قبل كتابة هذا المقال اخضعت نفسي لعملية تجويع متعمد، حتى اتمكن من عد تقريبي لمجموع «اللقم» التي يمكن للجائع تناولها، فيما كانت النظرية التي أردت أثباتها لنفسي قبل اي أحد، (كيف يعني «عيار الشبعان 40 لقمة» ) !
كنت جائعة جدا، فالتهمت ما مقداره 27 لقمة فقط، «بصدق»، رغم انني لا اخضع لــ «ريجيم « وما شابه، اذا، كيف قال أسلافي العرب يا عرب «ان عيار الشبعان 40 لقمة»؟.
نعم، تأخذنا النخوة العربية في هذا القياس ايضا، فالعرب من كرمهم وحبهم لــ»توجيب» الضيف، وفي سبيل بياض الوجه، اخترعوا قصة الــ 40 لقمة، ليخرج ضيفهم من ثوب الخجل ويأكل مرتاحا.
اذا، هي قيمة عربية أصيلة، كانت تؤتي أكلها عندما «اكل الرجال ع قد افعالها « وليس «منشوراتها مثلا، المهم ان هذه القيمة المجتمعية اتجهت اليوم الى غير مرادها وأصبحت ارثا لابد من «اللعب بعدادته» وتغيير ارقامه، بعد ان تبينا ان حتى « الجوعان» لا تصل «لقمه» الى هذا العدد، ولابد من ضبط اليد، مفتاح الفم.
تقودك الاخبار لتقرأ رقما صادما يوضح ان هناك 282 مليون شخص في 59 دولة ومنطقة في العالم يعانون من مستويات مرتفعة ليس من الجوع، بل الجوع الحاد.
بالأمس شاهدت على تطبيق «الانستغرام» فيديو «مستفز» لرجل يعتذر من ضيوفه الكرام على عدم تقديم المزيد من الطعام لمائدة صورها وقد حملت اطنانا من شتى صنوف الطعام، اعتذر عن المبالغة اكثر من ذلك بدعوى عدم التبذير والإهدار، وكأن نفس هذا الرجل تهزأ من دعاة يخرجون لوقف التبذير وهدر المزيد من الطعام.
بنفس التطبيق ترى صورة طفلة تبلغ من العمر 23 شهرا تمسك بكوب من (العصيدة) الغنية بالعناصر الغذائية، مكن الحظ ذويها من الحصول عليه من خلال عرض غذائي في مجتمعها المحلي.
وبالطبع هناك زاوية في العالم لم تزرها كاميرات التصوير حيث يجلس طفل بملامح أنهكها الجوع، ينظر بحسرة إلى فتات الخبز وتكاد حنجرته تصرخ «اما آن الأوان أن توقفوا هذه الجرائم الغذائية التي ترتكبونها في حقنا نحن الجياع ؟».
الحالة الكريمة العربية فيما يخص هدر الطعام يجب ان تتوقف، فهي لامبالاة اكثر منها كرم واصالة، هي خسائر اقتصادية وتدمير لموارد الأرض.
فالمعادلة واضحة وانت جزء بسلوكك المبذر في صياغتها « الكثير من التبذير في استهلاك الطعام، هو خير اقل للمحتاجين».
لا يكمن الحل وتحمل المسؤولية في الامتناع عن الأكل، ولا بالتساهل بإكرام الضيف، بل في تقدير ما نأكل. في التحكم بسلوكنا الشرائي، ببساطة، يمكننا أن نكون أكثر إنسانية في تعاملنا مع الطعام.
تخيل لو أن كل شخص فكر مرتين قبل أن يرمي يشتري ويطهو ويرمي بقايا طعامه، اليوم اكثر من اي وقت مضى مطلوب منا جدا الأكل بوعي وإحترام الطعام والنعمة .
ترى لو فكرت بعدد «لقم» غيرك كيف سيتغير العالم؟
كيف ستقل مظاهر الجوع، وتزداد البركة في الطعام؟
الأمر ليس مستحيلًا، بل يبدأ بقرارٍ بسيط: أن نحترم النعمة قبل أن تزول.
عقارات
ليس الرأي العام العربي، الذي خيَّبت آماله قممٌ عربيةٌ كثيرة، من ينتظر نتائج القمة العربية في القاهرة اليوم وآثارها المباشرة على مستقبل غزة والقضية الفلسطينية برمتها.
الولايات المتحدة والأوروبيون ينتظرون أيضًا.
تجمَّعت أوروبا على عجل، ساندت أوكرانيا، واقترحت ما لا يُغضب الإدارة الأميركية. بيانٌ أوروبيٌّ يعكس قدرًا من التماسك، والحذر أيضًا.
في القاهرة، أجواءٌ متفائلة بشيء من الحذر بشأن الخطة العربية حول غزة. ستكون خطةً عربيةً أصيلة، وليست بديلةً لأفكار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فلا تهجير، ولا بديل عن حل الدولتين.
لقاء القادة العرب غير الرسمي في الرياض قبل نحو عشرة أيام، والذي ضمَّ قادة الأردن ومصر ودول مجلس التعاون الخليجي، أنتج عزمًا عربيًّا على المضي قدمًا في الخطة، رغم نصائح بالتريث.
