حتى تصل إلى جهوده بالتأريخ للقدس التي دوّنها الأكاديمي والباحث الأردني الدكتور عصام عقلة وقد جاء فيها: «قبل الولوج في موضوع القدس من خلال كتابات العلّامة محمد عدنان البخيت، لا بد من التنويه إلى قاعدتين أساسيتين في طريقة تناوله لمجمل القضايا التاريخية وهما: المنهج التاريخي الصارم القائم على نقد تلك المصادر للوصول إلى أقربها دقة، وتحليلها، وعرضها بشكل يخدم الموضوع المراد مناقشته، مع التأكيد على أنّ البخيت من مدرسة لا تُحمّل النص أكثر مما يتحمل، لا بل ولا تحاول ?فسيره تفسيراً لا ينطبق مع السياق العام للعصر الذي وقع فيه الحدث.
شغلت القدس وفلسطين حيزاً كبيراً من اهتمامات العلامة البخيت البحثية، ولا يمكن حصر تناوله للقدس بالأبحاث المتخصصة بها فقط، حيث إن هناك الكثير من الأبحاث التي تناول بها، وخصوصاً المتعلقة بولاية الشام في الفترة العثمانية، كما أنه اهتم كثيراً بمدن فلسطين الأخرى، وشغلت حيزاً بحثياً مهما لديه، وعلى رأسها أبحاثه حول حيفا العثمانية والأسرة الحارثية في مرج بني عامر (1980)، ونابلس ونواحيها (1996) وأريحا وجوارها (2007)، والعشائر العربية في ولاية دمشق 2006 وغيرها.
أما القدس فاختصّت لديه بدراسات مهمة، ولعل أبرزها بحثه حول مصادر الإنفاق على مدارس القدس في الفترة من 932-939هــــ/ 1525-1532م وهو بحث مهم يتناول الأوضاع الثقافية للقدس في القرن السادس عشر، ومؤسسات التعليم بها من خلال المصدر الأصلي، وهو دفاتر الطابو العثمانية. وهذا البحث نموذج لمنهج البخيت القائم على العودة للمعلومات من مصدرها الأصلي، وتفسير النص وتحليله بشكل محايد على قاعدة البخيت المنهجية الأساسية القائمة على ترك النص يتحدث عن نفسه، وهو ما أشاد به المؤرخون العرب والغربيون الدارسون لتراثه الذين وصفوا منهجي?ه التاريخية ضمن الالتزام بالموضوعية، لذلك لم ينطلق البخيت في دراساته من خلفيات وأحكام مسبقة، ولا متبنياً لنظريات يريد إجبار النص على تحقيقها والتوافق معها.
ولعب الدكتور البخيت دوراً بارزاً في الإشراف على تأليف كتاب القدس الذي اعتمد في الجامعة الأردنية لتدريس مادة القدس فيها، حيث تولى مسؤولية تحديد المحاور، ثم تكليف الأساتذة الذين يؤلفون كل محور، ثم مراجعة ما كتب وتسجيل الملاحظات حتى خرج بصورة أقرب ما يكون لكتاب مرجعي لكل باحث في تاريخ القدس. إن المتأمل في جهود الدكتور البخيت في التاريخ للقدس يجد نفسه أمام مدرسة واضحة المعالم تركز بحسب اختصاص الدكتور البخيت على التاريخ العثماني للقدس، ضمن سياق زمني وجغرافي محدد، وضمن مناهج تاريخية علمية واضحة، مدرسة لا تعتمد ت?ني عقائد سياسية أو تاريخية محددة بل الحقيقة المعرفية فقط».
