Home طاقةاليمن والطاقة المتجددة: فرصة استراتيجية للخروج من أزمات الوقود

اليمن والطاقة المتجددة: فرصة استراتيجية للخروج من أزمات الوقود

by sadmin

أسواق جو

جريدة الغد
في بلد عانى لسنوات من واحدة من أسوأ أزمات الكهرباء في العالم، بدأت مشاريع الطاقة الشمسية تفتح نافذة أمل جديدة لليمن. هذه المبادرات، المدعومة بشراكات إقليمية ودولية، لا تعالج فقط العجز المزمن في توليد الكهرباء، بل تحمل في طياتها بُعداً استراتيجياً يرتبط بإعادة بناء البنية التحتية وتقليل الاعتماد على المشتقات النفطية المستوردة، وهو ما قد يعيد رسم الخريطة الاقتصادية للبلاد خلال العقد القادم.

انهيار منظومة قديمة
تشير بيانات البنك الدولي إلى أن القدرة التوليدية للكهرباء في اليمن انخفضت من 1.2 جيجاواط عام 2011 إلى أقل من 400 ميجاواط فعلي في 2023. هذا الانهيار جعل البلاد تحتل المرتبة قبل الأخيرة عالمياً في كفاءة الطاقة ومع اعتماد 99% من المحطات على الديزل والمازوت، أصبحت أي هزة في أسعار النفط أو إمداداته تهدد حياة ملايين السكان.
وصف تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليمن بأنه “أحد أكثر البلدان هشاشة في العالم في مجال الطاقة”، حيث يعيش أكثر من ثلثي السكان دون وصول مستقر للكهرباء.
تحول تدريجي: الطاقة الشمسية تدخل الخدمة
أمام هذا الواقع، برزت الطاقة الشمسية كبديل عملي، منذ 2022 دخلت الخدمة مشاريع بقدرة إجمالية تصل إلى 373 ميجاواط موزعة على عدن، شبوة، المخا، والحديدة. وبحسب بيانات وزارة الكهرباء اليمنية، فإن هذه المحطات تغطي احتياجات أكثر من 600 ألف أسرة، إلى جانب توفير الكهرباء، أسهمت هذه المشاريع في تقليل الاعتماد على الديزل المستورد بنسبة 30% في بعض المناطق، وخفض الانبعاثات الكربونية بمعدل 25%.
يقول المهندس محمد العمري من محطة عدن: “ما تحقق ليس مجرد تشغيل أضواء المنازل، بل بداية لإعادة صياغة مستقبل الطاقة في اليمن على أسس أكثر استدامة.”
شهادات من الميدان
في المخا، حيث افتتحت أول محطة رئيسية، تصف ربة المنزل علياء حسن هذا التحول : “كنا نعاني لسنوات طويلة خصوصا في فصل الصيف حيث الحر الشديد، ولا نستطيع النوم بشكل جيد، ك\نا نعيش على الشموع والفوانيس فقط، اليوم اصبح عندنا كهرباء في الليل والنهار، هذا كان حلم لم اظنه سيتجقق، لكنه أصبح واقعا، والحمد لله”
الدور الإقليمي: بين الاستثمار والمصلحة المشتركة
الدور الإقليمي في هذه المشاريع تولته دولة الإمارات بما لا يقتصر على التمويل، بل يشمل تخطيطاً فنياً، أنظمة تخزين متطورة، وتدريب كوادر محلية، هذا النمط من التدخلات يُنظر إليه على أنه استثمار في البنية التحتية المستقبلية لليمن، لا مجرد دعم إنساني أو طارئ.
يقول الصحفي اليمني: عبدالخالق مثنى: “هذه المشاريع لم تعد مجرد مبادرات ظرفية، بل هي استثمار مباشر في مستقبل اليمن والشعب. لقد ساعدت فعلياً في تقليل الاعتماد على المشتقات النفطية وتحويل الطاقة الشمسية من فكرة إلى واقع يخدم مئات آلاف الأسر ، لقد تحسنت حياة الناس بشكل كبير ر.”
اليمن على خارطة الطاقة المتجددة
بحسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، يمتلك اليمن واحداً من أعلى معدلات الإشعاع الشمسي في المنطقة، مما يجعله مؤهلاً ليصبح مركزاً إقليمياً للطاقة الشمسية إذا استمرت الاستثمارات.
تقرير الوكالة الصادر في يوليو 2025 أشار إلى أن “النجاحات في عدن وشبوة والمخا تمثل نموذجاً يمكن البناء عليه لتوسيع نطاق المشاريع في بقية المحافظات، شرط توفر بيئة سياسية وأمنية مستقرة.”
نحو 2030: أهداف وطموحات
تطمح الحكومة اليمنية من خلال الشراكة مع الامارات والدعم الإماراتي لهذا التحول الاستراتيجي إلى رفع حصة الطاقة المتجددة إلى 30% بحلول 2030، عبر التوسع في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وبناء شبكات ذكية أكثر مرونة، ورغم أن هذا الهدف يبدو طموحاً وسط واقع الحرب والأزمات، إلا أن ما تحقق حتى الآن يُظهر إمكانية واقعية للتحول.
الخبير الاقتصادي اليمني أحمد غالب يختصر التحدي بالقول: “كل ميجاواط من الطاقة الشمسية يعني استيراد وقود أقل، وانبعاثات أقل، وضغطاً أقل على العملة المحلية. هذا ليس ترفاً بيئياً، بل خيار بقاء اقتصادي.”
فرصة لا ينبغي أن تضيع
وسط الأزمات المركبة التي يعيشها اليمن، تبدو الطاقة المتجددة واحدة من الفرص القليلة التي تحمل في طياتها بُعداً اقتصادياً واجتماعياً واستراتيجياً. وإذا استمرت الشراكات الإقليمية والدولية في دعم هذا المسار، فإن البلاد قد تجد نفسها بعد سنوات ليست بعيدة على طريق مختلف تماماً، حيث تتحول أزمة الطاقة من عبء خانق إلى فرصة لإعادة البناء على أسس أكثر صلابة واستدامة.

You may also like