Home تقارير وتحليلاتأربعة عوامل لتوقعات ارتفاع التضخم في 2026.. هل يكرر الفدرالي الأميركي “خطأ الستينيات”؟

أربعة عوامل لتوقعات ارتفاع التضخم في 2026.. هل يكرر الفدرالي الأميركي “خطأ الستينيات”؟

by sadmin

أسواق جو

أجبرت المخاطر المتعلقة بسوق العمل في الولايات المتحدة الذي بدا عليه علامات ضعف في الفترة الأخيرة الاحتياطي الفدرالي الأميركي على خفض الفائدة ربع نقطة مئوية لأول مرة هذا العام، وذلك على الرغم من بقاء معدلات التضخم أعلى من المستهدف، والتي من المنتظر اختبار تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية عليها بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.

وفي حين توقع الاحتياطي الفدرالي إجراء خفضين إضافيين لمعدلات الفائدة خلال الفترة المتبقية من العام الحالي، فإن مخاوف متزامنة مع ذلك بدأت في العودة إلى الظهور خاصة في ظل توافر عوامل قد تدفع في اتجاه صعود التضخم من جديد.

وتعيد تلك التطورات إلى الأذهان سيناريو متشائماً أخطأ خلاله الفدرالي في أواخر الستينيات من القرن الماضي في تقدير الموقف، مما أسفر عن موجة من الركود التضخمي في العقد التالي.

 

السيناريو المتشائم

 

قالت شركة أبحاث الاقتصاد الكلي “تي إس لومبارد”، إنها تراقب خطر أن تشهد الولايات المتحدة موجة تضخم مماثلة لارتفاع أسعار المستهلك الذي أدى إلى أزمة الركود التضخمي في سبعينيات القرن الماضي، بحسب تقرير لموقع بيزنس إنسايدر.

ومن المعتقد أن الركود التضخمي، وهو سيناريو يتباطأ فيه الاقتصاد مع بقاء التضخم مرتفعاً بعناد، أصعب على صانعي السياسات من الركود الاقتصادي المعتاد، وهو ما يعود إلى أن ارتفاع التضخم يُقيد قدرة الاحتياطي الفدرالي على خفض معدلات الفائدة لتعزيز الاقتصاد، كما هو الحال في فترات الركود الاقتصادي المعتادة.

ويُعد هذا الوضع خطراً غير متوقع إلى حد كبير لدى معظم المتنبئين الاقتصاديين، لا سيما وأن بيانات التضخم الأخيرة كانت معتدلة والنمو كان قوياً.

لكن رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في تي إس لومبارد، داريو بيركنز، قال في مذكرة للعملاء يوم الخميس، إن هذه الخطوة قد تكون “بداية خطأ”.

وقال بيركنز: “يشعر مسؤولو الاحتياطي الفدرالي بالقلق من أن سوق العمل على وشك الركود، ولهذا السبب استأنفوا دورة خفض معدلات الفائدة على الرغم من أن الرسوم الجمركية ستُبقي التضخم على الأرجح أعلى من هدفه. نعتقد أن هذه المخاوف مبالغ فيها”، في إشارة إلى المخاوف بشأن سوق العمل.

وأضاف: “قد يكون الاحتياطي الفدرالي بصدد إعادة تسارع النمو، على غرار ما حدث في أواخر الستينيات”، في إشارة إلى الفترة التي بدأ فيها الاحتياطي الفيدرالي خفض معدلات الفائدة قبل أن يبدأ التضخم في الارتفاع.

يوم الثلاثاء، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول، إن ضعف سوق العمل في الولايات المتحدة يفوق المخاوف بشأن التضخم المستمر، مما أدى إلى قرار من الاحتياطي الفدرالي أيده بخفض معدل الفائدة الأسبوع الماضي.

وذكر باول، خلال خطاب ألقاه أمام قادة الأعمال في بروفيدنس، بولاية رود آيلاند، أن مهمة الاحتياطي الفدرالي تتمثل في “موازنة كلا جانبي مهمتنا المزدوجة” المتمثلة في استقرار الأسعار، وخفض معدل البطالة.

وأضاف باول: “تميل مخاطر التضخم على المدى القريب إلى الارتفاع، ومخاطر التوظيف إلى الانخفاض (تراجع الوظائف) – وهو وضع صعب”. “المخاطر ذات الوجهين تعني أنه لا يوجد مسار خالٍ من المخاطر”.

ومع ذلك فإن البيانات الصادرة لطلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة خلال الأسبوعين الأخيرين أظهرت انخفاضاً في عدد هذه الطلبات، وهو ما قد يكون إشارة على بعض الصحة في سوق العمل رغم مظاهر الضعف الأخير قبل قرار خفض الفائدة.

 

4 عوامل تدعم توقعات ارتفاع التضخم في العام المقبل

 

من جانبه، أعرب بيركنز، في مذكرته، عن اعتقاده بأن التضخم سيتباطأ في عام 2025 بسبب “صدمات العرض السلبية الكبيرة” في الاقتصاد، في إشارة إلى تأثير الرسوم الجمركية على الإنتاج والتجارة.