الفكر والحوار
وجاء عنوان المناشط الثقافية في جامعة آل البيت خلال مرحلة التأسيس بقلم الأكاديمي والباحث الأردني الدكتور عليان الجالودي آخر شهادات الملف بحقّ البخيت، ومما جاء فيها حول دوره في النشاط الثقافي والأكاديمي في الجامعة: «ترجمت جامعة آل البيت فلسفتها في العمل على تنمية شخصية الطالب علمياً ومسلكياً، وعنايتها بالفكر والحوار وتنمية العقل العربي المسلم من خلال العديد من المستويات في أنشطتها الثقافية والفكرية التي نهضت بها الجامعة وكلياتها ومعاهدها المتخصصة خلال سنوات التأسيس تمثلت في إصدار الصحف الطلابية، والمجلات الإ?بارية والثقافية والمجلات العلمية والأكاديمية المتخصصة، وإقامة الندوات وورش العمل والحلقات النقاشية، وعقد المؤتمرات العلمية، ونشر حصيلة هذه الندوات والمحاضرات في كتب علمية متخصصة رفدت المكتبة الإسلامية والعربية بحصيلة ثرة من البحوث والدراسات في العديد من الجوانب الأدبية والعلمية، والتاريخية والفكرية، فضلاً عن سلسلة غنية من المنشورات العلمية الرصينة، كما تبنت المشاريع البحثية الريادية التي تخدم البيئة المحلية وتشكل جسراً من جسور التواصل بين الجامعة والمجتمعات المحلية.
وأسهم تنوع جنسيات أعضاء هيئة التدريس وتنوع مشاربهم الفكرية، وتنوع جنسيات الطلبة بتوليد حراك فكري وثقافي، اتسم بالثراء والتنوع من خلال المحاضرات والندوات والحلقات النقاشية والمؤتمرات، ورافق ذلك إنشاء الصحف والمجلات الإعلامية، والثقافية، والمجلات العلمية المحكمة وتشجيع النشر العلمي والمشاركة في المؤتمرات المحلية، والعربية والدولية، وتشجيع البحث العلمي وتوفير الدعم المالي للمشاريع العلمية. وتجلى النشاط الثقافي والفكري والعلمي في رحاب الجامعة بأكثر من مظهر، فكانت صحيفة الشورى الطلابية ومجلة الزهراء ومجلة البيا? والكتاب السنوي والمجلات العلمية المحكّمة والمحاضرات ونشر الكتب والدراسات المتخصصة والوثائق الهاشمية وسلسلة الرسائل الجامعية وغيرها الكثير».
عروبة الإخباري – د. فلك مصطفى الرافعي
قالت الامثال ” اذا اردت ان تقتل إنسانا فلا تطلق عليه رصاصة بل اطلق عليه إشاعة “, فالسهم يردي مرة و الإشاعة تقتل مرات و تتسع لتشمل معظم المحيط ..
و الفتنة الجوّالة التي تشهدها الساحة العربية إن هي إلا ترجمة منقّحة الحياكة ظلامية تبدأ بإطلاق ” إشاعة ” فتكبر دائرة رمي الحجر في البحر ليلف شواطئ و سواحل من ارتداد الانتقال ، مثل كرة الثلج تبدا بما تحمله قبضة اليد لتصل إلى كتلة جبلية تقلع كل ما في طريقها ..
و قد لفت الشارع الكريم لضرورة اخذ الحيطة من ( الخبرية ) و التأكد من صوابيتها و التحقق من حدوثها ،فجاءت الآية الخالدة :” يا ايها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ” ..
كانت اول إشاعة انطلت على بني آدم هي ما وقعت على (سيدنا آدم )و (سيدتنا حواء) عندما غوى ابليس بهما و حثّهما على ما نهيا عنه مرددا امامهما إنه الناصح و إنه يدلهما على شجرة الخلد…
الفتنة الجوالة و الإشاعة الكذوب طالت كل الانبياء الذين رمتهم مجتمعاتهم ـ الا القليل ـ بالسحر و الشعوذة و التضليل و الكذب و الافتراء و الجنون ، و كم من مجتمع آثر البقاء تحت ظل صنم على الاعتراف بالخالق الواحد المدبّر …
و الأدهى من ذلك أن من يطلق الشائعة و بعد رواجها يصدقها و يعتقد أنها تقارب الحقيقة و الأمثلة على ذلك كثيرة لا مجال لتعدادها ..
فكم من القبائل و العشائر سرت بهم رذائل الاقتتال و الثأر لمجرد شائعة بثّها الشيطان على لسان إنسان فسرت مسرى النار في الهشيم ، ألهبت و أحرقت و قتلت و عبثت ، و حتى جلاء الحقيقة تكون المقابر قد فاضت بما حملته بطونها …
و كم من امرأة لاكتها ألسن الغيرة و الحقد فوقعت في مكائد الإشاعات و قتلت عند بيئتها كل الفضائل ..