أوروبا مهتمة بموقف عربيٍّ لمواجهة واحدةٍ من أخطر أزمات المنطقة، لأنها في موقف صعب هي الأخرى في مواجهة الحرب الروسية الأوكرانية، وموقف واشنطن من القضيتين. والعرب لا ينوون مناكفة الرئيس الأميركي، بل سيرسلون وفدًا لوضع الولايات المتحدة في تفاصيلها.
يرى العرب أنَّ مرحلة التعافي الأولى في قطاع غزة ستحتاج ستة أشهر، بعد ضمان وقف إطلاق النار، وأنَّ القطاع يحتاج إلى بناء مئتي ألف شقة سكنية وإصلاح ستين ألف شقة متضررة.
لن يكون التمويل معضلةً كبرى في حال ضمنت الولايات المتحدة وأوروبا ألَّا يدمِّر الاحتلال الإسرائيلي ما سيُبنى مرة أخرى.
بذل الأردن، بقيادة جلالة الملك، ومصر، والمملكة العربية السعودية، بالتشاور مع أشقاء عرب ومع الأشقاء الفلسطينيين، جهودًا حثيثة لإنجاز الخطة في القمة. ومن المهم كيف سينظر العالم إليها.
سيكون نتنياهو أول الرافضين، وسيحاول التأثير المسبق في موقف الإدارة الأميركية.
وستكون الخطة بلا معنى إن أصرَّ الأشقاء الفلسطينيون على الانشقاق، لأن لجنة إدارة القطاع ستكون فلسطينيةً فحسب. عليهم أن يجتمعوا على كلمة واحدة، ففلسطين أكبر من كل السلطات والفصائل.
قمة عربية في مواجهة أخطر مرحلة تمر بها القضية الفلسطينية، وأخطر تحولات في السياسة الدولية، وأخطر تدخلات إقليمية تعاني منها أمتنا.
تحتاج النفوس من فينة إلى أخرى إلى لحظات روحانيّة، تهذّب النفس وتدعو إلى التوبة والرجوع إلى الله عزّ وجلّ. ومن أكثر الأزمنة غنىً وتنقية هو زمن الصوم السنويّ الذي تتوحّد التعاليم الدينيّة على أهميّته بالنسبة لنمو الإنسان الروحيّ، كمرافق لنموه الجسدي.
ومن محاسن الصدف هذا العام أنّ يطلّ الصومان معًا، أعني الصوم المسلم في رمضان والصوم المسيحيّ في الزمن الأربعيني. وتوافق التوقيت هو صورة عن توافق القلوب العابدة لله الرحيم المحب الواحد. وهذه ليست المرّة الأولى، لكن الالتقاء هذا العام يحظى بإشادة جماهير السوشال ميديا، والعديد من الأشخاص الرسميين الذين هنأوا أتباعهم بالصومين معًا، تمامًا كما فعل الرئيس اللبناني، المبشّر بالخير لبلاده، جوزيف عون، بتغريدة له: «جميل أن يتزامن بدء شهر رمضان المبارك عند الأخوة المسلمين، مع بدء الصوم الكبير لدى المسيحيين، فيتشارك اللبنانيون على اختلاف طوائفهم معاني القيم الروحيّة التي يجسّدها الصيام الذي يعتبر أعلى تعبير عن الإرادة».
ومن جميل القول أيضًا تطابق الصوم لدى الكنائس السائرة على التقويمين الشرقي والغربي حيث يبدأ الجميع معًا صومهم هذا الاسبوع، وسيعيدون عيد الفصح –القيامة- معًا في العشرين من نيسان المقبل.
وتبقى الطقوس الدينيّة هي المعنى الأوّل لزمن الصوم، فالصلوات تكثف في المساجد والكنائس، ويشعر المرء الصائم بأنّ صومًا ماديًا ظاهرًا، لا يكفي وحده لإكمال فرائض هذه الفترة المقدّسة، فيقرنها بتكثيف الصلوات التي لها طعم خاص وطقوس جميلة اعتدنا عليها منذ الصغر، ونأمل أن يمكنّنا الخالق لتسليمها أمانة للأجيال المقبلة.
ويقترن الصوم والصلاة بعمل الخير، أو الزكاة أو الصدقة، فتكثر النشاطات التي يجمع ريعها للفقراء أفرادًا أو عائلات. وفي عملنا الرعوي مع عائلاتنا العزيزة، ندرك بأنّ الله تعالى قد شاءت عنايته أن يكون هنالك عائلات ميسورة الحال وعائلات فقيرة. ولسنا هنا لمناقشة آفة الفقر وواقعه المرير، لكننا نرى في هذا الزمن مناسبة للتفكير بالآخرين؛ «فما توفره بالصيام ليس ملكًا لك، وإنّما هو حق لأخيك الفقير». هذا شعار نطلقه سنويًّا في الكنائس، ويلقى تجاوبًا كبيرًا.
وفي الوقت الذي ننتظر فيه الجمعة القادم لنقرأ رسالة وتهنئة الفاتيكان في شهر رمضان، كما في كلّ سنة (في الجمعة الأولى من رمضان) فإنّنا نركّز على رسالة الصوم في هذا العام التي وقّعها البابا فرنسيس شفاه الله، وهو على سرير الشفاء منذ ثلاثة أسابيع، وعنوانها المتوافق مع سنة اليوبيل هذه، أو سنة الرجاء: «نسير معًا في الرجاء». وبثّ فيها ثلاث أفكار لزمن الصوم هذا العام: أولاً إنّ شعار اليوبيل «حجّاج الرجاء» يطلب منا أن نكون أوفياء لمبادئ ديانتنا، وأن نقوم بشعائرنا في هذه الفترة بنشاط وليس بفتور. ثانيًا هي عملية خروج من الذات لنذهب حول الله تعالى ونحو الأخوة، وليس الانغلاق على أنفسنا! وثالثًا هي دعوة إلى التوبة والرجوع إلى الله بعد الخطايا الجماعيّة في الحروب، والخطايا الفرديّة التي ليس بإنسان معصوم عنها.