وأظهر الطلب علامات ضعف مؤخراً، نظراً لعدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية والمخاوف بشأن سوق العمل الأميركية.

لكن بيركنز أشار إلى أن الطلب قد يتسارع مجدداً بحلول عام 2026، وهو ما قد يتسبب في زيادة الأسعار على المستهلكين.

ويرى رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في تي إس لومبارد 4 أسباب لازدياد الطلب في الاقتصاد الأميركي العام المقبل:

1- الطلب المكبوت: قد يبدأ عدم اليقين بشأن التعرفات الجمركية وسوق العمل في التلاشي بحلول العام المقبل، مما يدفع المستهلكين إلى زيادة إنفاقهم.

وقال بيركنز: “إذا كان عدم اليقين قد شكّل عائقاً رئيسياً أمام الطلب الأميركي في عام 2025، فمن المتوقع أن ينعكس هذا الوضع في عام 2026، بمجرد استقرار سياسة التعرفات الجمركية، وما إلى ذلك”، متوقعاً أن يتم تعويض انخفاض الإنتاج والتوظيف هذا العام في إجماليات عام 2026 مما سينعكس إيجاباً على الاقتصاد والاستهلاك.

2- تخفيف السياسة النقدية من الاحتياطي الفدرالي: ذكر بيركنز إلى أن تأثير تخفيف السياسة النقدية من المتوقع أن يظهر “بسرعة” في قطاعات الاقتصاد الأكثر حساسية لتغيرات معدلات الفائدة، مثل الإسكان والسلع الاستهلاكية.

ويُظهر سوق الإسكان بالفعل علامات على بدء انتعاش الطلب. وارتفعت مبيعات المنازل الجديدة بنسبة 20% خلال شهر أغسطس/ آب مع بدء تراجع معدلات الرهن العقاري. أيضاً ارتفع نشاط الرهن العقاري وإعادة التمويل بشكل حاد في سبتمبر/ أيلول، وفقاً لبيانات رابطة رجال الأعمال (MBA).

3- تخفيف بنوك مركزية أخرى سياستها النقدية. كتب بيركنز: “في حين أن الاحتياطي الفدرالي قد استأنف للتو دورة تخفيفه، فقد قامت العديد من البنوك المركزية الأخرى بخفض معدلات الفائدة بشكل متكرر خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. ومن المتوقع أن يعزز هذا التحفيز المنسق النمو العالمي في عام 2026”.

4- التحفيز المالي: من المتوقع أن تحفز بعض سياسات ترامب، مثل التحفيز في قانون خفض الضرائب والإنفاق الذي تم إقراره مؤخراً، الطلب في الاقتصاد الأميركي. وأشار بيركنز إلى أن دولاً أخرى حول العالم، مثل ألمانيا والصين، أعلنت مؤخراً عن برامج تحفيز مالي.

سيناريو الستينيات

 

إذا انتعش الطلب، واستمر الاحتياطي الفدرالي في دورة خفض معدلات الفائدة، فقد يؤدي ذلك إلى تضخم ثابت وربما متسارع، كما يتوقع بيركنز، مضيفاً أنه يرى أوجه تشابه مع دورة تخفيف الاحتياطي الفدرالي خلال عام 1967.

في أواخر الستينيات من القرن الماضي بدأ التضخم بالارتفاع وتسارع خلال معظم العقد التالي. وبلغ معدل التضخم ما يقرب من 15% في الولايات المتحدة بحلول عام 1980، وعندها تم اعتبار الولايات المتحدة في حالة ركود تضخمي.

وقال بيركنز: “لا نقول إن الأمور ستسوء هذه المرة، لكن مزيج تخفيضات معدلات الفائدة وصدمات العرض والتدخل السياسي في السياسة النقدية قد يقودنا إلى مسار خطير”.

وتضغط إدارة ترامب بقوة منذ أشهر على رئيس الاحتياطي الفدرالي من أجل خفض الفائدة، في حين كان الفدرالي يراقب تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة على خلال الأشهر الأخيرة على الواردات. وبدأ ترامب في تطبيق رسوم جمركية مرتفعة على عدد من الشركاء التجاريين في أغسطس، وذلك بعد شهور من التطبيق والتأجيل والمفاوضات.

ولا يتوقع معظم المتنبئين أن ينزلق الاقتصاد الأميركي إلى ركود أو أن يشهد ركوداً تضخمياً كاملاً. لكن المستثمرين بدأوا في التساؤل عما إذا كان الاحتياطي الفدرالي لديه مجال كافٍ لخفض معدلات الفائدة كما كان يُعتقد سابقاً، بالنظر إلى استمرار مرونة الاقتصاد.

وارتفعت احتمالية إبقاء الاحتياطي الفدرالي على معدل الفائدة المستهدف دون تغيير إلى 12.3% من 8% يوم الخميس، مع استيعاب الأسواق لنمو قوي في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني بنسبة 3.8% وانخفاض طلبات إعانة البطالة عن المتوقع. كما انخفضت احتمالية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفضين إضافيين لأسعار الفائدة بنهاية العام من 73% إلى 65%، وفقاً لأداة FedWatch التابعة CME.

You may also like