و كم من قيادي الهبته سياط الإشاعات و الأقاويل فقد بريقه و دفع كل تاريخه الأبيض لصالح الفبركات الكاذبة و حديث الغربان السوداء ..
و كم من سلعة إرتفعت و تيرة سعرها إلى أضعاف بفضل إحتكار بغيض جعلها في مكانة لا تطال بسبب تهافت الناس لإمتلاكها ، حتى اذا ما دفعوا بها النفيس ادركوا انهم ضحايا تجار لا يخافون الله سبحانه وتعالى فيما إستخلفهم عليه …
و كم من شعب آمن دفع اثمانا غالية بسبب إشاعة ، فكانت الفتنة الجوالة التي تمطر الموت و السوء ، و بعدما احلنا إلى التقاعد غمام المطر الابيض ،فتشرق الارض بالسهام بدل السنابل ، و بالسم بدل البلسم …
و إنها لصرخة ” تبيّنوا .. تبيّنوا . تبيّنوا ” قبل فوات الاوان ، و حتى لا تصبح كل مدينة عربية تعيش هاجس ” خراب البصرة “…
صدر عن منتدى الفكر العربي في شباط 2025 المجلد الثاني من الأعمال الفكرية لسمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس المنتدى وراعيه، ويتضمن المجلد كتبًا، ومقالات، وخطابات، وإسهامات قدّمها سموّ الأمير ضمن رؤاه الفكرية حول الإسلام، والواقع العربي، والتحديات، والنهضة.
ويضمّ المجلد بين دفّتيه كتابات سموّه، ومساهماته الفكرية منذ مطلع الألفية الجديدة، إذ يتضمن كتاب «أن تكون مسلماً: الإسلام، والسلام، والديمقراطية» وهو حوار مطوّل أجراه مع سموّه الصحفي الإيطالي الفرنسي ألان إلكن، وفيه يعرف سموّه بالإسلام الوسطيّ، وبالإنسان المسلم القادر على استيعاب الآخر، والحوار معه.
كما يتضمن المجلّد كتاب «منجاة الأمّة: رؤى لاستشراف المستقبل العربيّ»، الذي يحتوي مجموعة مقالات لسموّه، منها: «الشرق الأوسط والثورة البطيئة»، و«نحو ميثاق يحمي قيم الربيع العربي»، و«زرقاء اليمامة لو نطقت، هل ستنادي على المفكرين، أم على صنّاع القرار، أم عليهما معًا؟»، و«منجاة الأمّة.. الزكاة والتضامن الاجتماعي»، و«أفكار في الثورة العربية الثانية»، و«في ظلّ فشل الجهود الإقليمية والدولية لحل الأزمة السورية: ألم يحن الوقت للمفكرين والحكماء أن يقولوا كلمتهم؟».
ويتضمن المجلد كذلك كتاب «الفكر العربي وسيرورة النهضة» الذي يحتوي محاضرات، وكلمات، وأوراقًا مختارة، تتناول مواضيع مختلفة حول النهضة العربية، والميراث الثقافي والاجتماعي، ومخاطر التبعية الثقافية والفكرية والاجتماعية، وأهمية الاعتماد على اللغة العربية بوصفها وسيلة لنقل المعلومات والتقنيات المتطورة، وضرورة إعادة النظر في مقوّمات الفكر العربي المعاصر، وأهمية إنشاء شبكة عربية متفاعلة تتقاسم الأدوار، وتتكامل في مهماتها، في ظل التحولات والتغيرات العالمية والإقليمية.
ويختم المجلد بكتاب «نحو مدوّنة حضارية كبرى، كلام على الإسلام والأمة» الذي يستعرض أبرز التحديات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية، ويناقش مسألة التعددية، والمبادئ الكلية في الإسلام، وكيف يتعامل الإسلام مع الإنسان، بالإضافة إلى موضوعات سياسية واستراتيجية وحقوقية، تسلط الضوء على الحروب والأزمات في العالم العربي والمشرق.