زمن صوم أربعيني مباركًا للمسيحيين في العالم، وباسمهم نرفع أجمل الأمنيات لأخوتنا المسلمين في وطننا العربي والعالم أجمع برمضان كريم ومبارك على الجميع.
عروبة الإخباري – كتب : اشرف محمد حسن
في عهد إدارة دونالد ترامب الأولى، انسحبت الولايات المتحدة في عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني مما أثار جدلا شارك فيه الرئيس الأسبق باراك أوباما حول تداعيات ذلك على موثوقية واشنطن في الالتزام بالاتفاقيات التي تعقدها وقبيل دخول ترامب مجددا للبيت الأبيض، رعى اتفاقا لوقف إطلاق النار في غزة يتكون من 3 مراحل، تبلغ مدة كل مرحلة منها 42 يوما، على أن تبدأ المرحلة الأولى في 19 يناير/كانون الثاني 2025 وتبدأ مفاوضات المرحلة الثانية في 3 فبراير/شباط 2025. وبالفعل نُفذت عمليات تبادل الأسرى في المرحلة الأولى رغم أزمات تخللتها، وشملت الإفراج عن 1755 أسيرا فلسطينيا مقابل الإفراج عن 25 أسيرا صهيونيا و8 جثث لأسرى صهاينة .
ولكن خلال المرحلة الأولى من الاتفاق صرح ترامب بأنه سيدعم خيار الحكومة الكيان الصهيوني تجاه غزة أيا كان، سواء مضت في تنفيذ الاتفاق أو أرادت تعديله أو حتى التملص منه، مما أعطى ضوءا أخضر للنتن ياهو الذي تعهد سابقا لحلفائه في الائتلاف الحكومي بعدم المضي في تنفيذ المرحلة الثانية التي تتضمن الانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) ضمن انسحاب من كامل قطاع غزة وبالتزامن مع إطلاق سراح بقية الأسرى الأحياء، وتمهيدا لبدء عملية إعادة الإعمار لاحقا في المرحلة الثالثة وفي خطوة متوقعة بعد تمهيد ترامب، أعلن مكتب رئاسة الحكومة الكيان الصهيوني مطلع مارس/آذار موافقته على مقترح أميركي جديد للتفاوض يختلف كلياً عن الاتفاق سالف الذكر، ويقوم على تمديد المرحلة الأولى في شكل هدنة مؤقتة خلال شهر رمضان وعيد الفصح مقابل الإفراج عن نصف الأسرى الإسرائيليين خلال اليوم الأول من الهدنة، مع تجاهل الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، وهو ما رفضته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وعقب ذلك أعلن جيش الاحتلال في 2 مارس/آذار إغلاق المعابر مع قطاع غزة ووقف إدخال المساعدات الإنسانية مع انتهاء المرحلة الأولى، في انتهاك فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار، ولعل ان السبب الحقيقي وراء تأخير زيارة المبعوث الأمريكي الى المنطقة ستيفن ويتكوف يأتي بهدف الحصول على المزيد من الوقت لدراسة طبيعة ردود الفعل من قبل دول المنطقة والمجتمع الدولي بشكل عام .
هذه التناقضات ليست غريبة عن الإدارات الامريكية المتعاقبة فهي لطالما عملت عل القاء المفاجئات وباشكال غير متوقعة ترسلها بشكل بالونالت اختبار لقياس ما تستطيع ان تفرضه دون ان يلاحظ احد فاذا رأت رفضاً قوياً ولاجماً لها عدلت مواقفها وأوضحت انها لا تعني ما صدر عنها حرفياً وتصلح مواقفها بما يرضي الأطراف والاقطاب الدولية فيما تحاول بطرق غير مباشرة تحقيق ما تصبو اليه بالتحايل اما اذا لمست تجاوباً ايجابياً او عدم اكتراث من قبل المجتمع الدولي وبالاخص رداً من قبل القوى الدولية الكبرى مضت فيه وحتى وان تخلله بعض الإشكاليات لتستخدم آنذاك نفوذها وثقلها الاقتصادي والعسكري في محاولات لاقصاء باقي القوى الدولية الأخرى ونجحت سياسات اداراتها المتعاقبة الى حد كبير في سحب البساط من تحت اقدام باقي القوى العالمية بحيث باتت لاتقيم وزناً حتى لهذه القوى في قراراتها المفاجئة اذ أصبحت اغلب الدول تسير كالخراف وراء المرياع دون مناقشة .
