Home مقالاتشيكات بلا رصيد سياسي!

شيكات بلا رصيد سياسي!

بشار جرار

by sadmin

اسواق جو – دخل الإغلاق الحكومي أسبوعه الثاني. حتى ساعة إعداد هذه المقالة، بدت تباشير الانفراج فيما يخص البند الخاص بتمويل الرعاية الصحية. «المفاوضات مستمرة» بحسب ترمب الإثنين، عشية اجتماع مطول لإدارته هو الأول الذي ينعقد في ظل إغلاق. لكن حرب الإرادات مع الحزب الديموقراطي وبخاصة بين الرئيس دونالد ترمب وزعيمي الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك تشومر، وخليفة نانسي بوليسي، زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب حكيم جِفرِس، أسفرت عن أطول إغلاق حكومي بتاريخ أمريكا واستمر خمسة وثلاثين يوما في الولاية الأولى لترمب.
بصرف النظر عن الحال الذي سيكون عليه يوم نشر هذه المقالة فيما يخص الإغلاق الحكومي، فإنها وخلافا لما يتندر البعض حوله دائما ويتنمر أحيانا، أعني سياسة الإغلاق الحكومي كأداة تشريعية هي إحدى عبقريات الآباء المؤسسين لأمريكا، وقد انفردت فيه الولايات المتحدة وتميّزت.
العبرة ليست بالضرورة في تقديم موازنة متوازنة تتساوى فيها الإيرادات مع النفقات بأنواعها التشغيلية والرأسمالية، بل في التحقق من أن كل سنت (فلس) ينفق أو يستثمر أو حتى تتم الموافقة على استدانته في محله، في المكان والزمان والكيفية المناسبة. المال -المال العام خاصة- «مش سايب»! تلك أموال دافع الضرائب الأمريكي والجميع مستأمن على إنفاقه بأمانة. وقد كان مستفزا للغاية أن يتم صرف المليارات على مهاجرين أو مقيمين أو متسللين بشكل غير شرعي بدعوى الاعتبارات الإنسانية وما هي في حقيقة الأمر إلا مصالح حزبية يتم توظيفها على جبهتين: التجنيس الجائر أو غير المستحق أو الفاقد للشروط الموضوعية، وفي مقدمتها الأمن والرغبة الحقيقية في الاندماج في المجتمع. أو -وتلك مسألة تراكمت عليها الأدلة- توظيف من يسمون «ناشطين» على وعود بالإقامة أو اللجوء أو المواطنة في حال تمت خدمة أجندة حزب أو بالأصح تيار بعينه، وهم بصريح العبارة اليسار المتطرف المتحالف مع أي شيء وكل شيء، ما دام الهدف إسقاط وإفشال الطرف الآخر في «اللعبة الديموقراطية»، وهي في هذه الحالة «ماغا» -اختصارا لشعار «لنجعل أمريكا عظيمة مجددا»، وترمب، وليس فقط الجمهوريين أو المحافظين.
كاد ترمب في حديثه أمام الصحافة في البيت الأبيض بعد ظهر الإثنين، المقارنة بين مفاوضاته مع حماس ومفاوضاته مع الديموقراطيين! هدنة في غزة يحولها إلى سلام شرق أوسطي، وانفراج مع الحزب الديموقراطي ينهي الإغلاق الحكومي بعد أن سجل هدفه كما يقال في «التسعين» ومن منتصف الملعب استعدادا لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس العام المقبل.  شعاره في الحملة الانتخابية الأخيرة فيما يخص حرب أوكرانيا وتبناه يومها الرئيس السابق لمجلس النواب كيفين مكارثي الذي انتزع المطرقة من بيلوسي، كان «لا شيكات على بياض بعد الآن لتمويل حرب أوكرانيا». اليوم يقولها ومعه غالبية مجلسي الشيوخ والنواب: لا شيكات بلا رصيد سياسي! فصاحب المال هو الشعب الأمريكي أو «دافع الضرائب» الأمريكي. وقد تعالت أصوات قياديين من «ماغا» والمحافظين ماليا واقتصاديا في المجلسين، بينهما النائبة الجمهورية مارجوري تيلور غرين المعروفة اختصارا ب «إم تي جي»، والسيناتور الجمهوري المخضرم راند بول بأن الهدف للحركة كان ومازال موازنة الميزانية الأمريكية، والكف عن الاستدانة، داخليا وخارجيا. كل ما يحتاجه ترمب خمسة أصوات في مجلس الشيوخ يستميلها من الحزب الديموقراطي لينتهي الإغلاق «التشريني» قبل حلول عيد الشكر الأمريكي أو -وهذا ما يتصارع عليه الحزبان- إحداث تغيير في توزيع نفوذ جناحي الحزبين الجمهوري والديموقراطي في المجلسين، فيما يخص السياسة المالية من حيث أولويات الإنفاق الذي ينبغي أن يبقى على المواطن الأمريكي قبل وفوق أي اعتبار آخر. ما يلزم الداخل يحرم على الخارج.. هذا المنطق الأكثر انتشارا وترسيخا في العالم كله، وليس بلاد العم سام وحدها.

الدستور

You may also like