ويُصدّر الكتاب بتقديم بقلم المفكر الراحل الدكتور السيد يسين، ومنه يقول: «سيظل الإنجاز الفكري لسمو الأمير الحسن بن طلال علامة فارقة لقدرة الفكر العربي المعاصر على الحوار الحيّ الخلاق، مع أبرز مدارس الفكر العالمية، من منطلق الثقة والاقتدار، والفهم العميق لتحولات المجتمع العالمي»، ويضيف «لم يكن غريباً أن تُجمع الدوائر الفكرية العالمية على أن سمو الأمير هو من أبرز رواد الحوار الحضاري في العالم».
وفي كلمة لمحرر المجلّد، والمشرف العام على المشروع، أكّد الدكتور مصلح النجار على أن سموّه ظلّ مستمسكا بالتزامه الإنساني، المتشبّث بثوابت الفكر الإنساني الأصيل، وبتصوّراته عن دور الأمّة في مستقبل الإنسانيّة، وظلّ مؤمنا بدور الثقافة في حياة الأمم، وبضرورة أن يعيش المواطن العربيّ ابنا لزمنه، ومساهما فاعلا وإيجابيا في رصيد الإنسانية. ويشير النجار أن هذا المجلد يمثّل بعضا من إسهامات سموه في الفكر العربي وشطرا من آرائه في الفكر الدينيّ، ورؤاه الوطنية الثاقبة.
ويأتي هذا المجلد جزءًا ثانيا من سلسلة مجلدات تتضمن الأعمال الفكرية لسموه، ومن المتوقع أن يصدر المجلد الثالث من الأعمال الفكرية لسموه في نهاية هذا العام 2025.
عرض مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي بمناسبة يوم المرأة العالمي، وثيقة تعود للخامس من آذار عام 1974، تظهر منح المغفور له الملك الحسين بن طلال- طيب الله ثراه، المرأة الأردنية حق الانتخاب في مجلس النواب.
وأوضح المركز في بيان، الجمعة، أن هذه الوثيقة التي رُوِّست بعبارة “نحن الحسين الأول ملك المملكة الأردنية الهاشمية”، تظهر تصديق الملك الحسين قانونا معدلا لقانون انتخاب مجلس النواب.
كما تحتوي الوثيقة على مادتين: تنص أولاهما على تسمية المادة، والثانية تنص على تغيير تعريف “أردني” الواردة في الفقرة أ من المادة 2 من القانون الأصلي بشطب كلمة “ذكر” الواردة وأن تستبدل بها عبارة “ذكرا كان أم أنثى”، مشيرا إلى أنه يظهر في النصف الثاني من الصفحة أسماء المجلس الوزاري حينها.
رعى وزير الثقافة مصطفى الرواشدة، الخميس الماضي، في المركز الثقافي الملكي بعمان، حفل افتتاح فعاليات الأسبوع الأول من أمسيات «رمضانيّات» التي تنظّمها وزارة الثقافة.
ولقي حفل افتتاح الفعاليات، التي تنطلق في عمان والمحافظات بالتزامن خلال أيام الخميس والجمعة والسبت طيلة أيّام الشهر الفضيل، حضورًا عائليًّا واسعًا من مختلف الشرائح العمرية والاهتمامات. واشتمل الحفل على كرنفال للأطفال، ومعزوفات قدّمتها موسيقات الأمن العام، ومشاركة لفرقة خالد البوريني.
كما استمتع الحضور بعرض مسرحي كوميدي هادف، قدّمه الفنانان حسن السبايلة ورانيا اسماعيل، تحت عنوان «ترند زعل وخضرة». وقدّمت فرقة وزارة الأوقاف والمقدسات الإسلامية للإنشاد الديني، عددًا من ابتهالاتها وأناشيدها التي حازت إعجاب على الجمهور. وتنوّعت الفعاليات، التي تخللها تقديم ضيافة حلويات ومشروبات رمضانيّة، ما بين فقرات وشخصيّات كرتونيّة ترحيبيّة للأطفال، وكذلك فقرات المسحراتي التي أدّاها عدد من الأطفال.
كما أقيم معرض للصناعات الثقافية والحرفيّة نفّذته جمعية صناع الحرف التقليدية، بالإضافة إلى معرض كتاب ضمّ عددًا من إصدارات وزارة الثقافة المتنوعة لكافة الأعمار.