ومن حالات انسياق العالم وراء الإدارات الامريكية الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله وبمصوغ كاذب وانسياق كثير من الدول ورائها حتى وصفت تحركات ورئي وزراء بريطانيا آنذاك انطوني بلير بانه وزير خارجية جورج بوش وعلى الرغم من مؤازرة الكثير من باقي الدول الاستعمارية في تلك الحرب الا انها لم تحصل على شيء قياساً بنصيب الولايات المتحدة اما اليوم وبنظرة بسيطة الى الحرب الأوكرانية الروسية فقد بات واضحاً ان هدف الولايات المتحدة هي فقط المعادن النادرة في أوكرانيا لضمان ما انفقته الولايات المتحدة في هذه الحرب دون إعطاء اية ضمانات فهي بشكل عام تريد أموالا ولا تريد قتالا في مواجهة مباشرة مع روسيا .
بالرغم من الإعلان عن نية الإدارة الامريكية الانسحاب وتقليص وجودها العسكري خارج حدودها كونه اصبح مكلف مالياً لها بما في ذلك خفض الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لاوكرانيا في حربها ضد روسيا والتي هي من كان وراءها الا ان الكثير من الدول الأوروبية لا تزال تحاول الوثوق بالولايات المتحدة فقد قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن زعماء أوروبيين وافقوا على وضع خطة سلام لأوكرانيا من أجل عرضها على الولايات المتحدة، وهي خطوة مهمة لواشنطن من أجل تقديم ضمانات أمنية تقول كييف إنه لا غنى عنها لردع روسيا وأضاف ستارمر، الذي رحب بالرئيس الأوكراني زيلينسكي ترحيبا حارا، وقال إن بريطانيا وأوكرانيا وفرنسا وبعض الدول الأخرى ستشكل “تحالف الراغبين” وتضع خطة سلام لعرضها على ترامب وقدم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اقترحا يتضمن أن ترفع الدول الأوروبية إنفاقها الدفاعي إلى ما بين 3 و3.5% من إجمالي الناتج المحلي، في مواجهة تبدّل السياسات الأميركية في عهد ترامب، الذي بدأ محادثات مع روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، من دون أن يدعى إليها الأوروبيون وكييف وبدوره رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك إن القادة اتفقوا على ضرورة أن تتحمل أوروبا مسؤولية كبرى، وأن تزيد من إنفاقها على الدفاع في إطار حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مؤكدا أهمية الحفاظ على متانة العلاقات مع الولايات المتحدة .
اما الرئيس الاوكراني فلادومير زيلينسكي قال في بيان له عقب القمة الأوروبية، أن أوروبا قدمت دعما واسعا لشعب وجنود أوكرانيا واستقلالها، مشيرا إلى الحاجة للعمل جميعا في أوروبا لإنشاء قاعدة قوية للتعاون مع أميركا من أجل السلام الحقيقي والأمن المضمون وخلال مؤتمر صحفي لاحقا، قال زيلينسكي إن بلاده ما زالت مستعدة للتوقيع على اتفاق بشأن المعادن مع الولايات المتحدة، مؤكدا أن أوكرانيا تعتمد على المساعدات الأميركية، وأن وقفها لن يساعد إلا (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين .
وعلى الرغم من اتضاح الرؤيا حول النوايا الامريكية الحقيقية تجاه ما ستجنيه من الحرب الأوكرانية (المعادن النادرة) والتي عملت دائماً على تأجيجها وتوريط الدول الأوروبية فيها وبشكل مباشر الا انها وفي محاولات الضغط على أوكرانيا فقد أعلنت رسمياً عن وقف ارسال السلاح الى أوكرانيا ونقلت رويترز عن البيت الأبيض أن واشنطن ستوقف الدعم لأوكرانيا وستراجعه لضمان إسهامها في حل للصراع وكان موقع بلومبيرغ نقل عن مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية أن الولايات المتحدة توقف كل المساعدات العسكرية الحالية لأوكرانيا بما فيها الأسلحة التي في طريقها إلى أوكرانيا أو تلك الموجودة في مناطق العبور في بولندا .
وقال ترامب الولايات المتحدة قدمت لكييف أكثر مما قدمته أوروبا، وأنه يريد أن تنتهي الحرب في أوكرانيا بسرعة وألا تستمر لسنوات وكان ترامب قد وصف زيلينسكي، في كلمة له بقمة نظمها معهد مبادرة مستقبل الاستثمار السعودية، في ميامي الأميركية، زيلينسكي بأنه “رئيس كوميدي” أقنع الولايات المتحدة بإنفاق 350 مليار دولار لخوض حرب لا يمكن الفوز بها وقال إنه طالب باتفاقية بشأن المعادن الثمينة مقابل هذه الأموال، حيث أرسل في وقت سابق وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إلى كييف، لكنه لم يوقع على الاتفاق المعروض أمام زيلينسكي .
وفي وقت سابق اعتبر ترامب عقب ختام اجتماعات الرياض بخصوص الحرب الروسية الاوكرانية أن حضور زيلينسكي محادثات السلام مع روسيا ليس “ذا أهمية كبيرة”، لافتاً إلى أن “أوكرانيا ليس لديها أوراق للعب بها”، في وقت شن فيه نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس هجوماً لاذعاً على زيلينسكي، جازماً أن “أوكرانيا لم تكن موجودة لولا كرم الولايات المتحدة”، ورأى أن “ما فعله زيلينسكي أمر غبي، إذ لن يغيّر التحدّث بسوء عن ترامب في الأماكن العامة رأيه”، في إشارة إلى تصريح زيلينسكي بأن ترامب يعيش “في فضاء المعلومات الروسية المضلّلة” وأشار إلى أنه كان بإمكانه الحضور لإجراء محادثات مع روسيا في السعودية لو أراد ذلك .
