Home مقالاتتخيّلوا أننا دولة نفطية…

تخيّلوا أننا دولة نفطية…

خالد النعيمات

by sadmin

شطحات اقتصادية 

الخروج عن المألوف ربما يجعلنا أحيانًا نقترب من فهم الواقع أكثر ممّا لو بقينا نفكّر بالطريقة نفسها، وبالأسلوب ذاته، وسط الظروف ذاتها، ونتوقّع نتائج متشابهة في كل مرة.

فمثلًا، لو تخيّلنا أن الأردن دولة منتجة للنفط بكميات تجارية تغطي احتياجاته المحلية ويفيض منها المقدار نفسه للتصدير، فما الذي يمكن أن يحدث؟

نعلم أن الأردن يستهلك محليًا ما يقارب 130 ألف برميل نفط خام يوميًا. ولغايات هذه “السطحة”، لنفترض أنّ الأردن يتعامل مع خام برنت، ما يعني حاجته إلى ما يزيد على 3 مليارات دولار لتغطية استهلاكه المحلي من الخام سنويًا.

كما نعلم أن الأردن يستورد 90% من هذه الاحتياجات، أي أنّه يدفع سنويًا نحو 2.8 مليار دولار لهذه الغاية، دون احتساب الكلف الأخرى المرتبطة باللوجستيات وسلاسل الإمداد وغيرها.

وتقول الفرضية إننا أمام دخل إضافي في حال صدّرنا الكمية نفسها التي نستهلكها محليًا وبالأسعار العالمية ذاتها لخام برنت؛ أي إننا سنحصل على 3 مليارات دولار إضافية من “نفطنا المتخيَّل”. وكما تعلمون، يبلغ عجز الموازنة حاليًا 2.3 مليار دينار (أي ما يزيد على 3.2 مليار دولار)، وبالتالي سنبقى في حالة عجز، وإن كان أقلّ حدّة.

مبدئيًا، لن نعالج عجز الموازنات المزمن، حتى لو انضممنا إلى منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك). سيقول البعض: ما هذا الحظ العاثر؟ وأذكّركم أننا ما زلنا نعيش في عالم الخيال.

في ظل هذا الخيال، لن نكون قادرين على سداد مديونيّتنا التي بلغت –حسب الأرقام الرسمية– أكثر من 45 مليار دينار (64 مليار دولار)، وتشكل اليوم 118% من الناتج المحلي الإجمالي. لكن، ربما لو نظرنا إلى عامل آخر مهم وهو أنّ الناتج المحلي سيرتفع، لتبدو المشكلة أخفّ… لنرَ!

فالناتج المحلي الإجمالي للأردن يزيد قليلًا على 53 مليار دولار (حسب بيانات العام الماضي). ولو عدنا إلى “عالم الخيال”، فإن ما سنبيعه من النفط سيرفع الناتج بمقدار 3 مليارات دولار، ليصبح 56 مليار دولار، وعليه سترتفع نسبة النمو الاقتصادي، وسنكون بالتالي قادرين على تحقيق استقرار نسبي، وربما نمو يلامس 3% في الظروف الحالية.

طبعًا، هذه فرضية لا تتناول أثر الفائض النفطي في رفع مستويات الإنتاج في القطاعات الاقتصادية الأخرى، وزيادة الصادرات، ومعالجة مشاكل الميزان التجاري، وتحسين جودة الحياة، وغيرها من الفوائد الكبيرة.

المقصود أننا نبقى ننفق… وننفق… على أمور لا تدرّ عوائد في الأغلب، ثم نتوقّع أن يتحسن الأداء الاقتصادي، وينمو اقتصادنا، وينخفض عجز الموازنة… وهذا مدعاة للسخرية.

لهذا يعاني الأردن اقتصاديًا… لأننا نتكئ على نفطٍ وهمي اسمه “عالم الخيال”.
مقارباتنا في الأردن مبنيّة على أساس أننا دولة نفطية، فننفق بعقلية تلك الدول التي بدأت معظمها أصلًا بتغيير واقع اعتمادها على النفط كمصدر رئيس للدخل.

وللحديث بقية…

You may also like