وفي جولته على معرض الكتاب، ومعرض الصناعات الثقافية والحرفيّة، أكّد وزير الثقافة مصطفى الرواشدة أهميّة الفعاليات الرمضانيّة، من حيث هي تعبير عن الفرح بالشهر الفضيل وقيمه الإنسانيّة، خاصةً بالنسبة للفئات العمرية الصغيرة وعائلاتهم، وكذلك من حيث هي فعاليات تقدّم ما اعتاده المجتمع الأردني والعربي من طقوس ثقافية وترفيهيّة.
ولفت الرواشدة إلى اهتمام الوزارة، وبالإضافة إلى العروض المسرحيّة وقيمها الهادفة ورسالتها الوطنيّة، بتقديم الكتاب المتنوع في محتواه والمناسب للجميع، مشيرًا إلى المتابعة الكبيرة والمتنوعة سنويًّا للفعاليات الرمضانيّة التي تقيمها وزارة الثقافة في المحافظات، أيضًا، من خلال مديريات الثقافة التابعة للوزارة، وتنسجم مع قيم وأهداف الشهر الفضيل.
وأعرب الرواشدة عن شكره لكلّ الجهات والهيئات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني، والوزارات، كجهات شريكة لوزارة الثقافة في إقامة فعالياتها الرمضانيّة، مثل وزارة الداخلية، وزارة الشباب، وزارة السياحة، وزارة الإدارة المحلية، وزارة التنمية الاجتماعية، وزارة الاتصال الحكومي، أمانة عمان الكبرى، المؤسسات الإعلامية، هيئة كلنا الأردن ومؤسسات المجتمع المدني، والهيئات الثقافية ومجالس البلديات.
يشار إلى أنّ أمسيات «رمضانيات»، التي تقام للسنة الخامسة على التوالي، وتتواصل خلال أيام «عيد الفطر المبارك»، تنطلق في عمان والمحافظات في العديد من المواقع والمراكز الثقافية، على النحو: إربد: مركز إربد الثقافي. عجلون: مركز عجلون الثقافي أو القاعة الهاشمية/ بلدية عجلون. جرش: قاعة بلدية جرش الكبرى. المفرق: قاعة بلدية المفرق الكبرى. الزرقاء: مركز الملكِ عبدالله الثاني الثقافي. عمان: المركز الثقافي الملكي. البلقاء: مؤسسة إعمار السلط. الكرك: مركز الأمير الحسنِ الثقافي. الطفيلة: مؤسسة إعمار الطفيلة. معان: مركز الأمير الحسين بن عبدالله الثاني الثقافي. مادبا: قاعة بلدية مادبا.
الجويني على غلاف CIO Views: ضمن أقوى 10 نساء في التحول الرقمي وحوكمة الذكاء الاصطناعي
عروبة الإخباري –
حازت، التونسية، مها الجويني، على مكانة مرموقة ضمن قائمة أهم عشر نساء في مجال التحول الرقمي وحوكمة الذكاء الاصطناعي، وذلك وفقًا لمجلة CIO Views، حيث تصدّرت غلاف عددها الأخير.
تتحدث مها عن مسيرتها المهنية والأكاديمية التي قادتها عبر الصين، السنغال، وجنوب إفريقيا، حيث خاضت تجارب متميزة في مجالات التحول الرقمي، الذكاء الاصطناعي، والحوكمة التكنولوجية.
يمكنكم قراءة الحوار الكامل والتعرف أكثر على رحلتها وإنجازاتها على الرابط ادناه
عروبة الإخباري – ماجدة داغر –
نظم المعهد الوطني العالي للموسيقى – الكونسرفتوار، وبدعوة من رئيسته المؤلفة الموسيقية هبة القواس أمسية سمفونيّة أحيتها الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية بقيادة عازف البيانو والموسيقي اللبناني- الأردني- البريطاني كريم سعيد، ومشاركة “الكونسرت ماستر” إيهاب جمال، في الكنيسة الأرمنية الإنجيلية الأولى في بيروت، بحضور وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة ونائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور طارق متري وسفيرَي مصر وأوستراليا والرئيس فؤاد السنيورة وشخصيات سياسية ودبلوماسية وفكرية وإعلامية.