باختصار.. لقد بات واضحاً تماماً ان الإدارات الصهيونية والأمريكية تمارسا النصب والاحتيال السياسي فهي مارست الأكاذيب والتضليل مراراً وحتى على اقرب حلفائها وتاريخها حافل في نقض المواثيق والمعاهدات الدولية والإنسانية.. انهم حقاً.. من لا امان.. ولا عهد لهم.
عروبة الإخباري –
في عالم تتسارع فيه الإيقاعات الإعلامية وتتغير ملامحه باستمرار، تبقى بعض الأسماء راسخة، ليس فقط بحضورها، بل بأثرها العميق في المشهد الثقافي.
الكاتبة والإعلامية اللبنانية، بسمة الخطيب، هي واحدة من الشخصيات التي أسهمت في إثراء المحتوى العربي، ليس بحكم عملها فحسب، بل بفضل رؤيتها الإبداعية التي تمتد عبر مجالات متعددة، من الصحافة إلى الأدب، ومن الإعلام المرئي إلى أدب الطفل.
رحلة في عوالم الصحافة والإعلام
الخطيب بدأت مسيرتها الأكاديمية بدراسة الصحافة التلفزيونية والإذاعية في كلية الإعلام بالجامعة اللبنانية، وهو ما مهد لها طريق العمل في مؤسسات إعلامية بارزة مثل جريدتي “السفير” و”الحياة”، وإذاعة “صوت الشعب”. تميزت بتناولها للموضوعات الثقافية بعمق وتحليل دقيق، فكانت تحقيقاتها ومقابلاتها الثقافية انعكاسًا لرؤية نقدية واعية ورصينة.
وفي عام 2005، انتقلت إلى قطر حيث عملت معدّة ومنتجة تلفزيونية، وسيناريست لعدد من المسلسلات، من أبرزها “الراوي” بأجزائه الثلاثة، الذي حظي باهتمام واسع. كما انضمت إلى فريق تحرير جريدة “العربي الجديد”، ثم عملت في “BBC”، مما عزز خبرتها الإعلامية وأكسبها بُعدًا دوليًا في مجال الصحافة والإنتاج الإعلامي.
إبداع أدبي ورؤية تربوية
لم يكن الإعلام هو المسار الوحيد الذي سلكته بسمة الخطيب، بل وجدت في الكتابة الأدبية مجالًا آخر للتعبير عن رؤيتها الفكرية. كتبت في الصحافة الثقافية، لكنها أيضًا خاضت تجربة الكتابة الأدبية بإصدارها رواية “برتقال مرّ” (2015)، التي لاقت صدى واسعًا، تلتها رواية اليافعين “في بلاد الله الواسعة” (2017)، بالإضافة إلى مجموعتين قصصيتين: “دانتيل” (2005) و”شرفة بعيدة تنتظر” (2009).
لم تقتصر إسهاماتها على الكتابة للكبار، بل امتدت إلى أدب الطفل، حيث نشرت أعمالًا متميزة في مجلة “العربي الصغير” الكويتية، وأصدرت عدة كتب للأطفال. إلا أن المحطة الأبرز في هذا المجال تمثلت في العمل التلفزيوني الثلاثي الأبعاد “نان وليلي”، الذي قامت بإعداده وتحريره لصالح “الجزيرة للأطفال”، ونفّذته الشركة الكندية “تشوكليت مووز”. حصد هذا العمل ست جوائز عالمية مرموقة، منها جائزة النسر الذهبي في واشنطن (2009)، وGolden REMI Award في هيوستن، والجائزة الفضية في المهرجان الدولي للإعلام في هامبورغ (2010)، مما يعكس مدى جودة المحتوى وقيمته التربوية.
بصمة لا تُمحى
تمثل بسمة الخطيب نموذجًا للإعلامية المثقفة، التي لم تتوقف عند حدود العمل الصحفي، بل تجاوزته إلى الإبداع الأدبي والمحتوى التربوي، ما يجعل تجربتها مزيجًا نادرًا من الاحتراف الإعلامي والالتزام الثقافي. لقد أثبتت أن الكلمة قادرة على إحداث الأثر، سواء عبر منصة إعلامية، أو بين دفتي كتاب، أو في شاشة تُخاطب عقول الأطفال.
بسمة الخطيب، هي قصة نجاح تُجسد كيف يمكن للمعرفة أن تتجسد في أكثر من صورة، وكيف للإبداع أن يكون رسالة تتجاوز الحدود.
عروبة الإخباري –
بأسلوب مشرق يفيض بالحنين والفكر العميق، تأخذنا الدكتورة فلك مصطفى الرافعي في مقالها إلى أجواء المجالس الفكرية التي كان والدها العلّامة مصطفى الرافعي ـ رحمه الله ـ يعقدها، حيث كانت الشخصيات البارزة في السياسة والدين والاجتماع تتداول القضايا الكبرى بروح المسؤولية والوعي العميق. لم يكن المقال مجرد استذكار لحكايات الماضي، بل كان تجسيدًا لفكرة أن التاريخ يعيد نفسه، وأن ما نراه اليوم من مشهد سياسي واقتصادي مأزوم ليس إلا امتدادًا لصورةٍ تكررت بأشكال مختلفة عبر الزمن.
