Home مقالاتالمرأة الأردنية وريادة الأعمال: قيادة التغيير نحو اقتصاد مستدام

المرأة الأردنية وريادة الأعمال: قيادة التغيير نحو اقتصاد مستدام

د. سليمان علي الخوالدة

by sadmin

اسواق جو – في الأردن، برزت المرأة الريادية خلال السنوات الأخيرة كلاعب رئيسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. لم تعد مجرد مستفيدة من البرامج التنموية، بل أصبحت محركًا للابتكار وريادة الأعمال، ومؤثرة مباشرة في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق المساواة بين الجنسين. وتشير البيانات إلى أن نشاط ريادة الأعمال النسائية يتوزع على عدة محافظات في الأردن،  مما يعكس قدرة المرأة الأردنية على تحويل الأفكار إلى مشاريع ناجحة تخلق فرص عمل جديدة وتعزز الاقتصاد الوطني.

لقد أثبتت العديد من النساء الرياديات أن الإصرار والابتكار قادران على صناعة نموذج واقعي للتغيير الاجتماعي والاقتصادي، فمشاريعهن لا تقتصر على تحقيق الربح فحسب، بل تساهم أيضًا في إرساء قيم الاستقلالية والتمكين، وفتح آفاق جديدة أمام جيل كامل من النساء. ورغم هذه النجاحات، تواجه المرأة الأردنية تحديات متعددة؛ فالحصول على التمويل المناسب لا يزال عائقًا رئيسيًا أمام إطلاق المشاريع أو توسيع نطاقها، بينما يمثل التوازن بين الالتزامات الأسرية والمهنية تحديًا إضافيًا يتطلب بيئة داعمة وسياسات مرنة. كما أن ضعف شبكات الدعم والإرشاد والعقبات الاجتماعية والثقافية يحد أحيانًا من المبادرة والمخاطرة، ما يجعل تمكين المرأة مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص.

لتجاوز هذه التحديات، أصبحت الاستراتيجيات الموجهة نحو دعم وتمكين المرأة الريادية ضرورة حيوية. برامج التدريب المتخصصة التي تعزز المهارات الإدارية والفنية، إلى جانب تطوير شبكات دعم تربط النساء بالمستثمرين والخبراء، تشكل قاعدة أساسية لبناء مشاريع مستدامة وناجحة. كما يساهم تقديم الحوافز المالية وتشجيع الابتكار عبر مسابقات ومبادرات محلية مثل «ماراثون الابتكار» في تحفيز المرأة على تحويل أفكارها إلى واقع ملموس، بينما تتيح السياسات الوطنية الداعمة المجال أمام النساء للمشاركة الفاعلة في الاقتصاد الرقمي والزراعي والصناعي.

ويبرز دور المجتمع المدني في الأردن كعنصر حاسم في بناء القدرات وتوفير منصات للنساء لعرض مشاريعهن وربطها بالأسواق، مما يضمن استدامة البرامج وتعظيم أثرها على الاقتصاد والمجتمع. ويأتي التنسيق مع الحكومة والقطاع الخاص ليعزز هذه البيئة، ويخلق منصة متكاملة للابتكار وريادة الأعمال النسائية.

إلى جانب هذه الجوانب، تلعب التكنولوجيا والتحول الرقمي دورًا متناميًا في تمكين المرأة الأردنية. فقد أتاح الانتشار المتزايد للمنصات الرقمية والتجارة الإلكترونية إمكانية وصول النساء إلى الأسواق المحلية والدولية، وتجاوز القيود الجغرافية والاجتماعية التي كانت تعيق مشاركتهن الفاعلة في الأعمال. كما ساهمت المبادرات الرقمية في تعزيز مرونة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير بيانات ورؤى تساعد النساء على اتخاذ قرارات استراتيجية أفضل.

كما أصبح تبني مفاهيم الاستدامة والاقتصاد الأخضر أحد أبعاد الريادة النسائية الحديثة في الأردن. فقد أقدمت بعض الرياديات على إطلاق مشاريع تهدف إلى تقليل الأثر البيئي وتشجيع المنتجات الصديقة للبيئة، وهو ما يعكس قدرة المرأة على دمج الابتكار الاجتماعي والاقتصادي مع التوجهات العالمية الحديثة، ورفع قيمة الاقتصاد المحلي بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة.

إن تمكين المرأة الأردنية في ريادة الأعمال ليس مجرد مشروع تنموي، بل هو استثمار استراتيجي طويل الأمد في اقتصاد مستدام ومجتمع متوازن. فالمرأة اليوم تمثل قوة دافعة للتغيير والابتكار، ويؤكد الواقع أن المستقبل الأردني لن يتحقق دون دورها الفاعل والمؤثر في رسم ملامح التنمية والازدهار، مع الأخذ في الاعتبار أهمية دمج الابتكار الرقمي والاستدامة كركيزتين أساسيتين لنجاح المشاريع النسائية في العقد القادم.

 

الدستور

You may also like