في ليلة موسيقية استثنائية، اجتمع فيها إبداع الماضي والحاضر، أدّت الأوركسترا العمل الموسيقي للوتريات”Aspiration”“ للمؤلفة الموسيقية هبة القواس مع الكونشرتو الأول والثالث للبيانو والأوركسترا للودفيغ فان بيتهوفن، حيث قُدّمت، ولأول مرة في لبنان، رائعتَا بيتهوفن، العملان الموسيقيان الكبيران في عرض واحد
وفي أمسية فريدة أبهرت الجمهور بمزيجها الفريد من الحداثة والكلاسيكية.
حشد كبير من جمهور الموسيقى الكلاسيكية حضر الأمسية، التي افتتحت بمقطوعة القواس” “Aspiration، وقادت الجمهور في رحلة موسيقية تأملية تتخطى الحدود التقليدية للسيمفونية، إذ امتزجت روح الشرق مع الأوركسترا الغربية في تفاعل متناغم يعكس فلسفة الصعود والارتقاء، الصمت والبوح، والقوة والسكون. تجلت في العمل روح البحث عن التلاقي مع المطلق الذي يظهر في المساحات المتباعدة حيناً والمتقاربة أحياناً أخرى، وفي انجذاب القواس إلى تلك القوة المطلقة في موسيقى تنشدها، عبر مقاطع موسيقية تتدرج من التأمل العميق إلى التفجّر العاطفي في جذوة موسيقية تحبس الأنفاس، مقدمة تجربة صوتية تحمل بصمة القواس الفريدة الباحثة عن السمو الموسيقي. بصمة مهرت أعمالها منذ البدايات، ولاسيما أن مقطوعة “أسبيرايشن” هي من أوائل أعمالها الموسيقية، كما شرحت عنها بعد سؤال من قائد الأوركسترا كريم سعيد.
بعد هذه التجربة الحديثة، عاد الجمهور إلى عبقرية بيتهوفن الكلاسيكية، حيث أدت الأوركسترا الكونشرتو الأول بروحه المتوهجة، التي انعكست على القائد والعازفين، فبرع المايسترو سعيد بإيصال الطاقة المتدفقة في المعزوفة، ولمحات من روح بيتهوفن الابتكارية المبكرة، حيث أبدع في تقديم حوارات موسيقية نابضة بالحياة بين البيانو والأوركسترا، بينما جاءت الجمل اللحنية مفعمة بالحيوية والتألق.
أما الكونشرتو الثالث، فكان تتويجًا للأداء، إذ حمل في طياته عمقًا دراماتيكيًا وأحاسيس متوهجة تعكس شخصية بيتهوفن الأكثر نضجًا. وقد أظهرت الأوركسترا قدرة استثنائية على المزج بين القوة والتعبير العاطفي، خاصة في الحركة الثانية التي حملت لحظات من التأمل والصفاء، قبل أن تنطلق الحركة الختامية بحيوية متقدة أسرت المستمعين، ليشكل كلا العملين تكاملًا فريدًا بين الاندفاع الحيوي والتأمل العاطفي. وفي حوار ثري بين البيانو والأوركسترا، قاد المايسترو الأوركسترا باحترافية وإتقان، مضفيًا على الأمسية روحًا من التناغم والتكامل الموسيقي. وتمكّن سعيد من أن يحمل صوت الأوركسترا كما لم يسمع الجمهور الأوركسترا من قبل، وذلك عبر الوصول إلى هذا الأداء المذهل من خلال التفسير التفصيلي لكل خطوط الأوركسترا، بالتنقل من آلة إلى أخرى، وتداخل هذه الآلات ببعضها البعض وكيفية تظهيرها ليتوهج صوت الأوركسترا. والجدير ذكره أنها المرة الأولى في تاريخ العالم العربي يقود موسيقيّ عربي الأوركسترا ويعزف على البيانو في الآن نفسه.
فكانت بمثابة رحلة فنية تأخذ الجمهور في عوالم بيتهوفن المختلفة، من شغفه الشاب وثورته في الكونشرتو الأول إلى تأملاته العميقة وابتكاراته في الكونشرتو الثالث، ليخرج الحاضرون بانطباع لا يُنسى عن عبقرية الموسيقار الخالد.
جسّدت الأمسية لقاءً فريدًا بين عصرين موسيقيين، حيث عانق صوت بيتهوفن الخالد رؤى القواس المعاصرة، ليؤكد الحفل أن الموسيقى، رغم اختلاف أزمنتها، تبقى لغة تتجاوز الزمن، قادرة على استحضار الماضي وإلهام المستقبل في آن واحد.