كان لافتًا في مقال الدكتورة الرافعي، التوقف عند شخصية رئيس الحكومة الراحل الحاج حسين العويني، الذي لم يكن مجرد رجل سياسة، بل كان يتمتع بفكر براغماتي واقعي، اختصر كثيرًا من التعقيدات في عبارته الشهيرة: “هيك و هيك”، فهذه الجملة التي تبدو بسيطة في ظاهرها، حملت في طياتها حكمةً عميقة، فقد كانت تصلح لكل الأوضاع، وتصلح لكل الأزمنة، وكأنها بوصلة تختصر تقلبات السياسة والاقتصاد والاجتماع في كلمتين فقط.
لا شك إن قدرة المقال على ربط الماضي بالحاضر تعكس رؤية ثاقبة، فالظروف التي استدعت تلك العبارة في زمن العويني لا تختلف كثيرًا عن الظروف الراهنة. فما زلنا نعيش في عالم مليء بالتحولات السريعة، والمواقف الضبابية، حيث تعجز الكلمات عن تقديم أجوبة قاطعة، فيصبح التوصيف الأكثر دقة هو ذلك الذي يمنح السائل فسحةً للتأويل، ويضعه في دائرة التفكر بدل أن يعطيه إجابة جاهزة.
وما ميز المقال أنه لم يقع في فخ النوستالجيا المجردة، بل كان مقاربة ذكية بين الماضي والحاضر، حيث رسم لنا صورة الحاج حسين العويني ليس كشخصية سياسية فحسب، بل كحالة ذهنية تستوعب الواقع بمرونته وتعقيداته. ولعل هذا ما يجعلنا نتساءل: كم من مسؤول اليوم يحتاج إلى هذه الفلسفة العملية؟ وكم من قرار يُتخذ بناءً على رؤية تشبه “هيك و هيك” دون أن يصرّح بها أحد؟
مقال الدكتورة، فلك، لا يستحضر العويني كشخص فقط، بل يستحضر منهجيته في التعامل مع واقع متأرجح بين الاحتمالات، بين الاستقرار والاضطراب، وبين وضوح الرؤية وضبابيتها. كما أن الربط الذكي بين تقلبات السياسة وتقلبات الطبيعة في فصل الربيع، الذي يجمع بين الدفء والبرودة، وبين الغيوم والإشراق، يضفي بعدًا فلسفيًا على فكرة المقال، حيث يتجلى التشابه بين دورات الفصول ودورات السياسة، وكأن “هيك و هيك” ليست مجرد عبارة عابرة، بل انعكاس لحتمية التغيير المستمر.
لقد أتى المقال بأسلوب رشيق وممتع، يزاوج بين الطرافة والجدية، ويمنح القارئ متعة استكشاف المعاني المضمرة وراء الكلمات. وهو في جوهره ليس مجرد استذكار لمقولة سياسية، بل هو دعوة للتأمل في كيفية إدارة الواقع بأدوات تتناسب مع تعقيداته، وربما في بعض الأحيان، بتبني نهج “هيك و هيك” حين تكون الحقيقة غير قابلة للحسم، وحين يكون التوازن بين الممكن والمأمول هو الخيار الوحيد.
عروبة الإخباري –
في عالم الكتابة الروحانية، حيث تتشابك الكلمات مع أسمى المعاني، عندما تكتب، لارا نون، بأسلوبها المتفرّد، ناثرةً نورًا في دروب الإيمان، ومضيئةً العقول والقلوب بنصوصها العميقة. ليست مجرد كاتبة، بل صوتٌ يحمل نَفَسًا من الروح، ينقل القارئ إلى بُعدٍ آخر من التأمل والصلاة.
من بين كتاباتها المميزة، تأتي تأملاتها في “تساعية الطوباوي الأخ إسطفان نعمه”، حيث تنسج الحروف بحبٍّ وعفوية، لتجعل القارئ يشعر بروحانية هذا القديس، الذي جسّد الإيمان من خلال العمل والصلاة. بلمساتها الأدبية الراقية، تحوّل التساعية إلى رحلة روحية، يجد فيها المؤمن سلامًا عميقًا وأملًا متجددًا.
أسلوب لارا، يجمع بين البساطة والعمق، بين الرقة والقوة، فتلامس كلماتها الأرواح العطشى إلى النور. إنها تكتب بلغة القلب، فتصل إلى القلوب بلا استئذان، وتجعل من النصوص الدينية نافذةً مفتوحةً على الرجاء واليقين.
في عالمٍ يموج بالمادية والانشغالات اليومية، تأتي كتابات لارا نون كفسحة تأملية، تدعو إلى التوقف للحظة، والتأمل في جوهر الحياة والإيمان. من خلال كلماتها، يصبح القارئ شريكًا في رحلة روحية، حيث تلتقي الأرض بالسماء، وحيث تنبض الحروف بحياةٍ أبدية.
د. القنطار: إيقونة للفكر والجمال والتأثير الإيجابي وقوة الحضور في عالم التعليم والإعلام
عروبة الإخباري –
في عالم تتزاحم فيه الأصوات، تبقى هناك شخصيات استثنائية تتجاوز حدود التخصص الأكاديمي لتكون منارة علم وفكر وجمال راقٍ، ومن بين هذه الشخصيات الدكتورة علا القنطار، التي جمعت بين الذكاء، الحضور الطاغي، والأناقة الفكرية والشخصية، فكانت نموذجًا مشرفًا للمرأة العربية الناجحة والمؤثرة.