هذا ما ألمحت إليه في كلمتها المسهبة، رئيسة الكونسرفتوار حين تحدثت عن قوة الموسيقى وتأثيرها فقالت: “نحتفي بقوة الموسيقى، هذه اللغة العالمية التي توحدنا، وترفعنا، وتضيء لنا الطريق نحو المستقبل”. وتابعت:
“منذ أسبوع فقط، افتتحنا موسم حفلاتنا بعظمة ” قداس الموتى” ووقاره لموزارت، حيث لم يكن ذلك مجرد انطلاقة لمسيرة موسيقية غنية، بل كان أيضًا لحظة تأمل عميقة تردد صداها مع التحولات التي يشهدها لبنان. واليوم، ونحن نستهل حفلنا الثاني، نفعل ذلك بروح متجددة من الأمل والطموح والنهضة الفنية. إن لبنان يقف اليوم على أعتاب فصل سياسي ووطني جديد، فجرٍ ننتظره بشغف، محملًا بوعود التجدد والتنوير. ونحن في المعهد الوطني، ندرك دورنا في تعزيز هذه النهضة، ليس فقط من خلال الأوركسترا الفلهارمونية، بل أيضًا عبر الأوركسترا الشرق – عربية، وأنسمبلات الصغار والشباب التي قمنا برعايتها، والكورال الوطني الذي سنطلقه قريبًا. هذه الجهود كلها تصب في رؤية أوسع لترسيخ الهوية الثقافية اللبنانية وتعزيز مكانتها كمركز للإبداع الفني في المنطقة وخارجها.”
وأضافت القواس: “نحن محظوظون هذا المساء باستضافة عازف بيانو استثنائي بعمق فني فريد، هو كريم سعيد. موسيقي لا يقتصر إبداعه على عزف البيانو فحسب، بل يمتد ليحتضن جوهر الصوت الأوركسترالي بأكمله. وما يجعل هذه الأمسية مميزة هو أن كريم لن يكون فقط العازف المنفرد، بل سيتولى أيضًا قيادة الأوركسترا، في لحظة تحمل في طياتها الإلهام والكشف الفني العميق. برنامج هذا المساء هو تحية للطموح والتألق. سنبدأ بـ Aspiration No. 1، وهي مقطوعة من تأليفي تعكس السعي نحو السمو عبر الموسيقى. يليها الكونشرتو الأول والثالث للبيانو والأوركسترا لبيتهوفن، وهما عملان يجسدان روح الثورة والابتكار الفني. ومع تولي كريم سعيد دور العازف والقائد في آنٍ واحد، سنشهد مستوى فريدًا من الأداء الموسيقي، حيث ستتجلى أدق تفاصيل الجمل اللحنية والتعبير الموسيقي والحوار الأوركسترالي بحس موسيقي استثنائي. إن مقاربته الدقيقة للصوت، وطريقته في إضفاء الحياة على كل جملة موسيقية، وقدرته على تشكيل الأوركسترا من داخل الموسيقى ذاتها، ستجعل من هذه الليلة تجربة لا تُنسى”.
وعن حضور وزير الثقافة الحفلة، قالت القواس”: هذا المساء يكتسب أهمية خاصة أيضًا بحضور وزير الثقافة الجديد، الدكتور غسان سلامة، وهو شخصية مرموقة في مجالات الدبلوماسية والتعليم والتطوير الثقافي. إن رؤيته تتماشى تمامًا مع ما سعينا إليه طويلًا، تحقيق بنية تحتية موسيقية متكاملة وشاملة في لبنان. على مدار العامين الماضيين، كنت أعمل على وضع الأسس لهذا الإطار الموسيقي الشامل، خطوةً بعد أخرى. والآن، مع قائد يتمتع برؤية استراتيجية وخبرة دولية مثل الدكتور سلامة، لدينا فرصة استثنائية لجعل هذا الحلم حقيقة. إن فهمه العميق للسياسات الثقافية والتبادل الفني العالمي والتطوير الاستراتيجي سيمنح مساعينا زخمًا هائلًا، مما سيمكننا من توسيع الشراكات المؤسسية، وتعزيز برامجنا التعليمية، ووضع لبنان في موقعه الطبيعي كمركز إقليمي للتميز الموسيقي. بالإضافة إلى ذلك، فإن العهد الجديد مع رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، نائب رئيس الوزراء، ومجلس الوزراء، هو دليل على الاعتراف المتزايد بأهمية الثقافة كمكوّن أساسي لمستقبل لبنان. ونحن، كموسيقيين، على أتم الاستعداد للمساهمة في هذه النهضة الوطنية.”
وتابعت: “إلى جانب الموسيقى، تمثل هذه الليلة نقطة تحول في التزامنا بإعادة وصل لبنان بموسيقاه وأبرز مواهبه المنتشرة في جميع أنحاء العالم. فقد اختار العديد من أفضل موسيقينا البحث عن الفرص في الخارج، لكن مهمتنا اليوم هي إعادتهم، وإعادة بناء أوركستراتنا الوطنية ببريق موسيقاهم. ومنهم عودة ريبال ملّعب، الذي نفخر به، والذي انضم إلينا العام الماضي كعازف أول للفيولا. واليوم، نخطو خطوة جديدة إلى الأمام بترحيبنا بعازف الكمان إيهاب جمال، الذي ينضم إلينا للمرة الأولى كقائد لمجموعة الكمان الأولى. هذه مجرد بداية لمشاركته المستمرة مع الأوركسترا، فيما نواصل إعادة دمج موسيقيينا اللبنانيين وإعادة بناء الجسور بينهم وبين وطنهم. وكريم سعيد، من بين هؤلاء الموسيقيين الذين يجسدون هذه المهمة. فبالرغم من شهرته الواسعة في بريطانيا والأردن، يحمل كريم أيضًا الجنسية اللبنانية، ما يجعل هذه الليلة أكثر من مجرد حفلة موسيقية، بل إنها عودة للوطن بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وبكل فخر، أعلن الليلة عن شراكة استثنائية: كريم سعيد سيشغل منصب موسيقي مقيم في معهدنا الموسيقي وأوركسترانا. ومن خلال هذا التعاون، سيواصل إلهام موسيقيينا وتوجيههم، من خلال تقديم دورات الماستر كلاس، والعزف منفرداً في حفلات، وفي أمسيات موسيقى الحجرة، وقيادة الأوركسترا في دورة كاملة لأعمال بيتهوفن للبيانو والأوركسترا، وهو إنجاز سنوثقه عبر سلسلة من التسجيلات والمنشورات. هذه الشراكة تمثل عهدًا جديدًا من التميز للمشهد الموسيقي اللبناني، حيث نرتقي إلى المسرح العالمي ليس فقط كعازفين، بل كمبدعين لإرث فني خالد.
وختمت القواس: “وهكذا، ونحن نمضي قدمًا في هذه الليلة، دعونا نحتفي بقوة الموسيقى، هذه اللغة العالمية التي توحدنا، وترفعنا، وتضيء لنا الطريق نحو المستقبل. فلتكن هذه الحفلة رمزًا للنور الذي نسير نحوه، وليكن جمهورنا العزيز شاهدًا على الجمال الذي نحن على وشك الاستماع إليه.استمتعوا بالموسيقى، ولنجعل من هذه الليلة بداية سيمفونية جديدة للبنان”.
وفي تلبية لدعوة القواس لإلقاء كلمة، توجه وزير الثقافة د. غسان سلامة إلى الحضور قائلاً: “الموسيقى لغة لا تحتاج لمفردات، لذلك لن أثقل عليكم بمفرداتي. أردت فقط أن أحيّي هبة القواس وإني أتطلع للاستماع إلى تأليفها، وأحيي كريم وإيهاب وكل الموسيقيين، وأحيي عودة الحياة إلى صرح أساسي من صروح الثقافة في لبنان الكونسرفتوار الموجود في نحو عشرين موقعاً مختلفاً على طول الأراضي اللبنانية، وهو ما أن يصاب بكبوة إلا ويستعيد عافيته فوراً بعد تلك الكبوة. أحييكم جميعاً وأشكركم على حضوركم في هذه اللحظة الجميلة التي تعود فيها الحياة إلى الأوركسترا وإلى لبنان بأسره”.