قوة فكرية وحضور مبهر
تمتلك الدكتورة علا القنطار كاريزما خاصة تجعلها محط الأنظار أينما حلّت، سواء في المحافل الأكاديمية، وسائل الإعلام، أو عبر منصات التواصل الاجتماعي**. بأسلوبها الراقي وطرحها العميق، تكتب في قضايا التعليم، الثقافة، والمجتمع، متناولة التحديات التي تواجه قطاع التعليم في لبنان بطرح جريء وتحليل أكاديمي دقيق. وهذا ما جعل أفكارها تجد صدى واسعًا، حيث يتم نشر كتاباتها في أهم وسائل الإعلام، وتُستضاف في العديد من المحطات الفضائية، فتكون صوتًا مؤثرًا يعكس فكرًا مستنيرًا ورؤية واضحة لمستقبل التعليم.
جمال الفكر والمظهر معًا
لا يقتصر تميّز الدكتورة علا القنطار على عقلها الراجح وثقافتها العميقة، بل يرافق ذلك جمالٌ راقٍ يعكس أناقتها الفكرية والشخصية. فهي في ذلك تجسيد للمرأة القوية التي تجمع بين الذكاء والجاذبية والاحترام، مما يضفي على حضورها سحرًا خاصًا يأسر القلوب قبل العقول، وبإطلالتها الراقية وثقتها المتألقة، تشعّ جمالًا داخليًا وخارجيًا، فتصبح حديث الإعلام والمتابعين الذين يجدون فيها نموذجًا يُحتذى به.
تأثيرها الواسع ورؤيتها العصرية
من خلال صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، لا تكتفي الدكتورة علا القنطار بمشاركة المعلومات القيّمة، وذات الفائدة، بل تُلهِم متابعيها بأسلوبها الراقي ورؤيتها العصرية، فكتاباتها ليست مجرد أفكار تُنشر، بل رسائل توجيهية تبث الأمل وتنير الدروب، الأمر الذي جعلها شخصية تحظى *احترام وإعجاب شريحة واسعة من الأكاديميين والإعلاميين والطلاب.
إن الدكتورة علا القنطار ليست مجرد أستاذة جامعية أو كاتبة مؤثرة، بل هي إيقونة للفكر والجمال والتأثير الإيجابي. فهي مثال للمرأة التي استطاعت أن تجمع بين **الذكاء والجمال، العلم والأناقة، الحضور والهيبة، لتكون نموذجًا مشرقًا يُلهم الأجيال ويترك بصمة لا تُنسى في عالم التعليم والإعلام.
هل تقبل حماس بالخطة المصرية التي ستدرج على أجندة القمة العربية المزمع عقدها في القاهرة غداً الثلاثاء؟ الإجابة، كما تبدو من تصريحات بعض قيادات حماس، ما زالت غامضة، ثلاثة بنود لم تحسم بعد : تأمين خروج آمن لبعض القيادات العسكرية، نزع سلاح المقاومة، الترتيبات الأمنية، قبول هذه البنود قد يعني نهاية المقاومة العسكرية في المدى المنظور، فيما قد يفتح رفضها المجال لاستئناف الحرب والتلويح مجددا بالتهجير.
خطة القمة العربية الطارئة تستند إلى عدة عناصر: الإعمار والتمويل، إدارة غزة وربطها بالضفة، الترتيبات الأمنية، الإصلاحات والمصالحات الوطنية الفلسطينية وتأهيل السلطة، إيجاد افق سياسي في إطار حل دولتين. تحت كل عنصر تقع تفاصيل كثيرة، بعضها جرى التوافق عليه، عربيا وفلسطينيا ودوليا، وبعضها ما يزال قيد النقاش والتفاوض، لا يمكن إنضاج هذه الخطة دون توافق فلسطيني ينهي حالة الانقسام، ويفرز مشروعا موحدا، يبدأ بالتعافي والإعمار ثم ينتهي بتسوية تضمن وقف الحرب وإنهاء الصراع.
أكيد، لا يوجد لدى تل أبيب أي رغبة أو إرادة بالموافقة على حل الدولتين، ولا إيجاد أي افق سياسي يحقق مطالب وطموحات الفلسطينيين المشروعة، أكيد، أيضا، ما عجزه عن إنجازه نتنياهو في الحرب سيحاول إنجازه عبر بوابة السياسة، وهو يستند في ذلك إلى «وعد ترامب» الجاهز، والتحولات التي جرت ما بعد الحرب، حيث تم إضعاف التنظيمات المقاومة، ثم تنصيب إسرائيل -بتوافق غربي- شرطيا معتمدا لإدارة المنطقة.
لا يمكن لجم أو إيقاف او افشال هذا الجنون الحربي والسياسي الاسرائيلي إلا من خلال استراتيجية عربية للصمود والمواجهة، تأخذ بعين الاعتبار معادلة المصالح وموازين القوى، وتطرح البدائل المقنعة دون أن تتنازل عن الثوابت، أو أن تهرب من الاستحقاقات الممكنة.
قمة القاهرة الطارئة ربما تنجح في بلورة ملامح خطة لاعمار غزة تصلح أن تكون بديلا لخطه ترامب، حيث من المتوقع أن تحملها إلى واشنطن لجنة من الرؤساء أو الوزراء العرب، لكن ما يجب أن ندركه هو أن سقف التوقعات لهذه القمة سيبقى محدودا، نظرا لاعتبارات عديدة يعكسها الواقع العربي، وما جرى خلال السنوات الماضية من تراجعات (وربما انهيارات ) عطلت حركة الفعل والتأثير لدى بعض العواصم العربية لأسباب يطول شرحها.
وعليه، يبدو أن امتحان غزة سيكون صعبا جدا، ليس فقط فيما يتعلق بالتعمير وكلفته، أو بإدارة القطاع وانسحاب الاحتلال، ثم تأهيل السلطة للم الشمل الفلسطيني، وإنما فيما يتعلق، ايضاً، بمعضلة (ثنائية المقاومة والاحتلال)، لا يمكن أن نتصور وجود احتلال بلا مقاومة إلا في سياق واحد وهو إقامة الدولة الفلسطينية.
إسرائيل -حتى الآن- لا تعترف بذلك، وبالتالي لا يبقى أمام الفلسطينيين سواء خيار واحد وهو وقف الحرب، وأعاده بناء غزة، وتأجيل المقاومة المسلحة حتى إشعار آخر، حدث ذلك في بداية التسعينيات، ويمكن أن يتكرر الآن في إطار هدنة طويلة، تضمن وقف نزيف الدم الفلسطيني، ثم الرهان على وضع (قادم) تتغير فيه الظروف، ويعاد إنتاج المقاومة من جديد.
الهوى فيصلي. ليس بكرة القدم فقط. «الفيصلية» ما زالت رمزا أكبر من الألوان والأطياف كلها، الأزرق وما كان على يمينه ويساره من الألوان السبعة، عندما تكسر أشعة الشمس حبيبات الغيث الهاطل على الأرض العطشى.
لا عيب في الرمزية ولا حتى الرومانسية في السياسة، بما فيها صياغة المواثيق والدساتير الحية التي نعيشها في حياتنا اليومية، في دور العبادة والعلم والرفادة والرفاه. لذلك اختار فيصل الأول أحد ملوك بني هاشم الغر الميامين، اختار تصميما مختلفا لما يعتلي هامته الشريفة وقامته السامقة، قلنسوة تؤكد عراقية أبناء الوطن الواحد من مسلمين ومسيحيين ويهود وأيزيديين وصابئة وسواهم مما زخر به هذا الشرق العظيم، هذا المشرق المكلوم، من ثراء إثنيّ -عرقي وديني وطائفي- ينبغي أن يكون عنصر قوة لا ضعفا يتسلل من خلال ثغراته الأعداء والأعدقاء (تلك الخلطة المنهِكة من الصداقة والعداوة لأي سبب كان).
حتى يومنا هذا اسم تلك القلنسوة الأيقونية، اسمها «الفيصلية» وهو فيصل نفسه الذي قالها في دمشق: أنا عربيّ قبل عيسى وموسى ومحمد. الاعتداد بالقومية العربية يومها ما كانت فيه شرور الفاشية ولا النازية. لا فرق بين عراقي وعراقي أو سوري وسوري إلا بالتقوى، بالانتماء لوطن يصون الجميع، فالدين لله والوطن للجميع، كانت قولا وفعلا..
حتى يومنا هذا في عراقنا الحبيب يقال «لا تْحَزْقِلْها» نسبة إلى وزير المالية العراقي اليهودي ساسون حزقائيل (أحد أنبياء العهد القديم في الكتاب المقدس) الذي شكره الملك الراحل فيصل الأول على تشدده في الحرص على المال العام حتى وإن كان للملك شخصيا. الحزقلة ما كانت بخلا ولا تحكما بل حرصا ومحبة وولاء صادقا ممن تولى أمانة وزارة المالية خمس مرات في العهد الملكي الزاهر، أمانة نعلم يقينا أنها من شيم كرام الناس أجمعين في العالم كله، فكيف إن كان المليك الراعي للبلاد والعباد (العبودية بمعنى التسليم التام لله وحده) قائدا هاشميا فذا من العترة الأصيلة الصادقة، كما يعرفها أهل بيتها، لا كما زعم المدّعون الدعيّون -شرقا وغربا- في تلك الساحات التي عاثت فيها ميلشيات الإرهاب والفوضى والخراب، عاثت في البلاد فسادا وإفسادا وفتنة كان ومازالت «أشدّ من القتل».
المدد الهاشمي والعون الأردني ما بدأ من غزة هاشم ولن ينتهي عندها، وكذلك هو الحال للجارة الأقرب، سوريانا الحبيبة. ليس سرا ولا هو بحكر على الخبراء، معرفة حجم ما بإمكان الأردن تقديمه حبا وكرامة لسورية الجديدة، أو لعلها سوريانا القديمة الأصيلة التي اشتقنا إليها، سورية التي كان ينبغي أن تكون نواة وحدة ما هو أكبر من بلاد الشام وأعظم من الهلال الخصيب، وحدة لولا الدخلاء والأشقياء كانت مشروع ثورة عربية كبرى فيه وحدة العرب وخيرهم وسعدهم في «الدارين»..
يا مرحبا بضيوف سيّدنا، من الأشقاء والضيوف، في العرين الهاشمي الأردني العبدلي، الركن الحصين..